صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

المالكي متناقض حتى في زيارته للموتى

عجيب أمر هذا الرجل، بغداد تحرق كل يوم ويخرج لنا فيقول لقد حققنا خطوات كبيرة في القضاء على الإرهاب! لا زلت أتذكر ما أدلى به مدير مكتبه السيد فاروق الأعرجي بالتحديد في 23 / 11 / 2011 حينما صرح بأن \”جهود الأجهزة الأمنية تمكنت من القضاء على 95 في المائة من الإرهاب في البلاد\” مشيرا إلى أن \”الخمسة في المائة المتبقية تحت السيطرة، وسيتم القضاء عليها في القريب العاجل \”، وأضاف الأعرجي في وقتها أن \”القوات المسلحة الوطنية قادرة على حماية أراضي العراق ومياهه وأجوائه\”. تصريحات مدير مكتب السيد المالكي هذه كانت بعد خروج القوات الأميركية من العراق بشكل كلي. وليتهم لم يخرجوا! فقد تركوا العراق ينزف الدم.

كل يوم تعودنا أن نسمع مثل تلك الأكاذيب والتناقضات حتى أنها صارت جزءاً من شخصية السلطان وأعوانه في حكومة خلت نفوس شخوصها من صفة الحياء. كان على الهند في استقبالها للسيد نوري المالكي أن تضع لافتة يكتب عليها \”أهلا بك يا رئيس حكومة الفساد\”. هو ذا ما يستحقه السلطان بعد أن طال الفساد حتى مكتبه كقائد عام للقوات المسلحة. فهو يدعي في كل لقاء إعلامي معه بأنه يحارب الفساد والمفسدين، في حين أن مسؤول مالي في مكتب السيد رئيس الوزراء اختفى بعد أن أودع مبلغ خمسة عشر مليار دينار من نثرية الرئاسة في أحد مصارف دبي! أليس حريا بالسيد نوري المالكي أن يحارب الفساد في مكتبه أولا؟

ثمة تناقض آخر في تصرفات الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية حين قسم حزب البعث حسب الانتماء الطائفي إلى حزبين، حزب البعث الشيعي وحزب البعث السني، وما يفسر ذلك قيام حزب الدعوة الإسلامية بإعادة تعيين مئات من الضباط البعثيين الشيعة، منهم 87 ضابطا كبيرا بدرجة عضو شعبة وعضو فرقة ممن يشملهم قانون اجتثاث البعث وهم الذين يقودون القوات المسلحة العراقية الآن ويؤكدون ولاءهم للمالكي، إضافة إلى 11 ضابطا بدرجة فريق أول منهم مدير مكتبه العسكري الفريق أول فاروق الأعرجي الذي كان يعمل مساعدا لحسين كامل في التصنيع العسكري وأخوه سامي الأعرجي البعثي المعروف سابقا وهو رئيس هيئة الاستثمار المسؤولة عن مليارات الدولارات وعبود كنبر المالكي قائد عمليات بغداد وهو قائد في سلاح البحرية في عهد صدام.

عجيب غريب أمر السيد نوري المالكي يشتكي من الطائفية ويحذر من خطرها وهو الطائفي رقم واحد في الحكومة. بل هو على رأس حزب طائفي بامتياز. فحزبه الذي يتزعمه هو حزب شيعي خالص مائة في المائة، حزب ولد من رحم إيران الشيعية، والتي غذته ورعته ودبرته ودعمته ليكون على رأس السلطة في العراق، حاملا على عاتقه تنفيذ ما خطط إليه جو بايدن بتقسيم العراق إلى ثلاث دويلات، دولة كردية في الشمال ودولة شيعية بالجنوب ودولة سنية بالغرب، يساعده في تنفيذ هذا المخطط الحزب الإسلامي العراقي السني الذي شارك الحكومة العراقية بعد الاحتلال منذ مجلس الحكم الانتقالي إلى هذه اللحظة. حزب طالما روج إلى ضرورة حماية العقيدة السنية عبر إنشاء إقليم يضم المحافظات ذات الأغلبية السنية. فالمذهب السني بزعمهم في خطر ويجب على السنة حمايته بإقليم! وان أبناء السنة يقبعون دون غيرهم من العراقيين في المعتقلات والسجون. في حين عرض تقرير نشر في صحيفة العالم الجديد بتاريخ 13 آب 2013 أن سجن أبو غريب مليء بالمعتقلين الشيعة والسنة، وان الشيعة فيه يعانون الضرب والتعذيب والتجويع مثلما السنة فيه، وان التنكيل ينال جميع النزلاء دون تمييز طائفي.

ما يحدث للعراقيين في السجون يطالهم خارجها من خلال مناظر الموت البشع اليومية، حيث لا تميز شظايا التفجيرات بين سني وشيعي في الشارع. والسيد نوري المالكي يزور المهاتما غاندي في الهند! ولو قدر للمهاتما غاندي النهوض لصرخ بوجه المالكي، ولقال موبخا له لا أهلا بك، تزورني وأنا داعية السلام في العالم؟ كيف لأقدامك أن تقترب مني وقد زرت قبلي القتلى من الجنود الأميركان الذين جاؤوا ليحتلوا بلادك، عار عليك أن تكون متناقضا حتى في زيارة الموتى. اذهب فمصيرك لن يكون كمصيري، ولن يكون العراق مثل الهند طالما تحكمه أنت.

* كاتب عراقي

إقرأ أيضا