أصبح شعار \”النضال السياسي\” سلعة تتاجر فيه نخبة ما بعد 2003، جعلوا منه قضية وهمية أو خيالية يحيط به أشباح، لا يعلم بها سوى الخالق.
بفضل أوهام النخبة و\”نضالها\”، يعيد العقم العراقي نفسه، وفي كل تحول مفصلي يأتي السلطان بكل ما يحتاجه ليبقى في مكانه، هو \”كاك\” نفطٍ وعسكر كافيان ليمارس خّبله السياسي وتسلطه على الأجساد والعقول بعنف مادي ورمزي.
أما صنفنا \”المكَرود\” فتعريفه مدرج في قاموس السياسة العربي منذ القدم، ويصوّرنا دائما على أننا نرفع، دائماً، شعار\”الخضوع لغير السلطان مذلة\”.
تاريخ من النضال يشبه تاريخ صدام الحاكم المستبد، ومرحلة ما بعد سقوط الصنم ما هي إلا صيرورة للجحيم الذي عاشه العراقيون خلال العقود التي حكم البعث فيها، بالقتل الجماعي.
عرس الدم ما بعد صدام ، يشبه عرس الدم ما قبل صدام.
وهذا الاستهلال التاريخي عن القمع في العراق في محله، حين يكون مدخلاً لرثاء المدرب محمد عباس، أخر ضحايا سوات في كربلاء.
فالطريقة التي قُتِل فيها المدرب محمد عباس على يد قوات \”سوات\” ما هي إلا صورة جزئية من الدولة \”السائبة\” والتي لا تمثل روح الحداثة السياسية (الديمقراطية)، وفيها عقل إمبراطوري لا يؤمن بحقوق الإنسان وكرامته وأمنه.
حادثة عباس فرصة لنتحدث عن سمنة الفساد في الجهاز الأمني وفشله في أداء مهامه، وانهيار الأمن بسبب ضعف الجهاز ألاستخباري، كل هذا يُجمع في سبب رئيس واحد إلا وهو أن رجال الدولة \”السائبة\” ما زالوا ينظرون إلى الجهاز الأمني كأداة سياسية، لا بوصفه جهازاً مهنيّاً مهمته خدمة عامة للدولة ليحافظ على سيادتها، فيما يحق للمجتمع العيش في أمان وكرامة.
يقول أحد الباحثين \”تعتقد الأحزاب الإسلامية أن السلطة باتت من حقها، وأنها يجب أن تكون حرة في تشكيل الحكومات، ووضع الأجندات الوطنية، وتقدم السياسات التي تفضلها في كافة المجالات، وهي ترى إن تعيين أعضائها وأنصارها في المناصب الحكومية الرفيعة مسألة مشروعة وتعد أمراً طبيعياً في الدول الديمقراطية الناضجة\”.
هذا المذهب في القول ينطبق على القائد العام للقوات المسلحة في طريقة إدارته وتعامله مع الجهاز الأمني بطريقة بيرقرواطية، الأزمة تكمن في أن عقله الإمبراطوري يصور نفسه على اكبر وأقوى من أي مؤسسة، ويمثل هذا ضعفاً في المؤسسة الأمنية وفي دولة المؤسسات والقانون التي يدعي بها في كل مرة.
في المقابل، هناك تصريح صحفي لأحد أعضاء لجنة الأمن البرلمانية يقول فيه إن \”قوات سوات ترتبط بشكل مباشر بمكتب رئيس مجلس الوزراء، وتتلقى الأوامر من الفريق فاروق الاعرجي والوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي\”، ويؤكد أن \”هذه القوات كان عددها 1500 عنصر، لكنه ازداد بشكل كبير إلى 150 ألف عنصر\”، فيما \”يتم اختيار عناصرها من قبل طائفة معينة\”.
الأمر هذا لا ينطبق على قواتswat) ) فقط، بل على المؤسسة الأمنية كلها، لا بل ينطبق على الحكومة التي تدار أغلب مناصبها بالوكالة.
الصورة الغالبة والأعم هي أن لغة المؤسسة الأمنية، سياسية أكثر مما هي أمنية تم تصميمها لتجعل \”الكذب يبدو صادقاً والقتل محترماً\”، على حد قول جورج أورويل.
بمثابة نصيحة:
يا دولة الرئيس، الحاج أبو إسراء
\”المال التِشتري بِيه عَقِل، ما يضيع\”.
*كاتب عراقي