صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

العاهل الأردني يعيد لـ”المقبرة الملكية” في بغداد ألقها.. وانتقادات لإهمال معالم العاصمة

بعد عقود من الإهمال، شهدت المقبرة الملكية في بغداد إعادة ترميم، حوّلها الى موقع مميز وكأنه حديث الإنشاء، وهذا لم يكن ضمن خطة استراتيجية للنهوض بواقع مدينة الأعظمية التي تضم المقبرة، ولا لترميم مواقع العاصمة التاريخية والاثرية، بل بسبب الزيارة المرتقبة للعاهل الاردني، ما جعل نخبا سياسية وادارية تنتقد حالة الارتجال الحكومية، ورهنها بالزيارات الدولية، مؤكدة أنه يعكس “صورة سيئة” عن البلد.

بعد عقود من الإهمال، شهدت المقبرة الملكية في بغداد إعادة ترميم، حوّلها الى موقع مميز وكأنه حديث الإنشاء، وهذا لم يكن ضمن خطة استراتيجية للنهوض بواقع مدينة الأعظمية التي تضم المقبرة، ولا لترميم مواقع العاصمة التاريخية والاثرية، بل بسبب الزيارة المرتقبة للعاهل الاردني، ما جعل نخبا سياسية وادارية تنتقد حالة الارتجال الحكومية، ورهنها بالزيارات الدولية، مؤكدة أنه يعكس “صورة سيئة” عن البلد.

ويقول النائب عن تحالف سائرون محمود الكعبي، في حديث لـ”العالم الجديد” إن “توفير الخدمات منوط بالمؤسسات الحكومية، ومن المفترض ان لا نبقى نعمل وفق ردات الفعل وعند كل زيارة دولية، يجب ان تكون هناك دراسة وسياسة ممنهجة وخطط قصيرة او بعيدة المدى للتطوير“.

ويستدرك “لكن هناك الكثير من المشاكل، فالبلد منذ العام الماضي دون موازنة اتحادية، والان سندخل في الشهر الرابع من هذا العام وهي لغاية الان لم تقر، لكن من جانب اخر هناك مؤسسات حكومية تعمل وفق التخصيصات والايرادات، سواء من الجباية او غيرها، وحتى هذه الموارد التي تصل الى المؤسسات يجب ان تدخل الخزينة العامة ومن ثم يعاد تخصيصها، وبسبب تأخر الموازنة لم تستلم هذه المؤسسات اي من اموالها“.

ويلفت الى أن الكثير من المؤسسات، سواء أمانة بغداد أو بلديات المحافظات مرت بهذه المشكلة بسبب الموازنة، لكن الواجب هو أن تكون هناك خطط موضوعة، لكن نعود الى العائق الاول وهو الاموال اللازمة لتقديم هذه الخدمات“.

ويبين أن “زيارات الزعماء للعراق مهمة، ويجب ان يظهر البلد بشكل يليق بسمعته وتاريخه، وتقديم هذه الخدمات خلال هذه الزيارات من قبل الحكومة يأتي من باب انصاف البلد، فزيارة البابا فرنسيس للعراق، رافقه فيها 75 محطة عالمية، وكذلك الحال بالنسبة للزعيمين المصري والأردني، لذلك يجب ان تظهر المواقع ضمن بروتوكول الزيارة بمظهر لائق“.

وشهدت المقبرة الملكية في منطقة الاعظمية شمالي بغداد، والتي تضم رفات الملكين غازي وفيصل الأول، حملة ترميم كبيرة، حولتها الى مرفق استئنائي بعد عقود من الاهمال، الامر الذي قربها من الاندثار، اضافة الى رفع صور العاهل الاردني عبد الله ابن الحسين فيها.

Image

ومن المفترض ان يصل العراق في الساعات المقبلة، كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني، وحسب البروتوكول المعد، سيجري الأخير زيارة الى المقبرة الملكية، نظرا لامتداد جذوره الى ذات العائلة الهاشمية التي كانت تحكم العراق والاردن، قبل سقوط النظام الملكي وتحوله الى جمهورية في العراق

 وتأتي هذه الزيارة الاستثنائية، لعقد قمة ثلاثية بين العراق ومصر والاردن، وهي استكمال للقمة التي عقدت بعمان في أب أغسطس 2020، ومن المفترض ان توضع في هذه القمة اللمسات الاخيرة للاتفاقية الثلاثية، التي تركز على الاقتصاد بحسب المعلن، فيما تضم في طياتها خططا سياسية عديدة، ابرزها مشروع “المشرق الجديد” أو “الشام الجديد” الذي اقترحته واشنطن، وذلك بحسب تقرير سابق لـ”العالم الجديد“.

الى ذلك، يشير السياسي المستقل وعضو مجلس محافظة بغداد السابق سعد المطلبي، في حديث لـ”العالم الجديد” الى ان “الوضع العراقي الذي يسبق زيارة اي مسؤول، وخاصة ما حدث عند زيارة بابا الفاتيكان للعراق، مضحك فما جرى من تعبيد للطرق وتطوير وعمليات ترميم كبيرة باوقات قياسية لم نلاحظها في اي وقت آخر“.

ويؤكد المطلبي أن “الدولة تمتلك الاموال الكافية واللازمة للقيام بهذه الخدمات التي هي من حق كل انسان، ولديها الايادي العاملة والقوانين التي تنظم هذه الخدمات، لكن التخبط وسوء الادارة الحاصل على مر السنين السابقة هو ما اوصلنا إلى ما نحن عليه الان”، مبينا “فيما يخص العاصمة بغداد، فان امانة العاصمة مرتبطة برئاسة الوزراء، لذا فهي من تتحمل ما يجري من اهمال وتقصير واضح في خدمة المواطنين وهي مسؤولة عن ظاهر وباطن العاصمة“.

وحول الاستعدادت الجارية لاستقبال الرئيس المصري والعاهل الاردني، وتطوير المقبرة الملكية، يبين ان “الحكومة تعكس صورتها السيئة من حيث لا تعلم عبر هذه الخدمات الاعلامية والشكلية التي تقدمها خلال المناسبات والزيارات“.

يذكر ان مدينة اور الاثرية في ذي قار، التي تضم الزقورة وبيت النبي ابراهيم الخليل، شهدت وصول التيار الكهربائي لها ووضع اعمدة الانارة، لاول مرة بتاريخها، وذلك بالتزامن مع زياة البابا فرنسيس لها، فضلا عن ترميم الطرق المؤدية لها ووضع المشيدات لاستقبال الزائرين، لكن ما جرى بعد انتهاء الزيارة، كان اكثر غرابة، وبحسب تصريح لمدير متحف ذي قار عامر عبد الرزاق لـ”العالم الجديد” في مطلع الشهر الحالي، فان مولدات الكهرباء في اور كانت مستأجرة وتمت إعادتها بعد خروج البابا من ذي قار.

Image

وبهذا الصدد ايضا، تؤكد عضو مجلس محافظة بغداد السابق، هدى جليل في حديث لـ”العالم الجديد” أن “العراق بدأ يتغير بحكم موقعه الاستراتيجي وما يحمله من عمق ديانات، وهو ما يجعله محط انظار لزيارات من شخصيات كبيرة، ولكن ما يجب تسليط الضوء عليه هو الخدمة المقدمة من قبل الحكومات المتصدية خلال هذه الزيارات من تعبيد واعمار وغيرها خلال ايام معدودة“.

وتلفت الى ان “من الضروري ان تنظر الحكومة للمواطنين الذين يعانون من سوء الخدمات، لا سيما انها قادرة على فعل اي شيء، لكن ما لا تستطيع ان تفعله هو توحيد الفكرة لخدمة المواطن الذي هو من حقه ان يعيش بمستوى عال من الخدمات”، مضيفة “نعيش حالة من التراجع وبشكل مستمر، واذا لم تكن الإرادة الحقيقية موجودة فاننا من دونها سنعيش في دوامة الخدمات إلى ما لا نهاية“.

وتوضح ان “أغلب مواطني العراق يسافرون للسياحة، وهم يشاهدون ما تقدمه الحكومات في الخارج لمواطنيها، لكننا وبحسب ما نلاحظه في العراق فان كل كيان يعتني ويخدم وما يهم مصلحته ومصلحة جمهوره، ولا نرى سعيا حقيقيا لانقاذ الوضع الراهن بالبلاد“. 

ويعود تاريخ إنشاء المقبرة الملكية، بين عامي 1934 – 1936، على يد المعماري البريطاني جي بي كوبر، وهي عبارة عن مبنى تحيطه الشوارع من جميع الجهات ليكون اشبه بالجزيرة، وبني بأسلوب العمارة الإسلامية ولهُ ثلاث قباب مكسوة بالسيراميك الأزرق، ومزخرف بزخارف إسلامية.

وبني مبنى المقبرة الملكية من صخر الجلمود المسمى (حجر الشاطئ) وهي مغلفة بالطابوق أما الأبواب والنوافذ فمصنوعة من خشب الصاج.

وتضم المقبرة رفات العائلة الملكية العراقية، وكانت تُسمّى كذلك الضريح الملكي، وتتضمن قبور الملك فيصل الأول (1883-1933)، والملك غازي (1912-1939)، والملك فيصل الثاني، (1935-1958)، ودفنت في المقبرة الملكة حزيمة والملكة عالية وبعض الأميرات، وفي مدخل آخر يرقد الوصي عبد الإله وطفلة اسمها مريم كان عبد الإله قد تبناها، بالإضافة إلى قبر الملك علي بن الحسين ملك الحجاز (1879-1935)، وقبور بعض أخوة وأقارب الملوك.

وفي حديقة المقبرة الملكية يوجد قبران من غير العائلة المالكة، أحدهما يعود إلى جعفر العسكري الذي كان أول وزير دفاع بعد تشكيل الحكومة العراقية 1921، ودفن في المقبرة تكريماً له، أما القبر الآخر فهو لرستم حيدر رئيس التشريفات الملكية ووزير المالية.

إقرأ أيضا