تتصاعد المخاوف في العراق من احتمالات نشوب نزاعات وصدامات ذات صبغة طائفية في العراق على غرار ما حدث عام 2006، وذلك بعد تولي أحمد الشرع سدة الحكم في سوريا بعد سقوط بشار الأسد، وتباين آراء القوى السياسية في العراق من التغيير السوري.
وفي هذا الإطار، حذر زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، اليوم السبت، بعبارات مشددة حول “الفتنة الكبرى” في سوريا، مشيرا إلى محاولات للالتفاف على العملية السياسية في العراق، فيما أكد أن الفتنة إذا وقعت ستكون لها عواقب وخيمة.
يذكر أن الجامعة القومية للدفاع في الولايات المتحدة كانت قد حذرت من انزلاق العراق الى حافة الحرب الأهلية بسبب ما وصفته بالتقلبات السياسية وأعمال العنف المتواصلة.
وقال المالكي، في كلمة خلال المؤتمر التأسيسي لمجلس عشائر كربلاء وتابعته “العالم الجديد”، إنه “يجب الحذر من بقايا تنظيم “داعش” وحزب البعث المنحل”، مؤكدا أن “هؤلاء يشكلون أدوات للفتنة التي تهدد منجزات الشعب العراقي بعد التخلص من حقبة الدكتاتورية”.
وأضاف المالكي، أن “هناك ضغوطا تمارس لغرض إلغاء هيئة المساءلة والعدالة والسماح بخروج الإرهابيين من السجون”، مؤكدا أن “ائتلافه لن يسمح بذلك”.
كما شدد على ضرورة “الوقوف في وجه من يحاولون تكرار التجربة السورية في العراق”، مشيرا إلى أن “العراق بلد مستقر وديمقراطي، رغم وجود بعض الثغرات والاختراقات التي يجب الانتباه إليها”.
وأكد المالكي أن من وصفهم بـ” الطائفيين والبعثيين” بدأوا يتحركون في غفلة من الأجهزة الأمنية، لكنه أضاف: “مادمنا موجودين والسلاح بيدنا، فسيندمون”.
وحول سوريا، أشار المالكي إلى أنه “تم استهداف أتباع أهل البيت ويوميا نشاهد مقاطع فيديو عن مجازر تطالهم”، مبينا أن “الاخوان في سوريا يبعثون فيديوهات يستنجدون.. أين شيعة العراق والحشد الشعبي وإيران وأين العشائر؟”.
وأضاف بأنهم “لم يسفكوا الدماء فحسب، بل اعتدوا حتى على الأعراض”، متسائلا: “أليست هذه فتنة كبرى.. إن لم نقف أمامها ستعم هذه الفتنة حتى العراق”.
وأكد أن “هناك من يريد أن يكرر التجربة السورية في العراق، لكن العراق بلد مستقر وديمقراطي.. لكن لدينا ثغرات واختراقات في مجتمعنا يجب أن ننتبه إليها”.
وحثّ محمد الحسان، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، أمس الجمعة، العراقيين على المشاركة في الانتخابات المقبلة واختيار قيادات جدد للبلاد “بعيدا عن المسميات الطائفية”.
وتدرس حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إرسال وزير الخارجية فؤاد حسين في زيارة رسمية إلى سوريا، في خطوة مكملة لسياسة الانفتاح على الدول الإقليمية، لاسيما بعد تولي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع الرئاسة في سوريا، بحسب “سكاي نيوز”.
وترأس قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، في 29 كانون الثاني يناير الجاري، بقصر الشعب في دمشق اجتماعا موسعا للفصائل العسكرية والثورية، تقرر فيه أن يتولى الشرع رئاسة سوريا في المرحلة الانتقالية وإلغاء العمل بدستور سنة 2012، فضلا عن حل حزب البعث العربي الاشتراكي ومجلس الشعب والجيش والأجهزة الأمنية التابعة لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وتباينت المواقف السياسية حول تولي السرع سدة الحكم في سوريا،إذ تبارى الزعماء السنة في العراق على إعلان التأييد والفرح بالمتغير السوري،على عكس القوى الشيعية تمامًا التي أبدت تحفظًا، بل وأسفًا على ما حدث في سوريا، إذ يرون في السقوط المفاجئ لحليفهم خسارة إستراتيجية تعيد رسم خرائط النفوذ في المنطقة، بما لا يخدم مصالحهم.
وأجرى وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في 26 كانون الثاني يناير الماضي، زيارة سريعة إلى العاصمة بغداد وأربيل هي الثانية له إلى البلاد منذ توليه منصبه في حزيران يونيو 2023، حيث تركزت على الأحداث في سوريا.
وشكلت الأوضاع والتطورات التي تشهدها سوريا واستمرار مكافحة تنظيم داعش، أبرز الملفات التي بحثها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال لقائه في بغداد، في 26 كانون الثاني يناير الجاري، مع كل من وزير الخارجية التركي هاكان فيدان وقائد قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق وسوريا الجنرال كيفن ليهي.
الجدير بالذكر أن مدير جهاز المخابرات حميد الشطري الذي تولّى قيادة جهاز المخابرات، قد ترأس في 26 ديسمبر كانون الأول 2024، وفدًا عراقيًا أمنيًا إلى سوريا، حيثُ التقى الشرع في قصر الشعب بالعاصمة دمشق، وبحث معه جملة ملفات مشتركة.
وأثار وجود مسدس تحت سترة البدلة الرسمية التي كان يرتديها قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، الملقب بـ”أبو محمد الجولاني”، أول وفد عراقي بدمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد، ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتباينت آراء المدونين، ما بين من وصف الأمر بالطبيعي كونه قائد عسكري، وما بين من ربطه بالمخاوف من الوفد العراقي القادم.
وتشهد الساحة العراقية حالة من الجدل والنقاش حول كيفية التعامل مع الوضع الجديد في سوريا، خاصة في ظل الموقف الإيراني الذي بدا ناقمًا على هذا التغيير، مع إطلاق مسؤولين إيرانيين تصريحات مناهضة للتحولات السياسية هناك.
وجاءت زيارة الشطري للتأكيد على موقف العراق الثابت بعدم التدخل بالشؤون الداخلية السورية، والتأكيد بأن الحكومة العراقية لن تسمح للفصائل المسلحة العراقية بأي تدخل مستقبلاً في سوريا، مقابل عدم تحرك الجماعات المسلحة نحو العراق وضبط الحدود بشكل جيد من داخل العمق السوري، بحسب مصادر مطلعة.
وأعلن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في 22 كانون الأول ديسمبر 2024، أن حكومته بادرت بإجراء اتصالات وزيارات مع الدول الشقيقة، وأطلقت مبادرة لإرساء الأمن في سوريا، وقدمت ورقة عراقية في مؤتمر العقبة بالأردن بشأن سوريا، وحظيت بترحيب جميع الأشقاء.
ورغم تصريح السوداني إلا أن المسؤولين الحكوميين، سواء في وزارة الخارجية، أو على مستوى الشخصيات المقربة من رئيس الوزراء، لم يتحدثوا عن طبيعة تلك المبادرة، و اقتصروا على التصريحات العمومية، وكذلك الأمر مع ما ورد في ورقة العقبة، وهو ما يؤكد طبيعة الحذر الذي تمارسه بغداد حيال الحدث السوري.
مع سقوط النظام السوري والتوجه نحو تشكيل حكومة بديلة، يواجه العراق تحديا إستراتيجيا يتمثل في الحفاظ على مصالحه الوطنية وبناء علاقات إيجابية مع القيادة السورية الجديدة، بشكل يخدم استقرار المنطقة ورفاهية شعوبها. لتحقيق ذلك، ينبغي لصانع القرار العراقي أن يأخذ النقاط التالية بعين الاعتبار فهم القوى الجديدة وتحليل امتداداتها، وعوامل قوتها وضعفها وتحصين الحدود، بحسب مختصين.
ويسعى السوداني إلى إبعاد الساحة العراقية عن أن تصبح ساحة لتصفية الحسابات، بالإضافة إلى محاولاته لموازنة الوضع الجديد في سوريا، والانخراط العراقي في الجهود الدبلوماسية العربية والدولية. كما يسعى إلى إبعاد إيران، التي تمتلك أذرعاً قوية في العراق، عن الشأن السوري، بحسب مختصين.
ويخشى العراق من عودة سيناريو أواسط العام 2014 عندما تمكن تنظيم داعش من السيطرة على مناطق تُقدر بثلث البلاد على خلفية امتداد الصراع في سوريا بين النظام والفصائل المعارضة في السنوات الماضية.
وقامت القوات العراقية بتعزيز قواتها في الشريط الحدودي مع سوريا بعد أن تراجع الجيش السوري بقيادة نظام الأسد أمام المجاميع المسلحة لغاية ان تمكنت من إسقاط النظام في 8 كانون الأول ديسمبر 2024.