على الرغم من توالي التصريحات والمواقف الرسمية بشأن السلاح خارج الدولة، تستمر جدلية مصير الفصائل في العراق، لاسيما مع بدء المفاوضات الأمريكية الإيرانية بشأن برنامج الأخيرة النووي، وسياسة الضغط القصوى التي تمارسها أمريكا على طهران وانعكاس ذلك على الداخل العراقي.
وفي هذا الإطار، أكد نائب رئيس الوزراء الأسبق بهاء الأعرجي، اليوم الثلاثاء، أن الفصائل في العراق وافقت على ترك المواجهة وليس نزع سلاحها خلال الوقت الراهن، حيث إذا نجحت مفاوضات مسقط بشأن برنامج إيران النووي فسيتم بحث الإشكاليات بشأنها، مبينا أن مطلب حل الفصائل يعود إلى تخوف اللوبي العربي منها وليس أمريكا.
وعقدت إيران والولايات المتحدة محادثات “إيجابية وبناءة” في سلطنة عمان، السبت الماضي، واتفقتا على استئنافها الأسبوع المقبل، ويهدف الحوار إلى التوصل لحل بشأن برنامج طهران النووي المتسارع بعد تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتنفيذ عمل عسكري إذا لم تنجح المحادثات في التوصل إلى اتفاق.
وقال الأعرجي في حوار مع الزميل سامر جواد، تابعته “العالم الجديد”، إن “مفاوضات مسقط بشأن برنامج إيران النووي، أكدت عدم علاقة إيران بالفصائل العراقية وأن أمرها يترك للداخل العراقي”، مبينا أن تقرير وكالة رويترز الأخير فيه شيء من الصحة وهو أن الفصائل وافقت على ترك المواجهة في الوقت الحاضر لتحقيق المصلحة العامة ولم توافق على نزع سلاحها”.
وأضاف:”نحن نرفض ربط الفصائل بإيران مثلما نرفض المطالب الأمريكية بحلها، فأنه يجب أن يكون القرار بشأن الفصائل عراقيا”، مؤكدا أنه “إذا نجحت المفاوضات بين إيران وأمريكا فأنه ستحل هذه الإشكالات التي تجعلنا بأننا تابعين لإيران”.
وأوضح أن “الفصائل حلها ليس مطلبا أمريكيا، حيث أنه مطلب من دور الجوار”، لافتا إلى هناك “مخاوف لدى الأردن الكويت الإمارات من الفصائل والدليل أن أحد قادة الفصائل صرح ضد الأمارات والأخيرة اشتكت وديا لدى بعض السياسيين العراقيين”.
وتابع: “الفصائل لا تؤثر شيء على الولايات المتحدة الأمريكية حتى وإن امتلكت السلاح”، مبينا أن “اللوبي العربي هو الذي يريد حل الفصائل أكثر من أمريكا “.
وكان محلل السياسي والمقرب من الفصائل العراقية سرمد البياتي، أكد أمس الاثنين، أن الفصائل في العراق ستلتزم بخطين أحدهما عسكري والآخر سياسي، حيث ستركز خلال الفترة المقبلة على التوجه للسياسة والانتخابات.
وأكد الأمين العام لكتائب حزب الله العراق، أبو حسين الحميداوي، أمس الأول الأحد، أن العراق والمنطقة يمران بمرحلة “دقيقة وخطيرة”، مشيرا إلى أهمية الاستحقاقات النيابية المقبلة، مؤكداً أن المشاركة الفاعلة في الانتخابات تمثل “خطوة أساسية لا يجوز الإغفال عنها أو التساهل فيها”،فيما دعا المواطنين إلى إنهاء تحديث بياناتهم في الوقت المناسب “كي لا يضيّعوا حقوقهم وحقوق أهليهم وبلدهم”، مشدداً على أن “التهاون لا يخدم إلا الفاسدين ومن يقف خلفهم”.
وكان ممثل فصيل “النجباء” في إيران، عباس الموسوي، اتهم أمس الأول الأحد، الولايات المتحدة الأمريكية، بممارسة ضغوط على الحكومة العراقية، بهدف تهميش الحشد الشعبي، مبينا أن قوات (الحشد الشعبي) كانت ولا تزال جزءاً لا يتجزأ من القوات المسلحة العراقية”.
وأضاف أن “الحشد مؤسسة رسمية ومستقلة، بإشراف رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة العراقية، منذ تأسيسها وحتى اليوم، مردفاً بالقول إنه مع صدور القانون الجديد، فإن قوات (الحشد) سوف تتمتع باستقلال نسبي، وسوف تستمر في الخضوع لإشراف رئيس مجلس الوزراء العراقي، وليس الجيش”.
يُذكَر أن قضية الضغوط الأمريكية على الحكومة العراقية بشأن “الحشد الشعبي” ليست جديدة، لكنها لم تكن تذكر من قبل الفصائل المسلحة بعد الهدنة التي أبرمها العراق على خلفية تهديدات إسرائيلية بتوجيه ضربات إلى مواقع هذه الفصائل المسلحة وقياداتها.
ففي شهر رمضان الماضي، كرر السفير الإيراني في بغداد، محمد آل صادق، في حوار مع التلفزيون الرسمي العراقي هذه الاتهامات، قائلاً إن “رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لإيران تضمنت طلباً بحل (الحشد الشعبي) أو دمجه في الأجهزة الأمنية العراقية”.
فيما رد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، على آل صادق، مؤكداً في حوار متلفز هو أيضاً في شهر رمضان، على عدم وجود أي طلب أمريكي بشأن “الحشد”، وضحاً في الوقت ذاته أن “حل الفصائل مرتبط بإنهاء وجود التحالف الدولي في العراق”.
الجدير بالذكر أن الكاتب السياسي اللبناني، مصطفى فحص أكد في 10 نيسان أبريل الجاري، أن مباحثات مسقط سترتكز على ثلاثة ملفات هي المشروع النووي الإيراني والصواريخ الباليستية والأذرع الإيرانية في المنطقة”، مبينا أن “إيران ستتخلى عن بعض أذرعها، وليس كلها لأسباب تأريخية، حيث سيتم في العراق إعادة تنظيم سلاح الفصائل وقوننتها، كذلك إيران ستعود للاهتمام بالداخل بعد توزيع الحصص في الشرق الاوسط، وستتخلى عن بعض الشعارات التي ترفعها عن القضية الفلسطينية”.
ونشرت صحيفة “التايمز” البريطانية، مؤخرا، نقلت فيه عن مصادر استخبارية إقليمية، قولها إن إيران نقلت صواريخ أرض أرض بعيدة المدى إلى وكلائها في العراق، يمكن أن يصل مداها لدول أوروبية، مبينة أن هذه هي المرة الأولى التي تمتلك فيها الفصائل الموالية لإيران صواريخ أرض-أرض بعيدة المدى في العراق.
وتابعت الصحيفة أن نوعين آخرين من الصواريخ، هما “قدس 351” المجنحة وصواريخ “جمال 69” الباليستية، جرى تهريبها إلى العراق الأسبوع الماضي، وكلاهما بمديات أقصر من صواريخ أرض-أرض.
كما نقلت وسائل إعلام، في 6 نيسان أبريل الجاري، عن “مصدر مسؤول” بأن رئيس أركان الجيش العراقي عبد الأمير يار الله تسلّم برقية من رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية محمد باقري، تضمنت إبلاغ الجانب الأمني العراقي بأن إسرائيل جاهزة لشن هجوم جوي مدعوم من الولايات المتحدة على إيران باستخدام الأجواء العراقية.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد هدد في مقابلة مع شبكة “إن بي سي” في نهاية آذار مارس الماضي بـ”قصف لم يسبق له مثيل” إذا لم تتوصل الولايات المتحدة وإيران إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، مضيفا أن واشنطن وطهران “تتحدثان” حاليا.
وتواصل الولايات المتحدة تحشيدها العسكري في الشرق الأوسط بالتزامن مع حملة تشنها على الحوثيين في اليمن، إذ أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية الخميس الماضي، إرسال حاملة طائرات ونشر طائرات حربية إضافية لتعزيز الأصول البحرية الأمريكية.
وينتظر الشرق الأوسط ما تسمى بـ”الحرب الكبرى” بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران بعدما وصلت تهديدات واشنطن وردود طهران إلى ذروتها، وفي تقرير نشرته “العالم الجديد” في 5 نيسان أبريل الجاري، وصف مراقبون العراق بالمتأثر الأكبر من تداعيات هذه الحرب بسبب قربه من إيران وارتباطه الأمني معها، واعتماده عليها في ملفات الغاز والطاقة الكهربائية، محذرين العراق من تداعيات وخيمة في حال تم إطلاق “رصاصة في الهواء” من قبل أي فصيل عراقي.