المالكي يستنسخ السيسي والأسد

ما إن بدأت العمليات الأمنية في وادي حوران بصحراء الأنبار حتى هللت لها جموع الشعب بمن فيهم أهالي المحافظة الذي اكتووا بنار تنظيم القاعدة الذي سفك دماءهم وسيطر على مقدراتهم ردحا من الوقت، الأمر الذي أضفى على العمليات إجماعا وطنيا نادرا، حظي بتأييد الحكومة المحلية في الأنبار وعشائرها التي تضامنت مع قوات الجيش، واقليم كردستان الذي وضع قوات البيشمركة تحت تصرف الجيش العراقي، فضلا عن القوى المدنية والمجتمعية الأخرى في عموم البلاد، والتي أعلنت عن دعمها القوات المسلحة في حربها ضد عناصر التنظيم.
 
إلا أن أحدا لم يكن يتصور ما ستؤول اليه الأوضاع عقب هذا التغير الدراماتيكي الرهيب، فبعيد عملية الاعتقال غير الموفقة (بسبب التوقيت وتعزيز الانقسام) والتي تمت بحق النائب المطلوب أحمد العلواني، بالاضافة الى عملية فض الاعتصام بطريقة هادئة (رغم ما شابها من غموض)، وانسحاب قوات الجيش الذي جاء بناءً على طلب المعترضين كشرط للتهدئة، سرعان ما انهارت الأوضاع الأمنية في الأنبار، وتحولت أحياء فيها فجأة الى مسرح لعمليات عناصر القاعدة التي باتت تتجول بحرية تامة، في مشهد يعيد الى الأذهان الرعب الذي ساد في تلك المحافظة الأعوام التي سبقت انشاء الصحوات منتصف العقد الماضي.
 
الأمر تطور بشكل لافت حين فر عناصر الشرطة من مراكزهم، وهرب عدد من المعتقلين المتورطين بقضايا ارهابية، حيث تم اعلان قضاء الفلوجة \”دولة اسلامية\” من قبل مسلحي القاعدة، فضلا عن السيطرة على مساحة كبيرة من قضاء هيت بانتظار الانقضاض على مركز المحافظة مدينة الرمادي.
 
الحكومة المحلية سارعت الى المطالبة باعادة قوات الجيش الى المحافظة، وتطهيرها من عناصر \”داعش\” من جديد، فيما استنفرت عشائر الأنبار أفرادها لتكرار سيناريو الصحوات من جديد.
 
هذه الأحداث توضح أن رئيس الوزراء نوري المالكي كان يخطط جيدا لمثل تلك اللحظة، حيث بدأ يستلهم تجارب دول المنطقة، حيث يبدو أنه حاول استنساخ تجربتين مهمتين في المنطقة وهما تجربتا السيسي في مصر وبشار الأسد في سورية، من أجل التعامل مع مسألة الأنبار التي شكلت له على مدى عام صداعا مزمنا.
 
التجربة الأولى: فض الاعتصام في خيام الأنبار على غرار الأسلوب الذي انتهجه وزير الدفاع الحاكم في مصر عبد الفتاح السيسي، في القضاء على اعتصام الاخوان المسلمين في مصر، من أجل التغلب على الأصوات الرافضة لسياسته.
 
التجربة الثانية: الانسحاب من مناطق نفوذ القاعدة على طريقة الأسد في سورية لوضع الأهالي الرافضين لتواجد القوات الحكومية في مواجهة التنظيم الارهابي وجها لوجه، وبالتالي القبول بعودة تلك القوات كحل وحيد لقطع الطريق أمام عودة تلك الجماعات المتطرفة.
 
وربما تسنى للمالكي الظفر بنتيجة سريعة لمثل هذه الخطوة، حين أعلن استجابته لنداءات إعادة الجيش النظامي الى المحافظة، والعدول عن قرار الانسحاب، وهو ذات ما يحصل الان في سورية، حيث أثبتت الوقائع ضرورة التحالف بين قوات النظام وقوات المعارضة المعتدلة لطرد العدو المشترك وهو تنظيم القاعدة.

إقرأ أيضا