بعد إهماله لسنوات، يعود الحديث مجددا عن ملف العقارات العراقية في الخارج وخاصة فرنسا، عبر أسئلة نيابية موجهة إلى وزارة الخارجية، وفيما كشف مصدر عن عدد العقارات وطبيعتها ومصيرها، أكد نواب ومراقبون للشأن السياسي عن وجود شبهات في هذا الملف، وأنها خضعت للمحاصصة وتقاسم المغانم، وسط إقرارهم بوجود تقصير بمتابعتها من قبل الدولة.
ويقول مصدر مطلع، خلال حديث لـ”العالم الحديد”، إن “هناك عقارات عديدة هي ملك للدولة العراقية في فرنسا، موزعة بين العاصمة باريس ومدينتي كان وغرايس، وهذه العقارات اشتراها العراق في مطلع سبعينيات القرن الماضي”.
يذكر أن النائبين احمد الموسوي وحسن سالم، وجها أسئلة نيابية لوزير الخارجية خلال اليومين الماضيين، بشأن مصير العقارات العراقية في فرنسا، مدرجين 4 عقارات فقط في الأسئلة.
ويضيف المصدر أن “هذه العقارات تتوزع بين مبنى السفارة العراقية، ومبنى آخر قربها، كان عبارة عن مقر سابق للسفارة، وفي المنطقة ذاتها توجد بناية من 8 طبقات تحوي 24 شقة، وهي متروكة ومهملة منذ 30 عاما”.
ويستطرد أن “من ضمن العقارات أيضا مبنى مكتب شبكة الإعلام العراقي، ومنزل السفير، كما أن هناك قصرين في مدينتي كان وغراس، كانا يعودان لمسؤولين في زمن النظام السابق، وهما طارق عزيز وبرزان التكريتي، وبعد 2003 تمت مصادرتهما وأصبحا ملكا للدولة العراقية”، مبينا أن “القصرين مهملان حاليا وأصبحا موقعا للمشردين والمدمنين، رغم أنهما لا يقدران بثمن نظرا للموقع المتميز والفخامة التي يحظيان بهما”.
ويلفت إلى أن “العراق كان يملك مبنى للخطوط الجوية العراقية، لكن تم بيعه بين عامي 2007- 2009، عندما كانت الكويت تحاول الاستيلاء على العقارات العراقية في الخارج كجزء من التعويضات الواجب دفعها لها”، مضيفا “كما أن هناك المدرسة العراقية التابعة لوزارة التربية، وقد تم منح جزء من هذه المدرسة للاستثمار بطرق ملتوية، وبمبلغ بخس عبر صفقة أبرمت عندما كان محمد إقبال وزيرا للتربية قبل سنوات”.
يشار إلى أن أرقاما صدرت سابقا بشأن قيمة الأصول العراقية في الخارج، والتي تتوزع بين عقارات ومزارع وقصور، وقدرت بنحو 90 مليار دولار.
إلى ذلك، ينتقد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان عامر الفايز، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، الإهمال “الكبير لقضية أملاك الدولة العراقية في الخارج من قبل الحكومات السابقة، لاسيما أن العراق يحوز العديد من الملكيات في دول متفرقة، والكثير من هذه الأملاك في فرنسا”.
وبشأن ما يخصّ الأملاك العراقية في فرنسا، يؤكد الفايز أن “العراق يمتلك عقارات كبيرة هناك، بينها قصر رئاسي في مدينة كان وقصر آخر في مدينة غراس، كما لديه مبنى للخطوط الجوية العراقية في شارع الشانزليزيه، إضافة إلى بناية شبكة الإعلام العراقي وغيرها الكثير من العقارات المهملة التي يجب معرفة مصيرها”.
ويكشف عن نية لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية “متابعة ملف أملاك الدولة العراقية في الخارج، خصوصاً مع وجود تقصير في هذا الملف من قبل الحكومات العراقية السابقة، وتحديداً وزارة الخارجية التي تمثلها”.
ويفيد بان لجنته ستعمل على “استضافة المسؤولين عن هذا الملف في وزارة الخارجية وكذلك المسؤولين في عقارات الدولة العراقية، لمعرفة مصير أملاك العراق في الخارج”، لافتا إلى أن “الغموض يكتنف هذا الملف وشبهات كثيرة تدور حوله، سنعمل على كشفها قريباً”.
وكانت لجنة النزاهة النيابية السابقة، كشفت عن عدم متابعة الأملاك العراقية في الخارج، خاصة وأن بعضها يعود لوزارتي التربية والتجارة، مؤكدة أن الكثير من العقارات فرضت عليها ضرائب كبيرة وأصبحت أكثر من سعرها وخاصة بالدول الأوروبية.
من جهته، يرى المحلل السياسي أحمد الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “إهمال ملف أملاك الدولة العراقية في دول العالم يعد بابا من أبواب الفساد، خصوصاً أن بعض هذه الأملاك لا تعرف الدولة العراقية أي شيء عنها، والبعض الآخر مستأجر من قبل أطراف لا تدفع أي شيء من استحقاقات مالية كبدلات للإيجار”.
ولا يستبعد الشريفي أن تكون “أملاك الدولة العراقية في الخارج، خاضعة أيضا لعملية المحاصصة وتقاسم المغانم بين بعض القوى السياسية المتنفذة، وهذا يفسر الغموض والشكوك حول هذا الملف”، مؤكدا أن “العراق لديه أملاك كثيرة في معظم دول العالم، وهذه الأملاك تقدر بمليارات الدولارات، وخصوصاً في فرنسا التي يمتلك العراق فيها عقارات هي عبارة عن قصور، ولهذا فإن معرفة مصير هذه العقارات ومن يشغلها حالياً وكيف تدار ومن أي جهة أمر مهم وضروري”.
جدير بالذكر، أن وزارة الخارجية وفي موقعها الرسمي، كانت قد نشرت أواخر العام الماضي خبرا عن بحث الاستفادة من الأملاك العراقية في فرنسا، وحل إشكالاتها المالية والقانونية.