على رقعة جرداء قُرب مدينة السليمانية ثاني أكبر مدن إقليم كردستان نُصبت ٥٠٠ خيمة بيضاء مغبرة تحمل شعار اليونيسيف الزاهي، هو اللون الوحيد البارز في ذلك العراء الذي صار موقع \”مخيم عربت للاجئين السوريين\”.
ويأوي المخيم ١٨٠٠ لاجئ نزحوا مع ما يقارب ٥٠ ألفا آخرين، أغلبهم من القومية الكردية، إلى إقليم كردستان، شمال العراق، حيث تفرقوا في مدنه منذ منتصف آب الماضي وهو تاريخ فتح معبر فيشخابور الواقع على نهر دجلة رابطا طرفي الحدود العراقية والسورية.
ومن المتوقع أن يستمر تدفق اللاجئين في ظل وصول المعارك إلى المناطق الكردية، شمال شرقي سوريا، فيما تقدر أعداد اللاجئين السوريين في إقليم كردستان بـ200 ألف، حسب المنظمات التابعة للأمم المتحدة.
كيف يتدبر اللاجئون شؤونهم المعيشية؟
تمكنت \”العالم الجديد\” من زيارة مخيم \”عربت\” في أثناء بادرة نظمتها مدرسة ميديا الخاصة في السليمانية برعاية اليونيسيف لتشجيع أطفال المخيم على الدراسة. اصطف الأطفال اللاجئون في خط طويل ليمروا على طاولات جهزتها الحملة التي حملت عنوان \”أهلا مدرستي\” بقرطاسيات وأدوات عناية شخصية وعلب حليب صغيرة.
ولا مقاربة أمام قسوة تجسد المفارقة في مشهد طلاب المدرسة الخاصة الذين صفقوا لأنفسهم اثر المدح الذي أكيل لهم على أنهم جيل يقدر الخير والتطوع وضحى بيوم عطلته لزيارة المخيم. جرى ذلك وسط تجمهر أطفال اللاجئين الذين لم يحصل نصفهم على أي شيء اثر نفاد الهدايا التي جهزت لتوزع على ٢٥٠- ٣٠٠ طفل فقط.
ووفقا لأثير علي ياسين، منسق الطوارئ في اليونيسيف بالسليمانية، فان المفوضية العليا للاجئين مسؤولة عن إدارة المخيم والـ٣٧٠ عائلة فيه.
وتابع قائلا لـ\”العالم الجديد\” إن \”الخيم مجهزة بالكهرباء وتوجد عيادة للطوارئ، أما فيما يخص الطعام فان الأُسر تُغذى على وجبات مطبوخة\”.
مخيم عربت، السليمانية (العالم الجديد)
المنفى البائس
ما الأقسى… رعب يفترسك وعائلتك مع كل وابل صواريخ يرشق مدينتكم.. أم مكوثكم في منفى؟
سؤال أجابت عنه الطفلة \”جيهان محمد\” التي تبلغ من العمر 14 عاما، دون تردد بالقول \”هنا كتير حلو، ننام بأمان\”.
وكانت جيهان تعيش مع أسرتها في دمشق حيث تتذكر \”صوت الطائرات كان يرعبنا. مع كل غارة كنا ننتظر أن يتهدم البيت على رؤوسنا، فهربنا إلى القامشلي حتى اشتعلت المعارك هناك فغادرنا مجددا\”.
وقدمت جيهان قبل حوالي شهر من القامشلي صحبة أسرتها وأسرة عمها بما عليهم من ثياب.
ويواصل الأطفال السوريون تسديد الفواتير الباهظة، فمذ بدء الصراع في آذار ٢٠١١ واستمراره حتى الآن؛ تشير آخر الإحصاءات إلى أن هناك نحو 740 ألف طفل سوري (دون سن 11 عاما) لاجئ. وبحسب مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، فقد قتل حوالي 7 آلاف طفل داخل سورية في الحرب، فضلا عن تقديرات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين واليونيسيف بوجود أكثر من مليوني طفل نزحوا داخليا في سوريا، وأكثر من 3500 طفل عبروا الحدود السورية إلى الدول المجاورة إما غير مصحوبين أو منفصلين عن ذويهم.
ولن ينهي الأمر بنجاتهم من جحيم الموت هناك، إنهم \”الجيل الضائع\” بحسب وصف اليونيسيف، ويشكلون ما نسبته 50% من مجمل أعداد اللاجئين السوريين.
ومنذ العام الدراسي الماضي تسرّب ما يقرب من مليوني طفل سوري من الدراسة، وهو ما يعادل 40% من التلاميذ المسجلين في الصفوف من الأول إلى التاسع. وفي العراق، بالتحديد، 9 من 10 أطفال لاجئين غير منتظمين في الدراسة.