يقع اسم “لوكال زاغيزي”، ضمن كثير من الأسماء التأريخية المهمة المهمشة أو المنسية أو التي تعرضت للإلغاء.
هذا الملك الذي لا يَعرفه الكثير، وُلد في الألف الثالث قبل الميلاد في مدينة أوما لعائلة أرستقراطية دينية، كان والده يشغل منصب كاهن للإلهة “نصابا”، عايش منذ صغره الحروب الطويلة بين أوما، ولكش، إذ كانت بلاد ما بين النهرين مسرحاً لصراعات لا تنتهي بين دويلات المدن السومرية مثل أوروك، أور، لكش، أوما، نيبور، ولارسا.
وسط هذا المشهد المضطرب برز لوكال زاغيزي، كقائد طموح سعى لتوحيد هذه المدن تحت حكم مركزي قوي، كانت البداية الأصعب في صراعه مع الملك “أوروكاجينا” حاكم لكش، إذ قاد لوكال زاغيزي حملة عسكرية مفاجئة أنهت حكم أوروكاجينا وأخضعت لكش، ليحقق أول خطوة نحو حلمه بتوحيد سومر، عندها استمر بتوسيع نفوذه تدريجياً إلى مدن كبرى أخرى:
– نيبور: المدينة المقدسة للإله إنليل، التي منحت سيطرته عليها شرعية دينية كبيرة.
– أور: مركز اقتصادي وديني رئيسي جنوب بلاد ما بين النهرين.
– لارسا: مدينة مهمة اقتصاديًا ودينيًا.
– أوروك: جعلها لوكال زاغيزي عاصمة لمملكته، فكانت مقر حكمه ونموذجه الحضاري المتقدم.
ولتأكيد طموحه السياسي والديني، أعلن لوكال زاغيزي نفسه “ملك كل الأراضي بين البحرين”، مشيراً إلى البحر المتوسط شمالًا والخليج العربي جنوباً. كما كان أول من اتخذ لقب “ملك الأقاليم”، في إشارة لتوحيد دويلات المدن السومرية تحت مظلة حكمه المركزي، ولتعزيز شرعيته تبنى لقب “ابن الإلهة إنليل” الذي أكسبه تأييداً شعبياً ودينياً زاد من سلطته.
ومع ذلك، كان توحيد هذه المدن تحدياً كبيراً، إذ لم تستطع المدن المنضوية تحت سلطته التخلص من اضطراباتها الداخلية، وفي ظل هذه الفوضى وجد سرجون الأكدي، القائد الصاعد من مدينة أكاد شمال سومر فرصة سانحة لتحقيق طموحاته الإمبراطورية.
سرجون الأكدي، الذي عرف بذكائه العسكري وحنكته السياسية أعلن نفسه “ملك سومر وأكاد” متحدياً سلطة لوكال زاغيزي فكانت المواجهة في معركة مصيرية عند أسوار أوروك حوالي عام 2270 ق.م، تمكن فيها سرجون من هزيمة لوكال زاغيزي وتم أسره، وفي مشهد رمزي ساقه مكبلاً إلى معبد “الإله إنليل” في نيبور، حيث تشير الروايات إلى أنه تم إعدامه هناك في خطوة أنهت حلمه التوحيدي.
لكن انتصار سرجون لم يقتصر على الميدان العسكري، أراد محو ذكرى لوكال زاغيزي من صفحات التاريخ، فدمر أسوار أوروك رمز قوته وشرع في اعلان نفسه موحداً متجاهل إنجازات لوكال زاغيزي وتصويره كقائد ضعيف خسر أمام عظمة سرجون.
وبذلك تحوّل سرجون إلى رمز للوحدة والقوة في الذاكرة التاريخية، بينما ضعف اسم لوكال زاغيزي تدريجياً حتى أصبح معروفًا فقط لدى قلة من الباحثين في التاريخ السومري.