صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

العراق يصادق البيئة بالسيارات الهجينة.. والأسعار ترتفع بمعدل 5 آلاف دولار

يستورد محمد البرزنجي (40 عاما)، أنواعا عديدة من سيارات الطاقة النظيفة (الهجينة أو الهايبرد) التي ترد من الولايات المتحدة، ويزجها في أسواق بغداد والمحافظات بعد أن أظهر الشارع رغبة عالية في اقتنائها، وبدأ إقليم كردستان أيضاً يستقبل الكثير منها، كما يوضح.

يستورد محمد البرزنجي (40 عاما)، أنواعا عديدة من سيارات الطاقة النظيفة (الهجينة أو الهايبرد) التي ترد من الولايات المتحدة، ويزجها في أسواق بغداد والمحافظات بعد أن أظهر الشارع رغبة عالية في اقتنائها، وبدأ إقليم كردستان أيضاً يستقبل الكثير منها، كما يوضح.

والسيارة (الهايبرد)، مركبة يدور محركها بالكهرباء من بطارياتها وأيضا بالوقود الأحفوري مثل البنزين والديزل، ويُمكن لمُلاكها شحن بطاريات السيارة من خلال توصيلها بأحد نقاط الشحن الخارجي، كذلك يُساعد نظام الفرامل المُعيدة للتوليد في شحن البطاريات الذي تستعيد السيارة من خلاله الطاقة كلما استخدم السائق الفرامل، وحين تفرغ البطاريات، يشتغل محرك الوقود لتزويد السيارة بالطاقة اللازمة للحركة.

يقول البرزنجي، وهو صاحب مكتب لاستيراد سيارات الهايبرد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “أحدا لم يكن يقتني السيارات الصديقة للبيئة قبل سنة ونصف، بسبب التخوف من استخدامها، وعدم وجود معلومات كافية عنها، لكن سوقها بدأ الآن ينشط جدا”.

وعن قيمتها المالية، يضيف، أن “أسعارها منذ سنتين كانت منخفضة بسبب عدم الإقبال عليها، لكن بدأت الآن الأسعار بالارتفاع بسبب رواجها في الشارع وإقبال الناس على شرائها، إذ ازدادت أسعارها بمعدل 5 آلاف دولار للسيارة الواحدة تقريبا”.

وتعتبر كلفة سيارات الهايبرد أعلى من كلفة السيارة العادية، ويرجع البرزنجي هذا إلى “كلفة بطاريتها”، لكنه ينوه إلى أن “العراق يعفي هذه السيارات عن نسبة من رسوم الكمارك، وهناك حديث عن إعفاء يقدر بـ100 بالمئة من هيئة الكمارك، وذلك دعما للطاقة النظيفة”.

وكان مجلس الوزراء قرر بداية العام الماضي، إعفاء استيراد المركبات التي تعمل بنظامي الوقود والكهرباء من رسوم الكمارك واللوحات المرورية، وعدت وزارة البيئة هذا القرار “خطوة مهمة” تدعمها الحكومة للحفاظ على الواقع البيئي والارتقاء به.

وعن مدى ملاءمة السيارات الهجينة للعراق، يشير إلى أن “الأسئلة عن ملاءمة المناخ والطقس في العراق لهذه السيارة كثيرة من قبل الزبائن، وأنا أستدلّ في الإجابة عن هذا السؤال باستخدام هذه السيارات بطقس مشابه لطقس العراق في الولايات المتحدة، كمناخ ولاية تكساس مثلا، فمن حيث درجة الحرارة تقترب هذه الولاية الأمريكية من أجواء العراق، وكذلك تستخدم سيارات الهايبرد في الولايات الساحلية التي تمتاز بالرطوبة العالية كولاية فلوريدا مثلا، ما يعني أن هذه السيارات ملائمة لأجوائنا”.

وفيما يوصي بـ”ضرورة الانتباه لمقدار ضرر السيارات المستخدمة”، يؤكد أن “السيارات اليابانية هي المفضلة في السوق، ثم من بعدها تأتي الكورية التي تكون أعلى سرعة من نظيراتها، إذ تسير بمعدل 100 كيلومتر في الساعة باستخدام الطاقة الكهربائية، حتى يبدأ محركها بالتحول إلى الوقود الأحفوري”.

ويشير إلى أن “السيارات الهجينة بدأت بالرواج، وشركة تويوتا ساز في العراق هي المستورد الوحيد والوكيل الرسمي لشركة تويوتا اليابانية، بدأت تورد هذه السيارات بكثرة مثل الكراون والكوريلا والراف فور، لأن الطلب بدأ يزداد عليها بكثرة”.

وبحسب البرزنجي، أصبح “العراق مؤخرا يمتلك ورشا لصيانة هذه السيارات، بعد دخول مجموعة من الميكانيكيين دورات في الأردن، كونه متقدما علينا في اقتناء هذه المركبات، إذ يتم استخدامها هناك قبل نحو 12 سنة بسبب غلاء الوقود”.

وكان مرصد العراق الأخضر، أعلن أمس، عن حصول ارتفاع في مبيعات السيارات صديقة البيئة بنسبة 84 بالمئة خلال عام 2023، فيما اعتبر هذا الأمر خطوة إيجابية لمكافحة تغييرات المناخ، مؤكدا أن شركة تويوتا باعت آلاف السيارات ومن مختلف فروعها ببغداد والمحافظات وإقليم كردستان.

ويبدو أن وزارة الداخلية ساهمت في ارتفاع أعداد سيارات الهايبرد المستوردة من “تويوتا”، فقد تعاقدت على المئات منها لتزود مديريات النجدة في بغداد والمحافظات بحسب معلومات حصلت عليها “العالم الجديد”.

ويذكر منتسب أمني، استخدم هذه السيارة مؤخرا، لـ”العالم الجديد”، أن “الوزارة تعاقدت مع شركة تويوتا لتزويد مديريات النجدة، بسيارة من نوع راف4، وقد دخلت مئات السيارات الخدمة في بغداد وبابل والمثنى والنجف وكربلاء”.

وأضاف المنتسب، الذي لم يشأ ذكر اسمه، أن “هذه السيارة تعمل بالطاقة الكهربائية حتى سرعة 60 كيلومترا في الساعة، ثم تبدأ بالاعتماد على الوقود السائل إذا تجاوزت هذه السرعة”، لافتا إلى أن “هذه السيارات وردت من الشركة مخصصة لشرطة النجدة وفق العلامات التي تحملها”.

وبدأت “تويوتا” خلال العام الحالي بتوريد نموذج سيارات الدفع الرباعي الصغيرة للسوق العراقية، وبحسب المرصد الأخضر، فإن الشركة اليابانية طرحت ستة نماذج من السيارات الهجينة في سوق العراق وهي (كامري هايلاندر، كورولا كروس، أوريان كروزر، راف4، والتاج الاسطوري).

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي منار العبيدي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “التحدي الذي يواجه دخول هذه السيارات بكثرة إلى العراق هو انخفاض أسعار الوقود مقارنة بالبلدان الأخرى، إذ يصل سعر اللتر من البنزين في معظم الدول إلى نحو 1.5 دولار، وهو ما يدفعهم للبحث عن بديل، بينما ينخفض الطلب على هذه السيارة في العراق، لأن أسعار الوقود أقل”.

ويضيف العبيدي، أن “السائق العراقي بطبيعته، يتخوف من تجريب التقنيات الجديدة لاسيما السيارات، فهو دائما ما يميل إلى المرغوب والمتوفر في السوق ولا يسعى إلى التجريب والتجديد، لأن أسعار المركبات مرتفعة”.

ولا تزال قلة وجود ورش لصيانة السيارات الكهربائية، تحديا آخر يواجه انتشارها في العراق أكثر بحسب العبيدي، الذي يؤكد أن “الخدمات التي تقدم لهذه السيارات قليلة ونادرة، مما يدفع للابتعاد عنها في ظل توفر البديل”.

وكانت لجنة الاقتصاد البرلمانية، أكدت في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، أن نجاح استخدام السيارات الكهربائية في العراق خلال المرحلة المقبلة، يتوقف على نجاح الحكومة في تنفيذ وإنشاء محطات لشحن العجلات بالكهرباء، فيما عدّت لجوء المواطنين إلى استخدام السيارات الكهربائية “أمرا مهما جداً للبيئة”، خصوصاً أن هناك تلوثا كبيرا بسبب كثرة السيارات التي تعمل على المشتقات النفطية المتنوعة.

بالمقابل، يتحدث مدير البيئة الحضرية في وزارة البيئة مثنى حسن، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، عن تشجيع الوزارة لاستخدام “سيارات الطاقات المتجددة، خاصة أن في بغداد فقط أكثر من مليوني سيارة، بالإضافة إلى العجلات التي تدخل إلى العاصمة من المحافظات الأخرى، وهذا جميعها تستخدم الوقود العادي كالبنزين والكازأويل”.

ويؤكد حسن، دعم “وزارة البيئة لكل إجراء تتخذه وزارة التجارة أو الكمارك أو المرور فيما يتعلق بدعم المستوردين وتخفيض نسبة الكمارك على السيارات الصديقة للبيئة والتي تعمل بالطاقة الكهربائية”.

ويشير إلى تضرر بيئة العاصمة، فبالإضافة إلى وجود “آلاف المولدات المنتشرة داخل المناطق السكنية التي تستخدم الوقود الثقيل وتطرح انبعاثات كبيرة جدا”، يجد أن “السيارات المستوردة رديئة أيضا ويتم شراؤها لرخص ثمنها، فالمحركات معظمها متهالكة، لذا فإن الانبعاثات الخطيرة الصادرة عنها تتفشى في شوارع العاصمة”.

ويضيف أن “عدد السيارات الكبير، لم يصاحبه فتح طرق جديدة، ما تسبب بوجود زحامات خانقة ومع ارتفاع درجات الحرارة، أصبحت هناك زيادة في تراكيز الانبعاثات غير الصديقة البيئة أو المضرة بالصحة”.

وكان العراق قد حلّ ثانيا كأسوأ الدول تلوثا بعد دولة تشاد الأفريقية، وعزا متخصصون بالبيئة، في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، ذلك إلى الانبعاثات وعوادم السيارات الكثيرة وانعدام الحزام الأخضر، وطالبوا بالانتقال إلى وسائل النقل الجماعية والطاقة النظيفة وإلزام أصحاب المولدات والمعامل بفلترة الغازات المنبعثة منها، وسط ارتفاع في حالات الإصابة بالربو، وأمراض مزمنة بالصدر، فضلا عن السرطان.

ويشهد العراق ارتفاعا كبيرا ومستمرا في أعداد السيارات، حيث بلغ عددها في العاصمة بغداد قرابة 4 ملايين سيارة، وهذا إلى جانب انتشار الآلاف من مولدات الكهرباء الأهلية داخل الأحياء السكنية، وأغلبها تصدر عوادم دون وجود لأجهزة فلترة.

إقرأ أيضا