يعيش العامل العراقي “أسوأ فتراته”، في ظل غياب قانون لحمايته وضمان حقوقه، لاسيما وأن عدد العمال في العراق يبلغ 15 مليون عامل، وما زالوا يعانون من منافسة العمالة الاجنبية وإنهاء الخدمة التعسفي، فيما ركن قانون التقاعد والضمان الاجتماعي المشمولين به، في رفوف مجلس النواب دون إقراره منذ سنوات.
إذ أفاد وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، اليوم الثلاثاء، بعدم مصادقة مجلس شورى الدولة على قانون التقاعد والضمان الاجتماعي رغم مرور عام كامل على تشريعه، داعيا إلى الإسراع بالمصادقة عليه.
وينظم قانون العمل العراقي رقم 37 لسنة 2015، العلاقة بين أصحاب العمل والعمال، ويحدد حقوقهم والتزاماتهم، ويشمل ذلك الأجور وساعات العمل واستحقاقات الإجازات وظروف العمل، كما تحدد القواعد والأحكام لدعم مجموعات معّينة مثل النساء في مكان العمل.
وقال الأسدي، عبر كلمة الكترونية خلال انطلاق حملة الضمان الاجتماعي وتابعتها “العالم الجديد”، إن “قانون التقاعد والضمان العمل يحقق فرصة حقيقية ومناسبة لكل العاملين في القطاع الخاص ويعطيهم حقوقا متساوية للعاملين في القطاع العام، ولم يكن في القانون السابق أي ضمان للعامل”، مبينا أن “تشريع قانون رقم 18 لسنة 2023 إعطاء الحق للعمال التسجيل في دائرة التقاعد الضمان الاجتماعي للعمال”.
وأضاف أن “وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تبذل جهودا كبيرة لأجل الإعلان عن هذا القانون المهم وجميع التشكيلات الساندة الداعمة للوزارة”، مشيرا الى مضي عام “كامل على تشريع قانون التقاعد العمال وما زلنا ننظر مصادقة التعليمات من مجلس شورى الدولة، ولابد من الإسراع في المصادقة وإعلان عن تعليمات القانون الذي شرع من قبل مجلس النواب”.
وبين الوزير أن “القانون يعتبر متكاملا، وربما هو أفضل قانون على مستوى المنطقة”، مؤكدا أن “قانون التقاعد والضمان العمل واحد من اهم القوانين التي شرعت في الدولة العراقية بعد عام 2003 ويدعم القطاع الخاص ويعطي للعاملين حرية كبيرة”.
ولفت إلى أن “القانون يعطي حقوق الأمومة والعمال وتحديد سقف التقاعد للعامل في القطاع الخاص، خاصة لمن يملك خدمة 15 سنة وتجاوز عمره 50 عاما”، مؤكداً أن “وزارة العمل جادة للعمل وفق القانون ونشر مزيد من المعطيات والمعلومات والتفاصيل عن القانون تكون معروفة ومدركة لكل العاملين في القطاع الخاص”.
وتبلغ نسبة العاملين في القطاع الحكومي بالعراق 37 بالمئة، إذ يعتبر القطاع الأكثر ضغطا على الموازنة العامة للدولة التي تذهب بمجملها كرواتب للموظفين، دون وجود إنتاج حقيقي يوازي هذه المصروفات العالية نتيجة عدم خلق بيئة استثمارية تساهم في تشجيع القطاع الخاص وتوفير فرص عمل من خلاله، الأمر الذي يزيد من الضغط على القطاع العام.
ولكن في القطاع الخاص، يبدو الأمر مختلفا، إذ يشكو العاملون هناك من زيادة في ساعات العمل وقلة منحهم إجازات بمستحقات مالية، كما يبقى شعور التهديد بالإقصاء التعسفي هاجسا يؤرق العمال، على الرغم من وجود قانون العمل الذي يضمن للعاملين بعض الحقوق.
ويوفر سوق العمل في العراق فرصة غير مسبوقة للعمالة الأجنبية، سواء من دول جنوب شرق آسيا أو بعض دول الشرق الأوسط التي تعاني من اضطرابات أمنية، وهو ما أدى إلى تدفق العمال من هذه الدول بصورة غير شرعية وتحولهم إلى ظاهرة غير مسبوقة، وتشير التقديرات إلى أن العمالة المرخصة تبلغ 51 ألف عامل أجنبي، أما غير الأصولية فتبلغ أضعاف هذا العدد، وتصل إلى مئات الآلاف.
وكشف مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية والمالية مظهر محمد صالح، في 16 أيلول سبتمبر الماضي، عن أن قيمة التحويلات السنويَّة للعمالة الأجنبية تقدر بما لا يقل عن ملياري دولار سنوياً، مبينا أن 85% منهم عمالة غير ماهرة ولا نافعة.
ويتربع البنغلاديشيون على عرش العمالة الأجنبية في العراق حيث بلغت أعدادهم بعشرات الآلاف، في وقت تتجاوز نسبة البطالة في البلاد 15 بالمئة، إلى جانب ركود كبير وشح فرص العمل في القطاع الخاص.
ويبلغ متوسط مرتب العامل الأجنبي في العراق 700 دولار، بينما يبلغ الحد الأدنى لراتب العامل المحلي 270 دولار، بحسب رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، الذي أشار إلى أن معدل البطالة للعمال في العراق قياسا بالعمالة الأجنبية غير المسجلة بلغ 26 بالمئة.
وكان رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أعلن أيلول سبتمبر 2023، دخول قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال في القطاع الخاص حيز التنفيذ، بعد أن صوت مجلس النواب العراقي عليه، في أيار مايو 2023، في خطوة وصفتها الحكومة بأنها أساسية ضمن الإصلاحات الاقتصادية التي وعدت بها، وضمان حقوق العاملين في هذا القطاع، إلا أنه لم يطبق شيء على أرض الواقع.