صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

الفن المسرحي.. تدهور مخيف

الفن غالباً ما يكون اللغة التي تحاكي الشعوب، بشتى تنوعاتها، فهو اللغة المفهومة لجميع الناس، وأحياناً يُنظر الى مدى رقي وتقدم أمة من الأمم من خلال فنها، لأنه الدليل على ذوقها.

وتهدف هذه الفنون الى معالجة الازمات السياسية والاجتماعية والانسانية، فنادراً ما نشاهد فيلما أجنبيا مثلا حتى وان كان كوميديا، يخلو من قصة انسانية او على اقل تقدير جملة هادفة تحوي الكثير من المعاني، كون الفن وسيلة لملامسة المشاعر الوجدانية ورسالة انسانية سامية، وهو الأقرب الى العقل والقلب، ويمكن أن يسهم بتغيير الكثير من السلوكيات الخاطئة وإصلاح ما يمكن إصلاحه من أمراض وعلل داخل المجتمع.

نحن في العراق أحوج الناس اليوم للفن الهادف، نظراً لكثرة الأزمات التي نمر بها على الصعيد السياسي والاجتماعي والاخلاقي، ولكننا نعاني من فقر واضح في أدواتنا الفنية الهادفة للأسف الشديد، فواقع الفن العراقي في تدنٍ وهبوط مستمر، ومن بين أهم الفنون التي تميز بها العراق، هو فن المسرح الذي تعززت مكانته شعبيا على مدى العقود الماضية، وبعد اختفائه بسبب الأحداث التي تلت 2003، الا من محاولات المسرح الجاد، عادت المسرحيات الشعبية الهابطة، ففضلا عن أنها لا تحمل رسالة هادفة، الا أنها وصلت الى درجة من الهبوط الشديد، حتى يخيل لك أنك في “ملهى” او “مرقص”.

إن انتشار مثل هذه المسرحيات في الآونة الأخيرة، جاء لأسباب عديدة، منها غياب الرقابة الفنية على مثل هكذا أعمال، وتدني الذائقة الفنية، وانعدام الوعي الجماهيري (الذي لم يعد معه إمكانية التمييز بين الحرية المطلوبة في العمل الفني، والتحلل الاخلاقي)، بالاضافة الى انخفاض المستوى المعيشي والاهمال الحكومي للفنانين الحقيقيين، الامر الذي دفع بعض كبار الفنانين المشهود بكفاءتهم وجدارتهم الى التواجد في اعمال هابطة، لذا فقد فقد العراق بذلك رسالة الفن المسرحي، التي أصبحت مشوهة جداً، ولم يعد بامكانه أن يقدم نموذجا للفن الشعبي الذي يؤدي مهامه ورسالته المرجوة، وهي لا تمثل حقيقة العراق، ولا فنه ولا ممثليه العمالقة، فبعد أن كانت رسالة المسرح العراقي رسالة داعية للقيم الانسانية والأخلاقية والحب، أصبحت اليوم رسالة داعية للاشمئزاز.

إقرأ أيضا