صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

(العالم الجديد) في متحف أموس أندرسون الفنلندي: احتضن معرضا عن تاريخ العراق افتتحه طارق عزيز عام 1977

في معظم مدن أوروبا تنتشر عشرات المتاحف بموضوعات مختلفة، متاحف للتراث، متاحف للفن القديم، وللفن الحديث، ولمجموعات قومية، لمدن، وحروب، وصناعات بحرية، وحتى آلات الموسيقى. بعض تلك المتاحف تتبع الدولة وأخرى يديرها القطاع الخاص.

العاصمة الفنلندية هلسنكي ليست استثناء من ذلك، حيث تتوزع في زواياها سلسلة طويلة عريضة من المتاحف، بينها متحف \”أموس أندرسون-Amos Andersonin\” الذي يعد من أشهر متاحف القطاع الخاص.

(العالم الجديد) في متحف أموس أندرسون الفنلندي: احتضن معرضا عن تاريخ العراق افتتحه طارق عزيز عام 1977

مبنى متحف أموس أندرسون 

المتحف وقصة بداياته تقود بالضرورة للحديث عن شخصية \”Amos Andersonin\” رجل الأعمال المثابر، الصحفي، البرلماني المحب للثقافة والفن والذي سخّر ثروته لخدمة تلك المجالات.

لعائلة فلاحية ولد أندرسون عام 1878 في مدينة \”كميو-Kemiö\” أقصى جنوب غرب فنلندا، درس الاقتصاد في مدينة \”توركو\” وسافر إلى خارج البلاد لإكمال مشواره الدراسي، عاد إلى فنلندا بعد بضع سنوات واستقر في هلسنكي ومن العاصمة أخذ ينمو طموحه الاقتصادي. شيئا فشيئا نمت ثروته فاشترى عقارات وسط المدينة، استثمر في الإعلام واشترى بعض الصحف الصادرة باللغة السويدية في فنلندا، وترأس تحرير أشهرها لمدة 23 عاما. المشهور عن أموس أندرسون انه رجل بشخصيتين، في الصباح رجل أعمال مثابر ناجح وجاد جدا، وفي المساء مثقف وصحفي قريب من الوسط الفني والثقافي، كان يقتني اللوحات المهمة ويحتفظ بها في بيته الذي بناه عام 1913 ويتكون من ستة طوابق. وبعد مدة من الزمن امتلأت صالات البيت بعشرات اللوحات الثمينة جدا، لتشكل نواة متحف أندرسون. 

(العالم الجديد) في متحف أموس أندرسون الفنلندي: احتضن معرضا عن تاريخ العراق افتتحه طارق عزيز عام 1977

من مقتنيات أموس أندرسون الخاصة 

والى جنب العديد من المشاريع التي أسّسها أموس أندرسون أسّس عام 1940 جمعية خيرية معنية بدعم النشاطات الفنية والثقافية في فنلندا وخارجها، وقد أوصى ان ترث تلك الجمعية جميع ما يملك، وهذا ما حصل. 

بعد وفاته عام 1961 بأربع سنوات جمعت تلك اللوحات التي كان يقتنيها أندرسون وأسّس منها متحفه الذي تكفلت بإدارته تلك الجمعية. من طوابق المتحف الست 4 مفتوحة أمام الزوار وتشهد فعاليات فنية وثقافية على مدار العام، وقد خصص الطابق الخامس لحياة أندرسون الخاصة ومقتنياته الشخصية.

(العالم الجديد) في متحف أموس أندرسون الفنلندي: احتضن معرضا عن تاريخ العراق افتتحه طارق عزيز عام 1977

من مقتنيات أندرسون الخاصة 

وأشهر ما أقيم في المتحف من فعاليات هو معرض \”تاريخ بلاد ما بين النهرين\” الذي استمر من 18 آب وحتى 13 تشرين الثاني عام 1977.

 

(العالم الجديد) في متحف أموس أندرسون الفنلندي: احتضن معرضا عن تاريخ العراق افتتحه طارق عزيز عام 1977 

جانب من معرض \”تاريخ بلاد ما بين النهرين\” 

هذا المعرض جاء ضمن سلسلة معارض عن تاريخ العراق وآثاره قررت الدولة العراقية في السبعينيات تنظيمها في دول مختلفة.

(العالم الجديد) في متحف أموس أندرسون الفنلندي: احتضن معرضا عن تاريخ العراق افتتحه طارق عزيز عام 1977 

من معرض \”تاريخ بلاد ما بين النهرين\” 

وبدأت السلسلة من اليابان حيث أقيم عام 1975 المعرض الآثاري تحت عنوان \”بلاد ما بين النهرين\” وقد ضم قرابة 220 قطعة أثرية أرسلها المتحف الوطني العراقي.

(العالم الجديد) في متحف أموس أندرسون الفنلندي: احتضن معرضا عن تاريخ العراق افتتحه طارق عزيز عام 1977 

من القطع الأثرية في المعرض 

وبعد ذلك بسنتين تنقّل ذات المعرض بين 6 مدن أوروبية بدءا من ستوكهولم عاصمة السويد حيث أقيم العام 1977 على قاعتي \”statens historiska museum، Medelhavsmuseet\”، ثم انتقل إلى العاصمة النرويجية أوسلو حيث أقيم على قاعة \”nasjonalmuseet\” من أيار وحتى نهاية تموز 1977.

(العالم الجديد) في متحف أموس أندرسون الفنلندي: احتضن معرضا عن تاريخ العراق افتتحه طارق عزيز عام 1977 

من القطع الأثرية في المعرض

وبعد النرويج وصل المعرض هلسنكي وأقيم في متحف أموس أندرسون، ثم انتقل بعد ذلك إلى بروكسل عاصمة بلجيكا وأقيم هناك من كانون الأول 1977 وحتى كانون الثاني 1978. 

(العالم الجديد) في متحف أموس أندرسون الفنلندي: احتضن معرضا عن تاريخ العراق افتتحه طارق عزيز عام 1977 

من قطع المعرض

المعرض انتقل لاحقا إلى العاصمة الدنماركية كوبنهاغن حيث أقيم هناك من شباط وحتى أيار 1978، ليختتم في مدينة هيلدسهايم بألمانيا الغربية على قاعة \”متحف رومر\” من حزيران وحتى أيلول 1978.

 

(العالم الجديد) في متحف أموس أندرسون الفنلندي: احتضن معرضا عن تاريخ العراق افتتحه طارق عزيز عام 1977 

من قطع المعرض 

وحين استقر المعرض في هلسنكي افتتحه الرئيس الفنلندي آنذاك \”أورهو ككونن-Urho Kekkonen\” ووزير الإعلام العراقي آنذاك طارق عزيز الذي كان على رأس وفد كبير ضم دبلوماسيين وعلماء آثار منهم الآثاري مؤيد سعيد دميرجي ووكيلة مدير المتحف آنذاك الآثارية مهاب البكري وغيرهم ممن زاروا فنلندا لتنظيم ذلك الحدث الذي حظي باهتمام إعلامي استثنائي وشهد إقبالا جماهيريا منقطع النظير من فنلندا وخارجها، حيث قدم عشرات الآلاف من بقية بلدان اسكندنافيا لمشاهدة ذلك الحدث غير المسبوق. 

(العالم الجديد) في متحف أموس أندرسون الفنلندي: احتضن معرضا عن تاريخ العراق افتتحه طارق عزيز عام 1977 

من أجواء افتتاح المعرض

وتوثيقا لذلك الحدث فاتحت المتحف بالاطلاع على ما يملكه من أرشيف حول ذلك المعرض الاستثنائي ففوجئت بأربع رزم كبيرة توثق كل ما دار آنذاك.

(العالم الجديد) في متحف أموس أندرسون الفنلندي: احتضن معرضا عن تاريخ العراق افتتحه طارق عزيز عام 1977 

من أرشيف المعرض 

والاحتفاظ بالأرشيف ميزة مهمة جدا لكل مؤسسة، لكن الأهم هو الطريقة التي تتم فيها الأرشفة، لقد أذهلتني أهمية وحجم التفاصيل التي تم الاحتفاظ بها، وجدت كتبا، برقيات، وثائق بلغات مختلفة. وجدت صورا وقصاصات لوسائل إعلام فنلندية تحدثت عن المعرض، وجدت أوراقا كتبت بخط اليد ووجدت كل شيء يتعلق بالمعرض. 

عرض الأرشيف أمامي وكأنه رزم قبل شهر وليس لحدث يعود للعام 1977.

(العالم الجديد) في متحف أموس أندرسون الفنلندي: احتضن معرضا عن تاريخ العراق افتتحه طارق عزيز عام 1977 

مختصون يفتحون صناديق الآثار 

وعلى هامش ذلك المعرض أهدى الوفد العراقي قطعا أثرية إلى الرئيس الفنلندي، فأهداها الأخير لاحقا إلى المتحف الوطني الفنلندي.

(العالم الجديد) في متحف أموس أندرسون الفنلندي: احتضن معرضا عن تاريخ العراق افتتحه طارق عزيز عام 1977 

الوفد العراقي في المعرض

غير أن الحكومة الفنلندية احتفظت بتلك الآثار بعيدا عن الأضواء ولم تعرض للملأ، رافضة مؤخرا طلبا لإرجاعها بحجة تعرض الآثار في العراق إلى الضياع والتلف.

(العالم الجديد) في متحف أموس أندرسون الفنلندي: احتضن معرضا عن تاريخ العراق افتتحه طارق عزيز عام 1977 

من المعرض أيضا 

مثير متحف أموس أندرسون ابتداء من مؤسسه وليس انتهاء بكثير من الأحداث التي شهدها، والتجوال في المتحف لا يعني لأمثالي استعراض تاريخ من الفن فحسب، بل تاريخ من القصص المثيرة بشأن ارث العراق الموزع على جميع البلدان.

أقرأ أيضا