لطالما كانت الاتفاقات السياسية والحزبية مهيمنة على مجلس محافظة بغداد، فبعد مرور يوم على انتخاب مجلس بغداد بغالبية الأعضاء عمار الحمداني خلفا للمقال عمار القيسي، أصدرت محكمة القضاء الإداري، اليوم الأحد، أمرًا ولائيًا يقضي بإيقاف إجراءات إقالة رئيس مجلس محافظة بغداد عمار القيسي عن تحالف العزم، وإعادته الى منصبه، ليرد الأخير بتجديد ثقته بالقضاء وتمسكه بخدمة بغداد وأهلها.
ووفقا لكتاب رسمي حصلت عليه “العالم الجديد”، صادر عن المحكمة ومُذيَّلٌ بتوقيع رئيسها المستشار عثمان سلمان العبودي بتاريخ التاسع من شهر شباط الجاري، فقد قررت المحكمة وبالاتفاق “ايقاف اجراءات اقالة طالب الامر الولائي عمار حسين مطلك من منصب رئيس مجلس محافظة بغداد لحين حسم الدعوى المرقمة (961/ق/2025) استناداً لأحكام المادتين (151، 152) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 قراراً قابلاً للتظلم أمام هذه المحكمة”.
إلى ذلك قال رئيس مجلس بغداد عمار القيسي، في بيان تلقته “العالم الجديد”، أن “القضاء العراقي وبعد سلسلة تجاوزات قانونية رافقت جلسة إقالته من منصبه، أصدر أمرًا ولائيًا بإيقاف إجراءات الإقالة وإعادته رئيسًا للمجلس، تأكيدًا على سيادة القانون واحترام الدستور والمؤسسات الشرعية”.
وأضاف القيسي، أن “هذا القرار القضائي يُثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن ما جرى كان إجراءً مخالفًا للقانون، وهو ما سعينا إلى تصحيحه عبر الطرق الدستورية، إيمانًا منا بأن القضاء هو الحصن الأخير للعدالة، ولن يكون أداة بيد من يحاولون تمرير أجنداتهم على حساب المصلحة العامة”.
وصوت مجلس المحافظة، أمس السبت، على انتخاب عمار الحمداني عن حزب تقدم رئيساً للمجلس خلفاً للقيسي، وذلك بـ42 صوتا من أصل 58 صوتا.
وكان مجلس محافظة بغداد، مساء الخميس 6 شباط فبراير الجاري، على إقالة رئيسه عمار القيسي، بـ40 صوتا من أصل 41 صوتا بعدم القناعة بأجوبة القيسي بعد استجواب غيابي، فيما حدد يوم السبت موعداً لانتخاب الرئيس الجديد.
وجاء الاستجواب على خلفية اتهام القيسي بتجاوز الصلاحيات الممنوحة له وفق النظام الداخلي، وفي أعقاب ذلك، ذكرت مصادر لوسائل إعلام محلية إن القوى السياسية اتفقت داخل مجلس محافظة بغداد على انتخاب عمار الحمداني عن كتلة تقدم رئيسا للمجلس خلفا للمقال عمار القيسي.
وفي اليوم نفسه، أعلن القيسي، توجهه للطعن بقرار إقالته من منصب رئيس مجلس المحافظة، معتبرا وراء قرار إقالته “دوافع سياسية معروفة تسعى لإقصاء الأصوات الوطنية والإصلاحية، في محاولة واضحة لإعادة إنتاج أساليب الهيمنة والتأثير على مسار العمل المهني في المحافظة، بعيدا عن مصلحة أبناء بغداد”.
وكان القيادي في حزب تقدم أنور العلواني، أكد في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “ما حصل في مجلس محافظ بغداد وإقالة رئيسه عمار القيسي، بمثابة إعادة الحق لحزب تقدم واستحقاقه للمنصب منذ بداية تشكيله”، مبينا أن “منصب رئيس المجلس من استحقاق حزب تقدم حصرا ولكن اتفاقات حصلت حينها سلبت المنصب منه وأن القيسي هو مرشح تحالف العزم واخذ المنصب عنوة منذ البداية، ولذلك فالإقالة طبيعية لوجود خروقات في عمله غير الجدي والمترهل، إضافة لوجود عراقيل كثيرة في عمل المجلس”.
الجدير بالذكر أن مجلس محافظة بغداد، انتخب في 5 شباط فبراير 2024، عمار القيسي من (تحالف العزم) رئيساً للمجلس، بـ39 صوتاً، ومحمد جاسم نائباً للرئيس، خلال جلسته الأولى.
ويعد الكثيرون مجالس المحافظات “بابا من أبواب الفساد”، و”حلقة زائدة”، كما عبرت الكثير من الاحتجاجات التي انطلقت في بغداد والمحافظات في الأعوام السابقة.
ولطالما كان مجلس بغداد الجديد رغم مرور عام على تشكيله، يعاني من صراعات على المناصب والامتيازات.
وكانت “العالم الجديد” كشفت في 29 تشرين الأول أكتوبر 2024، على وثيقة صادرة من مكتب رئيس مجلس محافظة بغداد عمار القيسي، تفيد بحصول بموافقته على إيفاد أعضاء المجلس إلى فيينا في النمسا وجنيف في سويسرا وأمستردام في هولندا، وشرم الشيخ في مصر، ودبي في الإمارات، لغرض “تنمية المهارات المطلوبة في العمل”.
ومنذ تشكيل حكومته المحلية في شباط فبراير 2024، ما زال مجلس محافظة بغداد عمله، يثير الكثير من الشبهات حول ممارسته، كان آخرها في أيلول سبتمبر 2024، حيث كشفت “العالم الجديد”، النقاب عن وثائق تثبت قيام رئيس مجلس محافظة بغداد بالسعي لمنح عائلته المكونة من زوجته “ربة البيت” وأبنائه الطلاب، جوازات سفر دبلوماسية.
يذكر أن “العالم الجديد”، فجرت في آيار مايو 2024، فضيحة كبيرة، تمثلت بسعي مجلس محافظة بغداد الجديد للحصول على قطع أراض “مميزة” داخل العاصمة، والتي تراجع عنها المجلس بسبب ضغط الرأي العام، فضلا عن نشر الصحيفة مقطع فيديو لقيام المجلس بتغيير جميع الأثاث في مكاتب أعضاء المجلس، على الرغم من صلاحية الأثاث القديم وعدم تلفه.