صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

المانيا انتخابات ونتائج استثنائية

الانتخابات البرلمانية الاخيرة في المانيا كانت حدثا تاريخيا بامتياز، ليس فقط لأنها تجربة ناجحة للأحزاب المسيحية الديمقراطية التي لها نسخ عديدة في بلدان اوروبية اخرى، وليس فقط لأنها قد تضع \”انجيلا ميركل\” اول مستشارة في تاريخ المانيا على عتبة التاريخ من جديد، حينما تقدمها مرة ثالثة على رأس الهرم في المانيا، بل لان المانيا في عهد ميركل هي الاقتصاد الاوروبي الاقوى على الاطلاق والذي يصنف ائتمانيا وفق المستوى \”A\”، ولذلك تتحمل الجزء المالي الاكبر من برنامج الانقاذ لمنطقة اليورو مما يتيح لها قول الكلمة الفصل في جولات المباحثات مع البلدان التي تعاني وضعا اقتصاديا مترديا. في اليونان والبرتغال وايرلندا وبلدان اخرى كانت الانتخابات البرلمانية الالمانية هي الخبر الاول في معظم وسائل الاعلام، فالجميع يتذكر اصرار ميركل على تطبيق سياسات التقشف في تلك البلدان مقابل الحصول على مساعدات مالية من مجموعة اليورو.
على الصعيد الداخلي ايضا حظيت سياسات المستشارة الحديدية ميركل برضا غالبية الشعب الالماني، خصوصا على الصعيد الاقتصادي بعد تراجع نسبة البطالة وعدم تأثر الاقتصاد الالماني بالأزمة المالية العالمية بشكل عام وازمة اليورو بشكل خاص، وهذا ما جعل الكتلة التي تترأسها ميركل والذي يعتبر الاتحاد المسيحي الديمقراطي \”يمين وسط\” اهم اركانها تحصل على اكثر من اربعين بالمائة من الاصوات، انه فوز تاريخي بعدد الاصوات التي حصل عليه والتي تجعله في هرم السلطة للمرة الثالثة على التوالي. 
الكثيرون صوّتوا للحزب المسيحي الديمقراطي نتيجة الاداء المذهل لميركل منذ وصولها للسلطة عام 2005، طريق ميركل الى زعامة المانيا لم يكن مفروشا بالورود، لقد وصلت ميركل الى رئاسة الحزب مطلع الالفية الثالثة على خلفية تراجع الحرس القديم بسبب سلسلة من الفضائح المالية التي طالته، تحملت تلك المرأة المسؤولية وقادت عملية الترميم من الداخل ثم شيئا فشيئا عاد الحزب الى الواجهة، ولو بخطوات بطيئة وفي مدة لم تتجاوز الخمس سنوات اوصلته الى قمة هرم السلطة، فأصبحت مستشارة المانيا منذ العام 2005 وفرضت نفسها بقوة شخصيتها وانجازاتها على الخصوم قبل الاصدقاء لتعود مرة ثالثة مستشارة لبلد يمثل قلب الاقتصاد الاوروبي. ان ميركل لم تعد نجمة سياسية في المانيا فقط، بل نجمة للكثير من الاحزاب المسيحية الاوروبية المنتشرة في مختلف انحاء القارة.
gamalksn@hotmail.com

إقرأ أيضا