يستمر العراق بتدارك الإنعكاسات السلبية لسريان قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخاص بإنهاء الإعفاءات التي منحتها واشنطن لبغداد المتعلقة باستيراد الغاز والطاقة الكهربائية من إيران، إذ كشفت لجنة الكهرباء النيابية، اليوم الأحد، عن توجه الحكومة لاستثمار النفايات في توليد الطاقة الكهربائية.
يشار إلى أن خمس حكومات متعاقبة قد تعهدت بمعالجة أزمة النفايات واستثمارها، إلا أنه لم يتم تحقيق أي شئ يذكر على أرض الواقع.
إذ قال عضو اللجنة هاتف الساعدي، في حديث تابعته “العالم الجديد”، إن “التوجه نحو الطاقة النظيفة صار تحصيل حاصل، خاصة بعد فرض العقوبات الأمريكية على الجمهورية الاسلامية في إيران وتضرر العراق نتيجة هذه العقوبات، فكان على الحكومة العراقية لابد من البحث عن بدائل عن الغاز الإيراني الذي سوف يؤدي الى نقص كبير في تجهيز الطاقة الكهربائية في فصل الصيف القادم”.
وأضاف الساعدي، أن “الحلول ينبغي ان تكون آنية وسريعة، وهنالك استيراد للغاز من الخارج ومنصات بحرية بعد الانشاء وانابيب نفطية تقوم بها شركة المشاريع النفطية من الموانئ الى محطات التوليد في محافظة البصرة”.
وتابع الساعدي، أن “الحكومة بدأت بالاتجاه نحو الطاقة المتجددة والنفايات الموجودة، خاصة وأن هنالك عدد من الشركات الاستثمارية ترغب في انتاج الطاقة الكهربائية من خلال انشاء محطات بعد حرق النفايات المتواجدة في العراق”، مشيرا الى ان “هنالك توجيه من وزاره الكهرباء الى كافة المحافظات في توفير قطع أراضٍ لهذا الغرض”.
وتابع عضو الطاقة النيابية، أن “الطاقة الكهربائية عنصر مهم والحكومة لديها حركة استباقية لغرض التقليل قدر الإمكان من الأضرار الناتجة عن قطع الغاز الإيراني، واذا ما كان هنالك نقص في الطاقة الكهربائية قد نشهد مظاهرات وذلك بسبب تردي خدمة الكهرباء على مدى 20 سنة سابقة بسبب الفساد المستشري في الحكومات المتعاقبة ودون اي رادع لكل هؤلاء الفاسدين”.
ولفت الساعدي، الى ان “استيراد الغاز حاليا سيكون من قطر وسلطنة عمان وهي الخيارات الاقرب والافضل باعتبارها قريبة على الخليج العربي”.
ويعد العراق هو في طليعة البلدان التي تحتوي على احتياطيات ضخمة سواء في ما يتعلق بالنفط أو الغاز، إلا انه لم يجر استغلال تلك الثروات الهائلة طيلة الحكومات المتعاقبة منذ العام 2003، ويتم الاعتماد بشكل كلي على الغاز المستورد من إيران، لتشغيل المحطات الكهربائية الغازية.
ووقعت الحكومة، في 28 آذار مارس الجاري، عقد تطوير وإنتاج النفط من أربعة حقول في كركوك، مع شركة “بي بي” البريطانية، في خطوة من شأنها دعم جهوده الرامية لزيادة إنتاجه النفطي إلى 6 ملايين برميل بحلول 2029، وتدارك أزمة غياب الغاز الإيراني.
وفي 8 آذار مارس الجاري، انتهت مدة الاستثناء الذي أعطته الولايات المتحدة للعراق من العقوبات المفروضة على إيران، وبالتالي فإن حكومة بغداد لن تتمكن من استيراد الغاز الإيراني اللازم لتشغيل محطات الكهرباء في عموم البلاد.
يذكر أن هناك العديد من مشاريع إنشاء معامل لإعادة تدوير النفايات وتحويلها إلى مواد صالحة للاستخدام، مثل الأسمدة أو فرز المواد الصلبة فيها، قد طرحت خلال الأعوام الماضية، لكن في العام 2014 وبسبب الأزمة المالية والحرب على تنظيم داعش توقفت أغلبها، ما دفع أمانة بغداد إلى طمرها بالطرق التقليدية.
وكان الخبير البيئي حمزة رمضان، أكد في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “إعادة التدوير هو الحل الأمثل للتخلص من النفايات، إذ الإمكان استخراج غاز الميثان المستخدم في المنازل منها، فالحديث عن وجود 9 آلاف طن في بغداد وحدها، فإن هذا الرقم كبير جدا وكاف لتوفير الغاز لأكثر من نصف سكان بغداد”، لافتا إلى أن “هناك دولا تقوم باستيراد النفايات من أجل إعادة تدويرها واستخراج الغاز”.
ويطرح العراق 23 مليون طن من النفايات يومياً، في ظل انعدام مواقع الطمر الصحي وغياب طرق إعادة تدويرها بشكل صحيح، حيث تدفع البلاد ثمنا باهظا لعدم قدرته على التعامل مع هذا الملف ما يضيف أزمة بيئية جديدة للبلاد، بعد التغير المناخي.
وكانت وزارة البيئة أعلنت في تشرين الأول أكتوبر 2023، عن توجه حكومي لتشريع قانون جديد لمعالجة المخلفات الصلبة، لإنتاج الطاقة الكهربائية واستثمار غاز الميثان، مشيرة إلى أن أمانة بغداد كان لديها مشروعاً في العام 2006 لتدوير النفايات، لكن لم يحصل على الموافقة بسبب وجود مقترحات لإنشاء مجمعات سكنية، وبالتالي فإنه سيؤثر على صحة المواطن.
وبحسب بيان الوزارة آنذاك، فإن كل شخص يفرز يومياً مخلفات تتراوح بين 1 إلى 1.25 كغم، في عموم العراق، وفي محافظة بغداد تنتج يتم إنتاج ما بين 8 إلى 10 آلاف طن من المخلفات، 40 بالمئة منها نفايات عضوية أي بقايا طعام.
وعلى الرغم من مئات العقود والاتفاقيات التي أبرمها العراق لرفع طاقته من إنتاج الكهرباء، إلا أنها لم تثمر في تحسن واقع الطاقة، ويؤكد مختصون أن حلّ الأزمة يحتاج إلى سنوات عدة لينعم المواطن العراقي بتيار كهربائي مستمر ومستقر.