هناك حالة نمر بها، كنوع من \”فصام الشخصية\”، او الازدواجية، بان نرى اي تظاهرة في العراق او العالم العربي والاسلامي، حتى اذا كانت لأجل زيادة رواتب المعلمين مثلاً، لابد ان تصاحبها، الهتافات التاريخية بـ\”الموت لامريكا\”، ولابد من إكمال المشهد بالقيام \”بحرق علمها\”، ثم ركله بغضب مع دعاء خالص الى السماء باغراق هذه الدولة المتكبرة في المحيط وتخليص الانسانية منها.
لكن العجيب ان المتظاهرين انفسهم، ما ان تفتح نافذة اللجوء في بلادهم الى الولايات المتحدة، حتى تبدأ في أوساطهم سباقات ماراثونية نحو السفارة، لتقديم طلبات اللجوء لشد الرحال نحو القوة المتكبرة هذه، والقبول بان يكونوا من دافعي الضرائب المهذبين الذين يمدون القوة العسكرية الأميركية، وأجهزة مخابراتها، ببلايين الدورات.
قبل ايام سمعت عن احد الاصدقاء، وهو من نينوى، كان ضابطا في الجيش السابق برتبة نقيب، وقد أطاحت الولايات المتحدة بجيشه، وبعدها جاء دور \”المقاومة\” كما كان يسمي بعض عناصرها، فهرب بسببهم من مدينته، متخذا من مدينة \”الصفويين\” البصرة محلا لكسب رزقه بكل احترام. صديقي هذا قبل شهر وصل الأراضي الأميركية بسلام، وقد حصل على لجوء إنساني، فوجئت بالخبر، لكني استدركت بالدعاء له ان يحظى بلجوء إنساني آمن ومزدهر.
بعدها قرأت في صفحة السفارة الأميركية ببغداد على \”فيسبوك\”، ان هناك برنامج لجوء فتح للعراقيين، وقد سمحت الخارجية الأميركية، بقبول طلبات 55 ألف عراقي سنوياً!! وهو خبر مفرح لمن يريد أن يجرب حظه خارج بلاد الرافدين المُتعِبة، لكن في الوقت ذاته، حذرت السفارة ممن أسمتهم بـ\”المخادعين\” الذين يأخذون الأموال من المواطنين، مقابل ظهور أسمائهم في قوائم المقبولين. وقال البيان نفسه ان القبول يتم عن طريق القرعة فقط، والتي تجرى بعدالة بين جميع المتقدمين، بل ان هناك حالة ادعاء من مواطنين غير عراقيين، بانهم عراقيون ويقدمون عن طريق السفارة في العراق.
هناك رغبة شديدة بالسفر وتحصيل اللجوء لديهم، لكن نحن ما زلنا نلعنهم، وبذات الوقت، نتصدر قوائم اكبر دول طالبي الهجرة اليهم، يبدو هذا الأمر غريبا، فالكل يعرف ان فلسطين ولبنان، في مقدمة قائمة الأعداد المهاجرة، يتلوهما مصر والعراق، وقد لحقتنا سوريا بعد الازمة التي تعيشها وسابقا ايضاً، لكن الاحداث الاخيرة مزقت السوريين وجعلتهم يتمنون الهرب الى اي جزيرة في البحر، ثم دول المغرب العربي، والتي فيها شباب، لا يفضلون الهجرة فقط، بل يفضلون الموت غرقاً على أعتاب سواحل ايطاليا وغيرها، على البقاء يوما واحدا في بلدانهم، والتي تضج بـ\”لا اله إلا الله\”.
ما السبب؟ ستخلو البلدان من أهلها، لولا نساء ولودات كالأرانب حماهن الله!
* كاتب عراقي