تستمر قضية التنصت في مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بالتفاعل رغم وصف الأخير لها بـ”كذبة القرن”، إذ أصدر القضاء العراقي، اليوم الاثنين، حكما بسجن “محمد جوحي” المتهم الأول بما تُعرف بقضية “التنصت” لمدة أربع سنوات.
وكان القضاء قد حدد مطلع الشهر الجاري، التاسع من شهر كانون الأول ديسمبر الحالي، موعدا لمحاكمة المتهم الأول بما تُعرف بقضية “التنصت”.
وذكر بيان مقتضب لمجلس القضاء تلقته “العالم الجديد”، أن “محكمة جنايات الكرخ في بغداد، أصدرت اليوم، حكما بسجن محمد جوحي المتهم الأول بما تُعرف بقضية “التنصت” لمدة أربع سنوات، فضلا عن المتهم الآخر علي مطير”.
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قال خلال حضوره الى البرلمان واستضافته بطلب منه في 5 ديسمبر كانون الأول الجاري، وهو يتحدث بلهجة حادة حول قضية “التجسس والتنصت”، واصفا اياها بـ”كذبة القرن”، الأمر الذي أثار انتقادات واسعة على مواقع التواصل الإجتماعي، مؤكدين أن السوداني قد أساء إلى القضاء.
وقال السوداني بحسب مقطع الفيديو من داخل جلسة البرلمان والذي اطلعت عليه “العالم الجديد”، إن “الاستجوابات تجاه قضية التجسس والتنصت وكل هذه الإشكالات أثيرت واتهمت فيها الحكومة بطريقة لا أخلاقية”، مشيرا إلى أنها “لم تستند لأي شيء، وأستطيع القول بضرس قاطع بأنها كذبة القرن”.
وأضاف أن “القضية معروضة أمام القضاء ونحترم قضاءنا المستقل النزيه العادل ونحترم قرار القضاء بالتحقيق مع الموظف وننتظر النتائج”، مستدركا: “لكن كمعطيات متوفرة لا وجود لأي أمر كهذا، ويبقى الدور الرقابي للمجلس الموقر باستجواب أي مسؤول بهذا الشأن”.
وكانت محكمة جنايات الكرخ لمكافحة الفساد حسمت، في 25 نوفمبر تشرين الثاني الماضي، الدعاوى المتعلقة بسرقة (الأمانات الضريبية)، وأصدرت أحكاماً غيابية بالسجن عشر سنوات بحق المتهم نور زهير والسجن 6 سنوات بحق المتهم رائد جوحي، وعدد من الموظفين المشتركين بالجريمة والحبس ثلاث سنوات بحق عضو مجلس النواب السابق هيثم الجبوري
وكانت السلطات العراقية أعلنت نهاية آب أغسطس الماضي، عن كشف شبكة تنصت وابتزاز تعمل داخل القصر الحكومي، واستهدفت أنشطتها كبار القادة السياسيين وأعضاء البرلمان وكبار المسؤولين والقضاة ورجال الأعمال، وألقي القبض على سبعة مشتبه بهم أبرزهم مساعد مدير الإدارة في مكتب السوداني محمد جوحي.
وكشف النائب مصطفى سند، في 29 أيلول الماضي، أن القضاء العراقي تثبت من موضوع شبكة التنصت، وفيما لفت إلى أن “شركة زين وشركة آسياسيل أثبتتا وجود تنصت وتجسس على بعض النواب والشخصيات السياسية”، أشار إلى أن “الشخصيات المتورطة هم كل من حيدر ليث السوداني مدير مديرية الإنصات في جهاز المخابرات الوطني، وحيدر شياع صبار السوداني، شقيق رئيس الوزراء، وهو الآن هارب الى تركيا، وعبد الكريم السوداني، السكرتير العسكري لرئيس الوزراء، وشخصية كبيرة رابعة سيتم ذكرها في وقت آخر”.
ودخل مجلس النواب، في 3 أيلول سبتمبر الماضي، على خط التحقيق، مبينا أن الأيام المقبلة ستنكشف نتائج التحقيق ولن نتهاون بأي شكل من الأشكال مع المجرمين الإفلات من العقاب.
وكان النائب مصطفى سند، كشف عن وجود ضغوطات تمارس من أجل إخراج المتورطين بشبكة التجسس لكن لم يخضع القاضي المختص لتلك الطلبات، وبدورهم قام النواب المتضررون بتقديم الشكاوى وصدقت أقوالهم.
يشار إلى أن السلطات العراقية اعتقلت، في 19 آب أغسطس الماضي، شبكة تنصت وتزوير تابعة لمكتب السوداني بينهم موظفون وضباط.
وصدرت أوامر اعتقال بحق مسؤولين كبار في مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لتورطهم في إدارة شبكة تنصت تم الكشف عنها داخل القصر الحكومي في بغداد، أبرزهم السكرتير العسكري للسوداني الفريق أول عبد الكريم السوداني، ومدير مكتب السوداني إحسان العوادي، وأحمد إبراهيم السوداني، مدير مكتب رئيس جهاز المخابرات الذي يترأسه السوداني.
وقال النائب مصطفى سند في تدوينة له حينها، إن “محكمة تحقيق الكرخ (في بغداد) المختصة بقضايا الإرهاب اعتقلت شبكة من القصر الحكومي لمكتب رئيس الوزراء، وعلى رأسهم المقرب محمد جوحي وعدد من الضباط والموظفين”.
وحسب وثيقة حكومية مُتداولة، فإن محمد جوحي جرى نقله عام 2020 من وزارة الصحة إلى رئاسة الجمهورية، في زمن برهم صالح، وبعد تسلم السوداني منصبه تم نقله إلى مكتب رئيس الوزراء، للعمل بصفة نائب مدير عام شؤون الموظفين في المكتب.
وطبقاً لتقارير صحافية وتصريحات سياسية، فإن محمد جوحي تربطه صلة قرابة برائد جوحي، بمدير مكتب رئيس الوزراء السابق، مصطفى الكاظمي.
واشار سند في تدوينته إلى أن “الشبكة كانت تمارس عدة أعمال غير نظيفة ومنها التنصت على هواتف عدد من النواب والسياسيين إضافة إلى أنها «تقوم بتوجيه جيوش إلكترونية وصناعة أخبار مزيفة وانتحال صفات لسياسيين ورجال أعمال ومالكي قنوات”.
وأوضح أن “الشبكة اعترفت على أعمالها وتم تدوين أقوالهم ابتداءً وقضائيةً”، مبيناً أن “من ضمن الاعترافات الكثيرة انتحال رقم سعد البزاز، مالك قناة الشرقية الفضائية، وإرسال صورة مفبركة للقناة تحتوي صورة أربعة نواب لخبر كاذب، وإرسال الصورة على أرقام هواتف جميع النواب على الخاص”.
ولفت الى أن “هناك عدة ضغوطات تمارس من أجل إخراجهم لكن لم يخضع القاضي المختص لتلك الطلبات، وبدورهم، قام النواب المتضررون بتقديم الشكاوى”.
وفي 29 أغسطس آب الماضي، نقل موقع “ذا نيو ريجيون” عن مسؤولين أمنيين أن محمد جوحي ليس سوى إحدى الأدوات المستخدمة، وليس الرأس، في هذه الشبكة.
وأضاف أن “الوصول إليه (جوحي) جرى من خلال رابط على إحدى الصفحات المرتبطة به شخصياً، حيث قاد أفراد الأمن الوطني مباشرة إلى منزله داخل المنطقة الخضراء؛ حيث جرى اعتقاله”.
لكن التقرير تحدّث عن معلومات من المحققين تشير إلى أن الشبكة استهدفت التنصت على رئيس مجلس القضاء الأعلى.
الأمر الذي دفع مجلس القضاء للنفي، وقال، في بيان صحافي تلقته “العالم الجديد”، إنه “لا صحّة لما يجري تداوله على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن وجود محاولات تنصت على القاضي فائق زيدان”.
وتشكل قضية جوحي سابقة لم تشهدها الحكومات المتعاقبة، فيما تتصاعد الأصوات المحلية المطالبة بالدقة والنزاهة في اختيار الموظفين للمناصب الحساسة.