صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

العراق ولبنان ضحايا الملف السوري

من سوء حظ لبنان والعراق انهما يتأثران بشكل مباشر وسريع بما يدور من احداث في سوريا، يتأثران بشكل سلبي وايجابي ايضا، فإن امسكت المجموعات المسلحة في سوريا مزيدا من المدن وحققت انتصارات كبيرة تتمدد تلك المجموعات الى البلدين، فيرتفع سقف التنسيق بين المجموعات المسلحة الارهابية في سوريا من جهة، وبين المجموعات الارهابية في العراق ولبنان، مما ينتج عنه سلسلة من الهجمات الدموية ويعلو الخطاب الطائفي بشكل او بآخر.

في الاتجاه الاخر ايضا اذا ما حقق الجيش العربي السوري انتصارات على الارض ومالت كفة المعارك لجانبه فإن ردود الافعال الانتقامية للمحور الاخر بشكل عام تظهر في المناطق الرخوة وتتجلى على شكل موجات من العنف الدموي! وهذا ما يفسر التدهور الامني الكبير جدا الذي يشهده العراق منذ اندلاع النزاع المسلح في سوريا، كما يفسر ايضا النزعات المتطرفة التي ظهرت في لبنان والتي دعت لحمل السلاح، وضربت الضاحية الجنوبية بالسيارات المفخخة.  

هذا الانقسام الحاد في المواقف السياسية بين المحاور الاقليمية انعكس بشكل سلبي على المنطقة عموما والعراق ولبنان بشكل خاص. فما يحصل هو حرب وكالات بين اطراف مختلفة تجري على الاراضي العراقية واللبنانية.

في ذاكرة العراقيين ايام سوداء حصلت في الاعوام 2004-2006 بعد موجات من العنف الطائفي غير المسبوق، وفي ذاكرة اللبنانيين ارشيف دموي عن الحروب الاهلية، خصوصا تلك التي امتدت بين العام 1975 و1990. تلك الذاكرة المتوقدة تمثل شبحا يطل على مرأى ومسمع الابرياء في لبنان كلما شهدت منطقة الشرق الاوسط تصعيدا ما.

ان النسيج الاجتماعي اللبناني نسيج هش، رغم كل ما اتخذ من تدابير وحملات توعية لترميمه بعد احداث الحرب الاهلية، وكما هو الحال مع بقية بلدان المنطقة فإن التنوع الديموغرافي في لبنان يمثل مشكلة بحد ذاته، فلكل شريحة ونوع إرث من الضغينة والكراهية تجاه الاخر، هذه الضغائن بمثابة نار تحت الرماد تشتعل فقط حينما تمر او تمرّر عليها ريح من هنا او هناك. والعراق هو الاخر لا يختلف كثيرا في هشاشة نسيجه الاجتماعي عن لبنان. هذا التفكك يمثل ارضا خصبة للشحن العرقي والطائفي.

ان من سوء حظ منطقة الشرق الاوسط انها كلما ابتعدت قليلا عن التصعيد السياسي المتشابك والمعقد عادت له مرة اخرى بزخم أكبر مما سبق، وبعد سلسلة من الازمات الكبرى سادت حالة من التمترس الآيدلوجي غير المسبوق، وهذا ما يجعل جميع الخيارات واردة في الملفين اللبناني والعراقي.

gamalksn@hotmail.com

إقرأ أيضا