صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

العراق والتشيك.. شراكات دولية وآفاق تعاون جديدة

في ظل التغيرات الجذرية بسياسة العراق الخارجية لتعزيز انفتاحه على دول العالم وبناء شراكات استراتيجية، تهدف إلى تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والتنمية المستدامة، رعى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ونظيره التشيكي، بيتر فيالا، اليوم الخميس، توقيع اتفاقية وخمس مذكرات تفاهم وذلك في خطوة لتعزيز الشركات الدولية بين البلدين وفتح آفاق جديدة للتعاون.

وبحسب بيان للمكتب الإعلامي للسوداني تلقته “العالم الجديد”، فقد رعى الأخير ونظيره التشيكي “مراسم التوقيع على اتفافية وخمس مذكرات تفاهم في مجالات عدة، وذلك في إطار زيارة السوداني الرسمية إلى العاصمة التشيكية براغ، التي وصلها اليوم الخميس”.

ووفقاً للبيان، فقد “جرى توقيع اتفاقية النقل الجوي بين سلطتي الطيران المدني العراقي والتشيكي والتوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة النفط ووزارة الصناعة والتجارة التشيكية”.

كما شهدت المراسم “التوقيع على مشروع مذكرة تفاهم بين وزارتي الداخلية في كلّ من العراق والتشيك، ومذكرة تعاون بين اتحادَي الصناعات العراقي والتشيكي، ومذكرة تعاون بين اتحادَي الغرف التجارية العراقي والتشيكي، فضلاً عن خطاب نوايا مع وزارة البيئة العراقية”.

وبعد اجتماع رئيسي الوزراء السوداني، وفيالا، أصدرا بيانا مشتركا، تلقته “العالم الجديد”، أشادا فيه “بالتاريخ الطويل من الصداقة والتعاون المثمر ومتعدد المجالات بين البلدين”.

وأعرب رئيس الوزراء فيالا عن “تقديره للإنجازات الأخيرة التي حققتها حكومة العراق في طريقها نحو إرساء السلام الدائم والاستقرار والازدهار الاقتصادي، بما في ذلك دور العراق الريادي والقيادي في الحرب ضد الإرهاب”.

من جانبه، أشاد رئيس الوزراء السوداني بـ”مساهمة جمهورية التشيك المهمة في الجهود الدولية ضمن التحالف الدولي للقضاء على كيان داعش الإرهابي، فضلاً عن دعمها لجهود إعادة الإعمار والتنمية الإنسانية في العراق عقب الهزيمة الميدانية لداعش”.

وفي ظل التحول المستمر في الشراكة الأمنية متعددة الأطراف ضمن التحالف الدولي لمحاربة داعش، أكد الجانبان “أهمية استمرار التعاون ضد الإرهاب في هذا الإطار، سواء بشكل ثنائي او متعدد ضمن المنظمات الدولية ذات الصلة”، كما أشاد الجانب العراقي بـ”المساهمة المهمة التي تقدمها بعثة الناتو في العراق وبعثة الاتحاد الأوروبي الاستشارية في العراق، والتي تساهم فيها جمهورية التشيك”.

واستنادًا إلى اتفاقية التعاون الاقتصادي وتعزيز التجارة بين حكومتي جمهورية العراق وجمهورية التشيك، أكد الجانبان التزامهما بـ”تعزيز دور وفعالية اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي بين البلدين، والتي تدار بشكل مشترك من قبل وزارة الصناعة والمعادن العراقية ووزارة الصناعة والتجارة التشيكية، وذلك بهدف تقديم توصيات لتدابير من شأنها إطلاق فرص جديدة في مجالات التجارة والاستثمار والطاقة والتعاون الصناعي، والسعي لتحقيق مستويات أعلى من التجارة والاستثمار المتبادل بين البلدين”.

وأبدى الجانبان استعدادهما “لمواصلة الجهود لخلق الظروف المؤاتية للأعمال والمستثمرين للعمل في أسواق بعضهما البعض، من خلال التعاون ودعم أنشطة تعزيز التجارة”، كما أعرب الجانبان عن “رغبتهما في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري في مجالات، تشمل تكرير النفط الخام، الصناعة الكيميائية، التعدين ومعالجة المعادن، المسح الجيولوجي، تقنيات البيئة (خصوصًا إدارة النفايات المستدامة والاقتصاد الدائري، ومراقبة جودة الهواء، وإدارة الموارد المائية)، تطوير البنية التحتية، النقل، الطيران المدني، صناعة السكك الحديدية، معدات ومواد البناء، هندسة الطاقة والطاقة المتجددة، الصناعة الطبية والمعدات الطبية، بالإضافة إلى الآلات والمعدات الخاصة بالزراعة وتجهيز الأغذية”.

ورحب الجانبان بـ”توقيع اتفاقية خدمات النقل الجوي بين حكومتي البلدين، لما لها من أثر إيجابي على السياحة والتجارة المتبادلة”.

كما رحبَ الجانبان بـ”خطاب النوايا للتعاون في مجال حماية البيئة، الذي تم توقيعه بين وزارة البيئة لجمهورية العراق ووزارة البيئة لجمهورية التشيك، وأعربت وزارة البيئة التشيكية ومؤسساتها المعنية عن استعدادها لمشاركة خبراتها في مجال حماية جودة الهواء والمياه، وإدارة مخاطر الكوارث، والحفاظ على التنوع البيولوجي وإدارة المناطق الطبيعية المحمية، كما أعرب الجانب التشيكي عن استعداده لمشاركة المعلومات حول الأسس الاستراتيجية والقانونية لحماية الهواء والمياه، وتعريف الجانب العراقي بشبكة المراقبة والرصد الوطنية للمجالات المعنية”.

وإدراكاً لأهمية توفير إطار قانوني مناسب لخلق ظروف مشجعة للأعمال والمستثمرين للنشاط في اسواق البلدين، أعلن الجانبان “استمرار التفاوض بهدف التوصل الى اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب من دفع الضرائب المفروضة على الدخل ورأس المال، لأهميتها بغية توقيعها في القريب العاجل، إدراكا لأهمية الإطار القانوني الملائم لخلق الظروف المؤاتية للأعمال والمستثمرين للعمل في أسواق بعضهما البعض”، كما اتفقا على “توفير التعاون والدعم اللازمين لمواصلة المفاوضات بشأن اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة”.

وأكد رئيس الوزراء السوداني على “المشروع العراقي الضخم لتطوير البنية التحتية – وخاصة رؤية (طريق التنمية)، الذي يهدف إلى إنشاء ممر استراتيجي يربط الجنوب بالشمال لنقل الطاقة والركاب والبضائع بكفاءة، باعتباره فرصة استثمارية مهمة للموردين التشيكيين، وقد كلف رئيسا الوزراء اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي بتحديد القطاعات والمشاريع ذات الفرص المحددة بهذا الخصوص”.

وفي هذا السياق، رحب الجانبان بـ”المفاوضات بين لجنة الضمانات السيادية العراقية ومؤسسة ضمان الصادرات التشيكية (EGAP) حول صيغة اتفاق تتيح إمكانية تقديم ضمانات سيادية من قبل وزارة المالية الاتحادية لمشاريع استثمارية تنفذها شركات تشيكية في العراق، ومن شأن هذه الخطوة تسهيل دخول الشركات التشيكية إلى السوق العراقية، وزيادة حجم التبادل التجاري، ودعم تطوير القطاع الخاص في العراق، لاسيما في مشاريع البنية التحتية”.

كما أعرب الجانبان عن “رغبتهما في تعزيز التعاون في مجالات النفط والغاز، والاستفادة من الإمكانات الكبيرة لتصدير النفط الخام والمنتجات البتروكيماوية وغيرها من الموارد من جمهورية العراق إلى جمهورية التشيك، كما أكدا على أهمية تعزيز التعاون الثنائي في صناعة البتروكيماويات وقطاع الطاقة، وخاصة المشاريع المشتركة في توسيع قدرات تكرير النفط، وكذلك تطوير إنتاج الطاقة التقليدية والمتجددة في العراق، وبهذا السياق، يرحب الجانبان بتوقيع مذكرة التفاهم لهذا الغرض بين وزارة النفط لجمهورية العراق و وزارة الصناعة والتجارة لجمهورية التشيك”.

وأكد الجانبان على “أهمية استمرار التعاون الثنائي في المجال العسكري والصناعات الدفاعية، وأعرب الجانب التشيكي عن استعداده لتقديم الدعم الفني المستمر لتعزيز الجاهزية القتالية للقوات الجوية العراقية، فيما أكد الجانب العراقي اهتمامه بمواصلة هذا التعاون”.

وأبدى الجانبان، “استعدادهما لتعزيز التعاون في قضايا الهجرة بين الجهات المختصة في جمهورية العراق وجمهورية التشيك والبعثات الدبلوماسية لكلا البلدين”، كما أعرب الجانبان عن “عزمهما على تعزيز التعاون في منع ومكافحة جميع أشكال الجريمة المنظمة، وتكثيف تبادل المعلومات والخبرات بهدف ضمان حماية الأفراد في كلا البلدين”.

وفي هذا السياق، “رحب الجانبان بتوقيع مذكرة التفاهم بشأن التعاون الأمني بين وزارة الداخلية في جمهورية العراق ووزارة الداخلية في جمهورية التشيك”.

ووصل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، صباح اليوم الخميس، إلى العاصمة براغ في زيارة رسمية لجمهورية التشيك.

وكانت مصادر مطلعة، أفادت لـ”العالم الجديد”، بأن زيارة رئيس الوزراء محمد السوداني إلى التشيك سوف تركز على ملف الدفاع والتسليح والتدريب وتطوير التعاون الاقتصادي”.

وشهدت بغداد خلال حقبة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني زيارات عديدة من مسؤولين دوليين، كما أجرى السوداني زيارات إلى دول متعددة آخرها إلى بريطانيا.

وكان عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية عامر الفايز، أكد في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “العراق يشهد تحسناً في كافة علاقاته الدولية، ولذا نرى هناك زيارات أوروبية وعربية مختلفة إلى العاصمة بغداد، وإعادة فتح الكثير من سفارات الدول، وهذا ما يؤكد استعادة العراق لدوره الريادي والقيادي في المنطقة والعالم”، مبينا أن “توقيع مذكرات واتفاقات اقتصادية وأمنية مهمة للعراق خلال المرحلة المقبلة، يدعم عودة العراق لوضعه الطبيعي في العالم، فالعراق ما زال يحتاج الدعم الدولي بمختلف المجالات الاقتصادية والاستثمارية، وكذلك في مجال التعاون الأمني”.

وعانى العراق من عزلة سياسية استمرت لعقود منذ حرب الخليج الثانية في بداية التسعينات بعدما أغلقت أغلب السفارات أبوابها في بغداد وتعرضت البلاد إلى عقوبات وحصار اقتصادي قاس، وبعد سقوط النظام السابق في 2003 بقي ملف العلاقات الخارجية يعاني ضعفا في الأداء وترددا دوليا من فتح السفارات في بغداد بسبب الوضع الأمني والنهج الذي انتهجته الحكومات السابقة في اتباعها سياسة المحاور، لتبدء الانفراجة في هذا الملف بعهد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي الذي أكد، في حزيران يوليو 2022، أن البلاد تعاني من عزلة خارجية بسبب السياسات الخاطئة، لافتا إلى أن العراق ليس ضمن أي محور أو تحالف في المنطقة.

إقرأ أيضا