يحل عيد الفطر هذا العام، خاليا من العادات والتقاليد الخاصة به، في ظل إجراءات حظر التجوال المفروضة بسبب فيروس كورونا، ما دفع بعض المستثمرين من أصحاب الاماكن الترفيهية والمطاعم الى منح موظفيهم إجازة من دون راتب، لعدم قدرتهم على توفير النفقات اللازمة، في وقت يكشف أصحاب المحال التجارية بعدم نفاد بضاعتهم منذ العام الماضي، بسبب الركود الاقتصادي وحظر التجوال.
وتقول ايلاف الخطيب، وهي موظفة في مدينة العاب “السندباد لاند”، بجانب الرصافة في بغداد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “اجراءات الحظر الشامل الذي تعاني منه العاصمة بغداد وعموم المحافظات، أثرت سلبا على حياة العاملين في مدن الالعاب، كونهم يتقاضون اجورا يومية، فيما أخرجهم الحظر خارج إطار العمل“.
وتضيف الخطيب أن “الحظر لم يعد صحيا، بل حظرا على أصحاب الارزاق اليومية، ممن لم يجدوا لقمة عيشهم”، مبينة “ناشدنا الحكومة مرارا وتكرارا ولا توجد استجابة لحسم هذا الامر“.
وبشأن موسم الاعياد، تبين، أن “هذا العيد، وفي ظل الحظر المفروض لعشرة أيام، سيكون من الصعب مزاولة العمل، خاصة وان ادارة العمل أبلغتني شخصيا بالجلوس في المنزل قبل بداية شهر رمضان لعدم وجود الايرادات الكافية لتغطية نفقات المدينة واجور العاملين فيها بشكل تام“.
وكان مجلس الوزراء قرر فرض حظر التجوال بدءا من يوم 12 ايار مايو الحالي ولغاية 22 منه، للحد من انتشار فيروس كورنا خلال عطلة عيد الفطر، وشمل القرار غلق المطاعم والكافتيريات والمقاهي ودور السينما والمتنزهات وقاعات المناسبات والأفراح والقاعات الرياضية وغيرها، فضلا عن منع التجمعات البشرية بأشكالها كافة.
وفي عيد الفطر، غالبا ما تتجه العائلات الى المتنزهات ومراكز التسوق ومدن الالعاب، خاصة وانها تصل في اغلب الاحيان الى 7 ايام، اذ تتصادف مع ايام العطل الرسمية، ما تتحول الى فرصة للتجوال والتسوق وزيارة الاقارب، لكن منذ العام الماضي ولغاية الان، يتم تطبيق حظر التجوال في اغلب الاعياد والمناسبات، للحد من انتشار كورونا، لاسيما وان العراق سجل مؤخرا اكثر من 8 الاف اصابة يوميا وانخفضت قبل ايام الى 5 الاف اصابة.
ومن العادات الشعبية في أول أيام عيد الفطر، تناول “الكاهي” و”القيمر” على الإفطار، حيث تنتشر في العاصمة بغداد محال شهيرة لبيع هذا الطعام المفضل للبغداديين، حيث تصلها الناس من اغلب المناطق ما يتسبب بنفاده داخل المحال في ساعات الصباح الاولى، نظرا للزخم الكبير.
ويقول صادق الساعدي، وهو أحد العاملين في محل “كاهي الاورفلي” وهو محل شهير يقع بالقرب من نفق الباب الشرقي وسط العاصمة بغداد، انه “اليوم الاول من العيد، يشهد توافد الناس على محال بيع الكاهي والقيمر بغزارة حتى انه ينفد بشكل سريع“.
ويضيف ان “العاصمة بغداد تضم محال شهيرة جدا لبيع هذا النوع من الطعام التقليدي والفاخر رغم بساطته”، لافتا الى “توافد مواطنين من المحافظات البعيدة، إذ يصلون قبل صلاة العيد، لأننا في اليوم الأخير من شهر رمضان المبارك نظل نعمل في المحل، من أجل تجهيز الكميات الكافية لمناسبة عيد الفطر“.
ويستدرك أن “هذا العيد بكل تأكيد سيكون مختلفا، كما حصل في العيد السابق بسبب أزمة فيروس كورونا وحظر التجوال الشامل الذي يسبق العيد بأيام، وبالتالي سيؤثر علينا نحن ذوي المهن الحرة”، مطالبا الحكومة العراقية بأن تعيد النظر بإجراءاتها، خاصة وان الاصابات بهذا الفيروس شهدت تراجعا نسبيا خلال الايام القليلة الماضية“.
وبشأن شراء الملابس، اعتادت اغلب العائلات على شراء ملابس جديدة في كل عيد، وخاصة لاطفالها، إذ يشكو عباس دهش، وهو صاحب محل ملابس في منطقة الحرية بالعاصمة خلال حديثه لـ”العالم الجديد”، من ضعف العمل، قائلا إن “بضاعة العام الماضي، ما تزال لدينا في مخازننا بسبب الركود غير المسبوق في السوق العراقية“.
ويضيف دهش “نحن كاصحاب محال، عانينا كثيرا من اجراءات الحظر الشامل، حيث بدأت ايراداتنا بالانخفاض حتى وصلت الى العدم، بسبب عدم تواجد الناس في الاسواق، خوفا من المرض، وتطبيقا لإجراءات الحظر، ما أدى الى بقاء السلع دون بيعها إضافة الى قلة الساعات المسموح لنا بالبيع خلالها“.
ويؤكد أن “المعروف للناس الخروج بعد الافطار من كل يوم للتسوق والتبضع، لكننا وبسبب اجراءات الحظر الذي يبدأ بعد الافطار مباشرة نواجه صعوبة في ذلك، وهنا تكمن المشكلة، وعليه لا يستطيع أصحاب المحال حتى جمع مبلغ الايجار، وهذا ما تسبب بركود اقتصادي كبير وانعدام الواردات من سلع استهلاكية وغيرها، لذا بقيت المواد المطروحة في السوق هي مواد قديمة وأصبحت مستهلكة ومعادة في أغلب المحال التجارية“.
ويبين “في كل عيد كنا نبيع كميات خيالية من الملابس، خاصة واننا في منطقة الحرية (شمال العاصمة) التي تمتاز برخص اسعارها وتشكل منطقة جذب قوي لكل ابناء العراق من جميع محافظاته، لكن الاجراءات الحكومية الان تمنع الاقبال على هذه السلع، كون حظر التجوال سيستمر لعشرة ايام، أي بعد عيد الفطر، وعليه فان الاغلبية لا يفكرون باقتناء الملابس الجديدة كون الزيارات وجميع السفرات ممنوعة، وكل الاماكن الترفيهية مغلقة بأوامر حكومية“.
من جانبه، يؤكد المواطن ابو احمد الكرادي في حديث لـ”العالم الجديد”، ان “كل شيء اختلف في هذا الزمن عما كنا عليه سابقا، حيث ان ايام عيد الفطر او الاضحى كانت تجسد روح الاخوة والتقارب بين الاهل والاقرباء والاصدقاء، وكنا نذهب صباح أول يوم الى صلاة العيد، ونلقي التحية على جميع ابناء منطقتنا ونتبادل التهاني، وهذا عكس ما نشهده هذه الايام، فحتى صلاة العيد لم تعد لها ذات الاهمية كما كانت عليه سابقا“.
ويوضح الكرادي، أن “تلك الايام بدأت بالاختفاء والتلاشي شيئا فشيئا، خاصة في زمن فيروس كورونا وغزوه للعالم والذي تسبب بالاغلاق التام بجميع الدول وليس العراق فقط، حيث اعلن عن حظر للتجوال لعشرة ايام، وبالتالي فان روح العيد ستختفي تماما والتي تتمثل بلم شمل الاهل والاقارب“.
يشار الى ان اغلب الدول العربية والاسلامية، اصدرت قرارات متباينة بشأن القيود والحظر خلال عيد الفطر، وذلك حسب عدد الاصابات في كل بلد، ففي الاردن، اعلن عن تخفيف ساعات حظر التجول الليلي اعتبارا من أول أيام عيد الفطر، واصبح الحظر يبدأ من الساعة 11 ليلا بدلا من السابعة مساء.
وفي مصر قررت السلطات فرض قيود احترازية خلال العيد، تقضي بإغلاق المحال المنشآت التجارية والترفيهية والمطاعم والمقاهي وغيرها من أماكن تجمعات المواطنين في التاسعة مساء.
اما لبنان، فقد فرض حظر تجول تام خلال عيد الفطر، في محاولة للحدّ من ارتفاع اصابات فيروس كورونا، وهو الحال ذاته في تونس، حيث أعلنت الحكومة التونسية فرض إغلاق تام في البلاد طوال أسبوع عيد الفطر لمكافحة عودة انتشار فيروس كورونا.