صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

(الكردستاني) يفاجئ العبادي في مستهل ولايته و(بدر) تثأر للتخلي عن العامري

حسمت الكتل السياسية قبل 24 ساعة فقط، من انتهاء المهلة الدستورية مصير حكومة المُكلف حيدر العبادي، والتي توافق غداً الاربعاء،  بتصويت مجلس النواب على برنامجها الوزاري والذي يمنح الثقة لرئيس الوزراء الثقة ضمناً دون وزارته، ليطرح بعدها اسماء وزارته التي خلت من الوزارتين الامنيتين ووزارة الموارد المائية لجهة عدم الاتفاق على اسماء المرشحين لتسلم الحقائب.

 

جلسة متأخرة

وشهدت الجلسة التي تأخرت عن موعدها المعلن الساعة الثامنة مساء امس الاثنين، لنحو ساعة ونصف، لتبدأ عند الساعة التاسعة والنصف، سجالات سياسية ونقاط نظام وانسحابات مفاجئة هددت بتأجيل الجلسة، لكن الاتفاق الضمني بين رئيس المجلس النواب سليم الجبوري وقادة الكتل الكبيرة، افضى لتجاهل اللغط السياسي، باتجاه الذهاب الى توزير الحكومة.

 

وانسحبت كتل بدر، والوفاء المقاوم، والتحالف الكردستاني وعدد من نواب اتحاد القوى الوطنية.

 

واعترضت كتلة \”بدر\” على عدم ترشيح أمينها العام هادي العامري كوزير أمني، فيما كانت اعتراضات كتلتي القوى والكردستاني على التمثيل الوزاري، فيما امتنع عدد كبير من النواب عن المشاركة في الجلسة، مفضلين البقاء خارج قاعة الاحتفال.

 

وانتقد رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، النواب الممتنعين، مستغرباً تصرفهم \”في وقت حرج كتشكيل الحكومة في ظل أزمة امنية\”، مقترحاً تأجيل الجلسة لنصف ساعة لاقناع النواب الممتنعين المشاركة بجلسة اقرار الحكومة، او المضي وفق الضوابط بالجلسة لجهة تحقق النصاب، وهو الامر الذي أيده رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بمداخلة له.  ليعود بعض المنسحبين والممانعين الى القاعة.

 

وعقدت الجلسة عند بدئها بحضور 182 نائباً، وعدّ الجبوري النصاب قانونيا بمن حضر لتلافي اي محاولة تأجيل طالب بها عدد من النواب، ليتراجع العدد مع انسحاب عدد من النواب من بينهم اعضاء بكتلة بدر الى 179 نائباً.

 

نقاط نظام على خرق الدستور

وابدى نواب كثر من كتل مختلفة، اعتراضهم مسجلين نقاط نظام على سيّر الجلسة، لوجود خرق دستوري بعدم توزيع السيّر الذاتية على مجلس النواب لفحصها والتأكد من كفاءة المرشحين لشغل الوزارات، ما حدا بالنائب عن اتحاد القوى، علي المتيوتي الى الاعلان من طرفه فقط التنازل عن وزارات تحالفه من اجل تشكيل وزارة كفاءات قوية.

 

وقبيل الدخول الى اجراءات منح الثقة، دعا الى الجبوري وزراء الحكومة المنتهية ولايتها ممن فازوا بمقاعد نيابية الى ترديد القسم النيابي، ليدعو بعدها الجبوري، الرئيس المُكلف العبادي الى قراءة برنامجه الحكومي بشكل مكثف ومركز، على حد تعبير الأخير.

 

برنامج وزارة العبادي

وبدا برنامج العبادي عملياً اكثر منه سياسي، لاسيما بتركيزه على خطط التنمية الاقتصادية والتحول الى اقتصاد السوق، واستكمال مشروع الحكومة الالكترونية، وتشكيل \”وطني لكل محافظة\” تكون قوة اسناد للجيش العراقي وقوى الامن الداخلي.

 

وقال العبادي في كلمته التي تضمنت البرنامج الوزاري، وتابعتها \”العالم الجديد\”، ان \”البرنامج ينقسم الى قسمين، خطة آنية وخطة استراتيجية، استندت على 17 فقرة\”.

 

ويتكون البرنامج الذي ارفق فيه وثيقة الاتفاق السياسي بين الكتل الرئيسة، من ثلاثة محاور هي (خطة العمل للفصل الاخير من العام 2014) و(خطة التنمية الوطنية 2015 – 2018) و(الاصلاح الحكومي).

 

وشدد العبادي في برنامجه، على حصر السلاح بيد الدولة وعدم السلام بوجود اي تنظيم مسلح خارج إطار المؤسسة الامنية الرسمية، معلناً تشكيل \”حرس وطني\” لكل محافظة يتولى اسناد الجيش والشرطة، فضلاً عن تسليح البيشمركة الكردية، منوهاً الى ضرورة ان تحافظ القوى الامنية بشكل صارم على حقوق الانسان وعدم التعدي على المواطنين، وتطوير مشروع الحشد الشعبي لمواجهة الارهاب.

 

ولفت العبادي في برنامجه الى التحوّل من اقتصاد الدولة المنظمة، الى اقتصاد السوق الحر، ودعم اللامركزية الادارية، وتنويع مصادر الدخل، والاسراع بتشغيل الحكومة الاليكترونية، وخفض الانفاق الحكومي، والقضاء على الفساد، ودعم الاستثمار وسن قوانين حماية المستهلك والصناعة المحلية، وتخفيف البطالة، والتحول الى شراء الخدمات كالكهرباء، اعتماد الخبرات الاستشارية العالمية لانجاح الخطط الحكومية، وانتهاج سياسة انفتاح خارجية مع المحيط الاقليمي والدولي، وحل المشكلات العالقة مع اقليم كردستان، وسن قانون النفط والغاز، وتطوير الصناعة النفطية.

 

الموقف الكردي المفاجئ

وعقب انتهاء العبادي من تلاوة برنامجه، كشف التحالف الكردستاني، عن الموقف الكردي، ضمن ما اسماه \”بلاغ القيادة الكردستانية\”، والذي تلته النائبة آلا الطالباني، معلنة ان الثقة الكردية بالحكومة الجديدة محددة بزمن معين، لجهة ان المشاركة في الحكومة ستكون لـ3 اشهر فقط، ليتحدد بعدها البقاء في الحكومة من عدمه على اساس تحقيق المطالب الكردية، مطالبة بتعليق التصويت على البرنامج الحكومي لحين مناقشته من قبل الكتل السياسية وتكييفه وفقا للمصالح الكردية. 

 

وطالب البلاغ الكردستاني العبادي، بدفع حصة اقليم كردستان من المال الاتحادي خلال اسبوع واحد، بما فيها الرواتب والمستحقات من شهر كانون الثاني ولغاية آب 2014، وحل مشاكل استخراج وتصدير النفط خلال 3 اشهر، وتسليح البيشمركة والاتفاق على تطبيق المادة 140 وعقد اتفاقية استخدام المجال الجوي، والشروع بدفع مستحقات اقليم كردستان النفطية لغاية شهر ايلول الماضي.

 

في غضون ذلك، طالبت النائبة عن ائتلاف دولة القانون، حنان الفتلاوي، الوزراء المرشحين التخلي عن جنسياتهم الاجنبية امام مجلس النواب، وتوقيع تعهدات باسقاطها، قبل اداء اليمين الدستورية، ورغم ثناء الجبوري على مقترح الفتلاوي، غير ان ايا من الوزراء المرشحين لم يستجب.

 

وصوّت مجلس النواب بالاغلبية البسيطة على البرنامج الوزاري ومنح العبادي الثقة بـ177 صوتاً عبر الاقتراع العلني المباشر من اصل 289 نائباً. ليطلب بعدها الجبوري من العبادي عرض اسماء كابينته الوزارية على مجلس النواب للتصويت عليهم فرديا وفقا للدستور.

 

فيما طالب النائبان خالد المفرجي ورعد الدهلكي، بالتصويت اولا على الوزارات الامنية، وعدم تركها بالوكالة.

 

أسبوع لتسمية وزراء الأمن

وقبيل اعلانه عن اسماء الكابينة الوزارية، قال العبادي \”لم اختر جميع هذه الاسماء، بعض الكتل لم تمنحني هذا الحق، سأضطر لترك بعض الوزارات وكالة لحين الاتفاق\”.

 

وتحت ضغط نيابي، اعلن العبادي منح جميع الكتل مهلة اسبوع واحد لتقديم مرشحيها، والا سيضطر الى تسمية وزراء بنفسه، والمجيء بهم الى مجلس النواب للتصويت عليهم، ولاسيما الوزراء الامنيين.

 

الكابينة الوزارية

ووفقاً لما اعلنه العبادي، فان الكابينة الوزارية تكونت من: صالح المطلك (اتحاد القوى الوطنية) وهوشيار زيباري (التحالف الكردستاني) وبهاء الاعرجي (التحالف الوطني) نواباً لرئيس الوزراء على التوالي. وحصل المطلك على تزكية 149 صوتاً، وزيباري على 164 صوتاً، فيما الاعرجي بالاغلبية البسيطة.

 

وشملت الوزارة، ابراهيم الجعفري وزيراً للخارجية، روز نوري شاويس وزيراً للمالية، عادل عبد المهدي وزيراً للنفط، سلمان الجميلي وزيراً للتخطيط، حسين الشهرستاني وزيراً للتعليم العالي والبحث العلمي، حيدر الزاملي وزيراً للعدل، محمد مهدي البياتي وزيراً لحقوق الانسان، فلاح حسن زيدان وزيراً للزراعة، نصير العيساوي وزيراً للصناعة والمعادن، قاسم الفهداوي وزيراً للكهرباء، طارق الخيكاني وزيراً للاعمار والاسكان، باقر جبر الزبيدي وزيراً للنقل، كاظم حسن الراشد وزيراً للاتصالات، محمد شياع السوداني وزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية، عديلة حمود وزيرة للصحة، قتيبة الجبوري وزيراً للبيئة، محمد اقبال وزيراً للتربية، ملاس عبد الكريم الكسنزاني وزيراً للتجارة، فارس يوسف ججو وزيراً للعلوم والتكنولوجيا، فرياد راوندوزي وزيراً للثقافة، عبد الحسين عبطان وزيراً للشباب والرياضة، احمد عبد الله الجبوري وزيراً للدولة لشؤون المحافظات ووكالة وزيراً لشؤون مجلس النواب، عبد الكريم يونس عيلان وزيراً للبلديات والاشغال العامة.

 

وبلغ عدد الوزارات المصوّت عليها 23 وزارة، و3 نواب لرئيس الوزراء. ليؤدي الوزراء اليمين الدستورية، ما عدا زيباري لتخلفه عن حضور الجلسة. ولم يعلن عن العدد الكلي للوزارات.

 

وسجل التيار الصدري، عبر النائب ضياء الاسدي عن اعتراضه لعد تسمية مرشحه لوزارة الموارد المائية النائب جواد الشهيلي، رغم تقدم التيار بذلك رسمياً، فيما اعترضت كتلة \”مستقلون\” ضمن ائتلاف دولة القانون على تسمية رئيس الكتلة النائب حسين الشهرستاني كوزير، رغم التقدم بطلب رسمي الى العبادي بعدم استيزاره اعتراضه على كابينة الحكومية، وهو ما اعلنته النائب اسماء الموسوي.

 

نواب معصوم

وحال منح الوزراء المعلنين الثقة، دعا رئيس مجلس النواب الى التصويت على مرشحي نواب رئيس الجمهورية، على اساس كتاب رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، بترشيح رئيس ائتلاف دولة القانون رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ورئيس ائتلاف متحدون الرئيس السابق لمجلس النواب اسامة النجيفي، ورئيس القائمة الوطنية اياد علاوي، وحاز المرشحون على الاغلبية البسيطة، ليتم منحهم الثقة، واداء اليمين الدستورية.

 

وطرح رئيس مجلس النواب، بعدها التصويت على منصب النائب الاول لرئيس مجلس النواب، والذي ترشح له وحيداً باتفاق سياسي مسبق النائب عن ائتلاف المواطن همام حمودي ليحصل بالاقتراع السري المباشر على 194 صوتاً.

 

المواقف الدولية

وفي اول رد فعل على تسمية حكومة العبادي، رحب المُمثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف الاعلان عن تشكيل الحكومة بـ\”حرارة\” معتبراً ان ذلك \”يوفر الأمل وفرصة للعراقيين، ويعزز الوحدة الوطنية والإصلاح الاجتماعي والاقتصادي والتنمية\”.

 

وأعرب ميلادينوف في بيان صحفي تلقته \”العالم الجديد\” عن أمله بالعمل مع العبادي، مبدياً دعم الامم المتحدة للعراق \”في أي مسعىً يرمي لتعزيز الدعم الواسع للعراق في الفترة المقبلة\”.

 

فيما اعلن البيت الأبيض، إن الرئيس باراك أوباما اتصل هاتفيا برئيس الوزراء حيدر العبادي، عقب منح الثقة، لمناقشة التزام الولايات المتحدة بالعمل مع حكومة بغداد الجديدة لمساعدتها في محاربة \”داعش\”.

 

ولفت البيت الأبيض في بيان صحفي \”اتفق الرئيس ورئيس الوزراء على أهمية أن تتخذ الحكومة الجديدة خطوات ملموسة سريعا للتعامل مع التطلعات والمظالم المشروعة للشعب العراقي\”، مبيناً ان رئيس الوزراء عبر عن التزامه بـ\”العمل مع جميع الطوائف في العراق فضلا عن الشركاء الإقليميين والدوليين لتعزيز قدرات العراق لمحاربة هذا العدو المشترك\”.

 

بينما اعتبر وزير الخارجية الاميركي، جون كيري، للصحفيين في واشنطن، ان \”الحكومة الجديدة لديها القدرة على توحيد جميع الطوائف من أجل عراق قوي موحد، ومنح هذه الطوائف فرصة لبناء مستقبل ينشده العراقيون جميعا\”.

إقرأ أيضا