العفو الدولية: تفجيرات العراق جريمة حرب.. وصحفي أجنبي لـ(العالم الجديد): القاعدة ملأت فراغ الحكومة في مناطق سُنية

تجد منظمة العفو الدولية أن العراق بات \”بلدا في حالة يُرثى لها\” في ظل ارتفاع فورة الدم وعدم قدرة السلطات على كبح جماح الهجمات المتسارعة، لكن رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يرفض تعيين وزراء أمنيين منذ 4 أعوام، يرى عكس ذلك، معتبراً أن ما يحصل في البلاد هو \”انعكاس مباشر للحرب السورية\”.

وبُعيد ساعات قليلة من إعلان مجلس النواب فشله في التوصل إلى اتفاق سياسي بشأن قانون الانتخابات النيابية المقبلة، فجرت سيارات محشوة بمئات الكيلوغرامات من المواد الشديدة الانفجار في 9 أحياء شيعية وسنية في مناطق مختلفة من العاصمة.

الهزة الأمنية الجديدة، مساء أمس الاثنين، خلفت بين 38 و40 قتيلا و100 جريح على أقل تقدير، في إحصائية لـ\”العالم الجديد\”.

وطالت الهجمة الشرسة التي أكدت مجدداً فشل القوات الأمنية في العاصمة، وضعف إجراءات رئيس الوزراء السياسية في التوصل لاتفاقات تقلل من العنف، طالت مناطق عديدة أبرزها الدورة وبغداد الجديدة وكمب سارة والعبيدي والإعلام والتراث، فيما كان التفجير الأعنف في منطقة الحسينية الفقيرة (شمالا) بهجمة مزدوجة بسيارتين مفخختين خلفت على الفور 5 قتلى وسط سوق تجارية، بذات الوقت الذي ضربت سيارة مفخخة ساحة الطيران في الباب الشرقي.

السلسلة الجديدة من الهجمات تأتي غداة إعلان \”الدولة الاسلامية في العراق والشام\” (داعش) مسؤوليتها عن الهجوم النادر على مقر الأمن الكردي في أربيل الأسبوع الماضي.

وخلف عشرات الكتل الكونكريتية في زقاق تراثي قريب من ساحة كهرمانة بالكرادة، وسط بغداد، وفي مبنى محصن ببوابة حديدية، يجلس صحفي أجنبي يعمل مديرا لإحدى الوكالات العالمية أمام شاشة حاسوبه الشخصي وهو يدون ملاحظاته عن التفجيرات.

ويعلّق الصحفي بشأن الهجمات المتصاعدة لـ\”العالم الجديد\” بان \”المسلحين تمكنوا من إطلاق العنان لهجمات قوية ومباغتة ووحشية\”. ويتابع \”لن تجد الحكومة وقتا للمطالبة بدماء القتلى المدنيين الذين تبلغ أعدادهم المئات، بل الآلاف\”.

وقتل في العراق منذ آذار الماضي نحو 5 آلاف شخص، فيما نفذت أشرس الهجمات مساء السبت الماضي حين قتل 50 شخصا من الزوار الشيعة القاصدين لمرقد الإمام الكاظم.

وسجلت أمس الأول أول هجمة في \”حرب المدارس\”، وهكذا تبدو، حين طال اعتداء مدرسة ابتدائية بقرية شيعية تركمانية في قضاء تلعفر في مدينة الموصل الساخنة خاطفا أرواح 12 تلميذا.

ويرى الصحفي الأجنبي، الذي فضّل عدم الإشارة إلى اسمه، أن \”العراق حذر بشكل كبير عندما يتعلق الأمر بالمكاسب الأمنية التي تحققت على مدى السنوات القليلة الماضية\”.

لكنه يشدد على أن \”في نهاية المطاف من الضروري أن تكون هناك جهود حقيقية للحد من نشاطات تنظيم القاعدة والتي تعتمد بالأساس على إيجاد حل سياسي لضمان عدم وجود مساحة عمل خاصة بالجهاديين\”.

ويجد أن \”الهجمات زادت لأن التنظيم استطاع أن يملي الفراغ الذي خلفته الحكومة في نفوس بعض سنة العراق، الذين ما زالوا حتى الآن يشعرون بالتهميش من قبلها (الحكومة)، وبالتالي يذعنون لهذا التنظيم، حيث سيقوم عندها بتحقيق طموحاته في الفوز مرة أخرى وإغراق البلاد في مزيد من الفوضى من جديد\”.

صباح أمس الاثنين الذي انتهى داميا، قتل 4 من عناصر الصحوة (وهو تنظيم سُني مساند لقوات الأمن ومدعوم من الحكومة) في ناحية المشاهدة (45 كلم شمال بغداد)، فيما جرح 5 آخرون، بتفجير مزدوج بعبوتين ناسفتين على دورية لهم.

وينوه الصحفي الأجنبي بان \”تنظيم القاعدة لا يريد بالضرورة من مقاتلي القبائل (الصحوات) تغيير موقفهم إلى جهته، وإنما يسعى تحديدا إلى إجبار تلك العناصر على إلقاء أسلحتهم وترك وظائفهم كعناصر للصحوات، من اجل إفراغ المناطق من أية قوة مواجهة\”.

وفي الحلة، جنوب بغداد، اشتبكت قوة أمنية خاصة مع عناصر من القاعدة شمالي بابل الذي يعد معقلا للتنظيم، ما أسفر عن مقتل 6 عناصر أمن بينهم ضابط شرطة.

الانهيار الأمني في العراق، دعا منظمة العفو الدولية إلى اعتبار الهجمات الأخيرة في البلاد \”جرائم حرب\”. وقالت في بيان لحسيبة حاج صحراوي، مدير برنامج المجموعة لمنطقة الشرق الأوسط، تلقته \”العالم الجديد\”، إن \”الموجة الأخيرة من عمليات القتل حولت البلاد إلى حالة يرثى لها\”.

وشددت على أن \”هذه الهجمات الأخيرة هي جرائم حرب، وجزء منها يصل إلى حد جرائم ضد الإنسانية، هذا هجوم واسع النطاق ضد المدنيين في العراق\”.

بينما دعت حملة \”الإبادة الجماعية\” في العراق، أمس الاثنين، مجلس الأمن الدولي إلى عقد جلسة لإدانة أعمال العنف في العراق، وممارسة الضغط على الأنظمة والحكومات التي تدعم المجاميع الإرهابية.

وقال أحمد الشمري، المتحدث باسم الحملة، في بيان أرسله لـ\”العالم الجديد\”، إن \”حادثة الغوطة الشرقية في سورية التي راح ضحيتها عدد لا يساوي عشر الضحايا العراقيين، انتفض لها المجتمع الدولي وكبرى الدول الغربية وتوالت بيانات الشجب والاستنكار لمرتكبي الحادثة، وصدرت دعوات لإحالتهم للجنائية الدولية، بينما لم يصدر من تلك الدول أي تحرك أو حتى إدانة لأعمال العنف الوحشية في العراق الأمر الذي يكشف عن مدى ازدواجية المواقف\”.

وشدد الشمري على أن \”استمرار مسلسل الإبادة الجماعية المنظمة التي تستهدف وجود العراقيين، يتطلب من المجتمع الدولي الذي انتفض لسوريا وقبلها بليبيا، أن ينتفض للضحايا العراقيين من المدنيين والأبرياء العزل والأطفال\”.

وطالبت الحملة المجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة في العراق بـ\”تبني موقف واضح من استمرار مسلسل الإبادة بحق العراقيين\”.

ونبّه الشمري إلى أن \”المجتمع الدولي والأمم المتحدة ستكون شريكة بـ(إبادة) العراقيين في حال عدم التحرك، لفضح الدول والحكومات التي تمول عمليات الإرهاب\”.

غير أن رئيس الوزراء نوري المالكي، اعتبر، أمس الاثنين، أن العراق يتعرض لمؤامرة كبيرة تهدف إلى خلق الفتنة والطائفية بين أبناء المجتمع الواحد. ولفت، في لقائه ذوي ضحايا تفجير عزاء مدينة الصدر، إلى أن ما يحصل في سوريا هو حرب أهلية يخطط لها أن تنتقل إلى العراق.

إقرأ أيضا