صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

الكاظمي في مرمى «القضاء» مجددا.. تعرف على «خفايا» فترة توليه الحكم

يبدو أن الزخم الإعلامي والسياسي حول عودة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، إلى بغداد بعد غياب دام أكثر من عامين ونصف، والتساؤلات حول الدوافع وراء ذلك، فضلا عن الرسائل النارية التي وجهها الأخير لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قد فتحت الباب حول الإرث الثقيل الذي خلفه أبان فترة حكمه.

إذ أعلن عضو اللجنة المالية النيابية، حسين مؤنس، عن رفع دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، فيما كشف عن خفايا فترة تولي الكاظمي للحكم.

وكانت وثائق رسمية كُشف عنها في أيار مايو 2023، أن رئاسة الادعاء العام، وفي ردها على كتاب النائب بالبرلمان العراقي ورئيس حركة حقوق حسين مؤنس، قد وجهت محكمة التحقيق الاتحادية باتخاذ الإجراءات القانونية بصدد ما جاء بكتاب تحريك شكوى قضائية ضد الكاظمي بصفته رئيس جهاز المخابرات السابق.

وكان النائب حسين مؤنس قد طلب من رئيس جهاز الادعاء العام بتحريك شكوى قضائية ضد الكاظمي بصفته رئيس جهاز المخابرات السابق، نظرا لما وصفه النائب بإهمال الكاظمي الجسيم وتقصيره مع بعض موظفي الجهاز المكلفين بشأن عدم تقديمه المعلومات الأمنية اللازمة إلى القائد العام للقوات المسلحة لغرض اتخاذ الإجراءات المناسبة التي من شأنها منع تعريض سلامة الطيران المدني في مطار بغداد الدولي للخطر في تاريخ اغتيال المهندس وسليماني، بحسب الوثيقة.

وقال مؤنس في حوار متلفز تابعته “العالم الجديد”، إن “عودة الكاظمي في ظل وجود الكثير من الدعاوى القضائية ضده “دقلة من دقلات السياسية”، مؤكدا أنه “رفع دعوى قضائية لدى الإدعاء العام ضد الكاظمي حول تورطه باغتيال قادة النصر (قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم ‏سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس)، وقد تم رفعها إلى محكمة التحقيق للبت بها”.

وأضاف أن “الكاظمي لا يحتاج إلى هذا الكم من الزخم الإعلامي حول عودته، حيث هناك أمور لم تعرف عنه”، مبينا أنه “في فترة إستلام محمد السوداني رئاسة الوزراء وجدنا 70 جهاز تنصت قد تم زرعها في مكتب السوداني من قبل الكاظمي”.

وتابع: “قد طالبت السوداني برفع دعوى قضائية ضد الكاظمي بهذا الشأن، لكن لا أعلم إذا كان السوداني قد رفع الدعوى أم لا”، مستطردا بالقول: “ان هكذا أعمال جعلت من الكاظمي مادة لا تصلح للنقاش وإطالة الوقوف بها، وسوف يتم النظر بالكاظمي قانونيا حول ما عليه من قضايا”.

وحول عودة الكاظمي لخوض الإنتخابات المقبلة أجاب مؤنس قائلا: “عليك أن تخشى على اذاناتك”.

وأوضح أن “حديث الكاظمي الأخير بشأن إنجازاته وعدم تسجيلها باسمه، فإن منجزاته تقتصر فقط على صبغ “الجسر المعلق”، وحتى مشروع داري هو (وهم) ولم يتم توزيع سند واحد بهذا المشروع”.

وحطت طائرة خاصة في مطار بغداد الدولي، في 25 شباط فبراير الماضي، كان على متنها الكاظمي، ليصل إلى منزله في منطقة الجادرية وسط العاصمة، وقد تزامنت عودته مع نشاط مكثف على الساحة السياسية، حيث بدأت أجندته مزدحمة باللقاءات مع شخصيات سياسية بارزة، منها مقتدى الصدر ومحمد الحلبوسي، كما بدأت بعض المنصات الإعلامية القريبة من الكاظمي باستعادة نشاطها بشكل لافت.

وفي حديث له مع إحدى المحطات التلفزيونية القريبة من فصائل الحشد الشعبي، صرح الكاظمي قائلا إنه يريد “خدمة ناسنا”، في إشارة واضحة إلى نشاط سياسي مرتقب قد يرتبط بالانتخابات البرلمانية القادمة، هذا التصريح، إلى جانب زياراته للمسؤولين السياسيين، فتح المجال للتكهنات حول مشروع سياسي جديد قد يسعى الكاظمي لقيادته في المرحلة المقبلة.

ورحب العديد من السياسيين بعودة الكاظمي، وحملت تعليقات رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الأخيرة، أكثر من إشارة بخصوص عودة الكاظمي إلى بغداد، لا سيما في ما يتعلق باحتمالات ترشيحه مرة ثانية لرئاسة الحكومة.

وفي 2 آذار مارس الجاري، وجه رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، انتقادات لمشاريع حكومة رئيس الوزراء الحالي محمد السوداني، مشيرا الى أنها كانت ضمن خطته الحكومية السابقة، فضلا عن الانتقادات التي وجهها لحكومة الأخير تتعلق بالفساد واحداث تشرين مما أثار جدلا واسعا داخل الأوساط المحلية.

يذكر أن الكاظمي تولى منصب رئيس الوزراء خلال الفترة من 7 أيار مايو 2020 الى 27 تشرين الأول أكتوبر 2022.

وسبق أن مارست قوى سياسية داخل قوى الإطار، خاصة التي لديها أجنحة مسلحة، ضغوطاً كبيرة على الكاظمي خلال فترة حكمه أو بعد مغادرة منصبه من خلال ملاحقة بعض مساعديه قضائياً بتهم فساد وتجاوزات مالية.

وتتزامن عودة الكاظمي مع تحركات مكثفة تقودها شخصيات سياسية لخلق بديل سياسي بتوجهات مدنية وليبرالية في مقابل هيمنة أحزاب الإسلام السياسي التي قادت البلاد خلال العقدين الأخيرين.

وعانى الكاظمي خلال فترة ولايته من تحديات كبيرة، منها محاولة اغتياله في 2020 عبر هجوم صاروخي على منزله، بالإضافة إلى اتهامات له بالتواطؤ في اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني والقيادي في الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.

يذكر أنه في 3 كانون الثاني يناير 2020، اغتالت طائرة مسيرة أمريكية قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، بضربة جوية قرب سور مطار بغداد الدولي، وذلك بعد استقبال المهندس لسليماني وخروجهما من المطار.

وعلى الرغم من تلك التحديات، إلا أن الكاظمي لم يتوقف عن مواصلة أنشطته السياسية، إذ كانت هناك إشارات إلى أنه لا يزال يحظى بدعم من بعض القوى المدنية والليبرالية في العراق.

إقرأ أيضا