العراق يحشد الدعم الدولي.. ومراقبون: ضربة إسرائيل «حتمية»

رأى مراقبون أن التحركات العراقية نحو المجتمع الدولي لن تنجح في منع الضربة الإسرائيلية “الحتمية”، وفيما رجحوا استهدافها لمنشآت حيوية وقادة فصائل مسلحة، توقعوا أن تبدأ ساعة الصفر المحددة لها بعد تولي دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية مطلع العام المقبل، لتحظى بدعم مباشر منه. 

ويقول المحلل السياسي أحمد الياسري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “كل المعطيات تؤكد أن الضربة الإسرائيلية على العراق حتمية وقريبة، وتحركات العراق نحو المجتمع الدولي لن توقف هذه الضربة، خاصة بعد تقديم إسرائيل شكوى رسمية ضد العراق، فهي بمثابة إعلان حرب على العراق وإعلام المجتمع الدولي بأنها سوف تقصف”.

ويعتقد الياسري، أن “الضربة الإسرائيلية ستحدث بعد تسلم دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية بشكل رسمي، أي أن موعدها سيكون بعد احتفالات رأس السنة، فإسرائيل تريد وصول ترامب إلى السلطة حتى يكون داعما لتلك الضربة، بحجة الرد على الفصائل المسلحة التي تقصف الأراضي المحتلة”.

ويبين أن “إسرائيل تخطط منذ البداية لتوسعة دائرة الحرب في منطقة الشرق الأوسط، وتريد تأسيس قواعد جديدة في هذه المنطقة وتريد أن يشمل الصراع والحرب كلا من العراق وسوريا وإيران، من أجل فرض سياسة جديدة في المنطقة من قبلها وبدعم أمريكي كبير، خاصة بعد وصول ترامب إلى السلطة، والذي كان واضحا في دعمه اللا محدود لإسرائيل في مواجهة أي دولة وجهة تحاربها”. 

وكانت وزارة الخارجية العراقية، وجهت يوم أمس السبت، رسائل رسمية إلى مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ردا على تهديدات إسرائيل بقصف العراق.

وأكدت الوزارة في رسائلها أن “العراق يعد ركيزة للاستقرار في محيطه الإقليمي والدولي، ومن بين الدول الأكثر التزاما بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وأن رسالة الكيان الإسرائيلي إلى مجلس الأمن تمثل جزء من سياسة ممنهجة لخلق مزاعم وذرائع بهدف توسيع رقعة الصراع في المنطقة.

وشددت الوزارة على أن العراق كان حريصا على ضبط النفس فيما يتعلق باستخدام أجوائه لاستهداف إحدى دول الجوار، مؤكدة أهمية تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية، التي تشكل انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي.

يشار إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، رفع في 18 تشرين الثاني نوفمبر الحالي، رسالة إلى مجلس الأمن الدولي طالب فيها باتخاذ إجراءات فورية بشأن نشاط الفصائل العراقية، التي تستخدم أراضيها لمهاجمة إسرائيل، وحمل فيها الحكومة العراقية مسؤولة كل ما يحدث على أراضيها وأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها كما هو منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، لحماية نفسها ومواطنيها.

وخلال الفترة الماضية، استهدفت فصائل “المقاومة العراقية” أهدافا إسرائيلية أبرزها ميناء إيلات والجولان، بالعديد من الصواريخ والطائرات المسيرة، وتبنت هذه العمليات بشكل علني، مهددة برفع مستوى عملياتها في حال استهدفتها إسرائيل، وشمول المصالح الأمريكية أيضا بالرد.

من جهته، يبين المحلل السياسي نبيل العزاوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق تحرك سريعا نحو المجتمع الدولي، بعد وصول تهديدات جدية وحقيقية من قبل الكيان الصهيوني بنيته في استهداف العراق خلال الفترة المقبلة، ولذا وجه العراق رسائل مختلفة بهدف الحصول على دعم وتحشيد دولي يمنع أي عدوان عليه بالضغط الدولي، خاصة لما يملكه من علاقات دولية ممتازة”.

ويتابع العزاوي، أن “العراق مطالب بالضغط على التحالف الدولي لحماية اجوائه التي ما زالت تحت سيطرته ومنع أي اختراق للأجواء من قبل الطيران الإسرائيلي أو صد أي صواريخ وغيرها، وهذا الأمر أكدت عليه الاتفاقية الأمنية ما بين بغداد وواشنطن، ولذا فالولايات المتحدة ملزمة بهذا الأمر وعليها الالتزام بذلك، وبخلافه فلا فائدة من هذه الاتفاقية”.

ويؤكد أن “موقف العراق واضح وثابت منذ اندلاع الحرب في المنطقة، فهو يرفض أن يكون جزءا منها، أو منطلقا لأي هجمات ضد أي جهة خلال الحرب الدائرة، ولذا فالحكومة وجهت مؤخرا بملاحقة أي شخص أو جهة يريد جر العراق للحرب من خلال استخدامه الأراضي العراقية لضرب إسرائيل، وهذه رسائل اطمئنان إلى المجتمع الدولي، الذي يسعى العراق لسحبه إلى جانبه في مسعاه لمنع تنفيذ أي ضربة عدوانية بحقه”.

يذكر أن وزير الخارجية فؤاد حسين، أكد أمس الأول الجمعة، أن المنطقة تحت النار، والعراق جزء من المنطقة ونحن قلقون على الوضع، فهناك تهديدات واضحة من قبل إسرائيل، والحكومة اتخذت خطوات داخلية وخارجية، فيما كشف أن الاتصالات مستمرة مع العديد من العواصم الغربية المؤثرة لوقف الهجوم على العراق.

وكان العراق تقدم في تشرين الأول أكتوبر الماضي، بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل بسبب انتهاكها المجال الجوي العراقي لضرب مواقع داخل إيران، بعد أن اتهمت الأخيرة تل أبيب باستهدافها من الأجواء العراقية.

وعلى إثر الشكوى الإسرائيلية ضد العراق، أصدر السوداني الأسبوع الماضي، توجيهات أبرزها ضرورة قيام القوات المسلحة والأجهزة الأمنية كافة بمنع وملاحقة أي نشاط عسكري خارج إطار سيطرة الدولة، وإعداد خطط للطوارئ تتناسب مع حجم التهديد، وتأمين الاحتياطات الكاملة للمتطلبات الأمنية، وتعزيز الحدود العراقية الغربية من خلال النشاط المكثف والانتشار السريع ووضع الخطط اللازمة.

إلى ذلك، يبين الخبير في الشأن العسكري صفاء الأعسم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أي ضربة إسرائيلية على العراق ستكون تداعياتها كبيرة وخطيرة على الشأن الداخلي وكذلك المنطقة بصورة عامة، خاصة وأن الكيان الصهيوني يريد استهداف منشآت حيوية داخل العراق، وهذا قد يشل حركة الاقتصاد العراقي”.

ويلفت الأعسم، إلى أن “تحرك العراق بهذه الصورة السريعة نحو المجتمع الدولي، يؤكد بأن إسرائيل حسمت الأمر بتنفيذ ضربات نوعية على العراق، ورسائل التهديد وصلت بشكل رسمي تحريرية للعراق عبر أطراف دولية مختلفة، وهذا الأمر كشفه بكل صدق وزير الخارجية فؤاد حسين قبل يومين، وهذا يعني أن العراق سيمر بمرحلة خطيرة جدا”.

ويؤكد الخبير في الشأن العسكري انه “بما لا يقبل الشك أن إسرائيل قد حددت بنك الأهداف التي تنوي استهدافها داخل العراق، خاصة وهي تملك أدوات تجسس متطورة من الطيران المسير وكذلك الأقمار الصناعية، وربما بنك الأهداف يشمل قادة بارزين في الفصائل، وأكيد هي تملك معلومات كافية عنهم، ودليل على التطور الذي تملكه إسرائيل بهذا الجانب ما حصل في لبنان من اغتيال لقادة بارزين في حزب الله، رغم التشديد الأمني والاحترازات الأمنية التي يعمل عليها القادة”.  

يذكر أن السوداني، أكد في 24 تشرين الأول أكتوبر الماضي، على أن قرار الحرب والسلم بيد السلطات الرسمية في البلاد، وحذر جهات وأطرافا من الخروج عن السياقات الدستورية، وأكد أن هذا القرار “تقرره الدولة بمؤسساتها الدستورية، وكل من يخرج عن ذلك سيكون بمواجهة الدولة التي تستند إلى قوة الدستور والقانون في تنفيذ واجباتها ومهامّها”.

وقالت صحيفة معاريف الإسرائيلية، الإثنين الماضي، إن إسرائيل رصدت 65 هجوما عليها بمسيرات قادمة من العراق منذ بداية تشرين الثاني نوفمبر الحالي، وأنها تستعد للتعامل مع التهديد الناشئ بعد الارتفاع الحاد في عدد الهجمات من ست هجمات بطائرات مسيرة في آب أغسطس الماضي، إلى 31 هجوما في أيلول سبتمبر الماضي، ثم 90 هجوما في تشرين الأول أكتوبر الماضي.

ولوّح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنامين نتنياهو، بخارطة العراق في كلمته الأخيرة بمجلس الأمن الدولي، واضعا إيها ضمن الدول التي يجب استهدافها إلى جانب إيران ولبنان.

إقرأ أيضا