خطوة \”ضرورية\” كما وصفها بنفسه أن يتحدث السيد رئيس مجلس الوزراء إلى الشعب كل أسبوع، ولكنها لن تكون \”ضرورية\” في حال استمرت على شاكلة كلمة الأربعاء – أول كلمة أسبوعية، إلا إذا كانت \”العافية بالتداريج\”.
من مراقبتي لأداء المالكي وهو يلقي الكلمة لاحظت أنه كان يقرؤها وعينه على الكاميرا، أظن أن مكتبه الإعلامي وفر له \”أوتوكيو\” فيما كانت ورقة الكلمة المطبوعة ملقاة أمامه على الطاولة ليتلقفها متى ما توقف جهاز التلقين، كأي مذيع محترف، لكن المخرج أو المصور لم يكن محترفا، فمن يعود إلى الفيديو الذي بثه موقع المالكي الرسمي على \”يوتيوب\” سيشاهد انعكاس حركة من تواجدوا وراء الكاميرا في زجاج \”البوفية\” خلف كرسي الرئيس!
هذه الحركة تعد بلغة الإعلام والإتصال تشويشا، والتشويش يؤثر في وصول الرسالة الإعلامية بنجاح من المرسل (المالكي) إلى المستقبل (الشعب)، عموما هي الكلمة الأولى، أو \”التجريبية\”، ولكن لنعود إلى ما قبل الكلمة، فمستشار رئيس الوزراء مهد لكلمته بخبر مقتضب قال فيه إن الكلمة ستكون \”قصيرة\” يتحدث فيها للمواطنين لإحاطتهم علما بما يجري من تطورات تشهدها البلاد على مختلف المستويات وبيان الموقف منها.
وهنا الذروة، إذ كيف يمكن لكلمة \”قصيرة\” أن تحيط المواطنين بما يجري من تطورات في البلاد، وهي بلاد التطورات؟! ثم ما المقصود بالإحاطة؟ هل هي إحاطة رئيس وزراء بوصفه أهم مصدر للمعلومات في البلاد؟ أم هي إحاطة وسيلة إعلام لجمهورها؟ أتصور أن المالكي حين بدا لي أشبه بالمذيع كان أقرب إلى الإحاطة الثانية! لكنها إحاطة غير احترافية هذه المرة فـ\”محرر\” الكلمة بحاجة إلى تدريب جيد! فرسالة مثل \”صراعنا بين ارهاب يريد تحقيق اغراض بعودة البلد الى نقطة الاقتتال وبين ارادتنا وارادة شعبنا وابناء قواتنا المسلحة واجهزتنا الامنية في ضرورة الحفاظ على المكتسبات وعلى ما تم تحقيقه من ديمقراطية في هذا البلد، وتداول للسلطة وحريات واستعادة كرامة الانسان العراقي في بلده يوم كان مقموعا من قبل النظام الدكتاتوري\” كان من المفترض أن توجه في 2006؟ أو لا توجه إطلاقا!
أما إعلان المالكي في كلمته معلومة اعتقال 800 مطلوب من الإرهابيين، وهو رقم لو ركزتم فيه لوجدتموه مقاربا لرقم المهرّبين من أبو غريب، فهي لا تعدو أن تكون معلومة مثل جميع المعلومات التي يدلي بها قادة أمنيون منذ الإرهاب وحتى الإرهاب! ولو أتعب باحث نفسه وتقصى عن عدد المعتقلين بحسب المتحدثين الرسميين والبيانات الحكومية لاكتشف رقما يفوق رجال البلاد، هكذا أخمن بلا دليل!
وللأمانة فاني أسمع للمرة الأولى من لسان دولته وفي كلمته أن للإرهاب في البلاد بنى تحتية ومستعمرات.. قد يكون هذا التوصيف دقيقا لكنه مرعب بإزاء السؤال عن موقع وفعل الأجهزة الأمنية إذا ما كان للإرهاب بنى ومستعمرات لا حواضن فقط!
أين كانت الأجهزة من زمر الإرهاب حتى تمكنت من تشييد بنى ومستعمرات؟!
ثم، وفي طيات الكلمة، لا أدري كيف تهبط اللغة إلى درجة الطلب هذه \”نحن نقول لكل الذين رسموا مسلسل أعمال لتخريب بلدنا أن يسحبوا أيديهم وأصابعهم السوداء وان يدعونا كعراقيين نعيش أجواء المحبة والأخوة لنبني بلدنا\”، إذا تحب آني هم أحجي وياهم دولة الرئيس!
حجينا عيني هذه الكلمة بعمومياتها لا أعتقد أن وسائل الإعلام أو الجمهور كان متلهفا لتلقيها، هذه كلمة يمكن أن تقرأ وتسمع وتشاهد في أي مكان ووقت ومن أي شخص، أقولها صادقا لك: إذا أردت أن تتكلم للشعب فتكلم معه بالمعلومات والكشف عن الملفات بتفاصيلها بدل التلويح بها للخصوم.. ليفهم الشعب ما يجري من حوله ومن تحت أقدامه وليقرر مستقبلا كيف يختار ومن يختار ليضمن له الأمن والخدمات.. هذه رسالتي لك ولخصومك أيضا، ممن لديهم أحاديث أسبوعية وخطب رنانة تلوك الكلام بينما تلوك الشعب مآسيه وهمومه.