شكلت الدعوة التي أطلقها السيد مقتدى الصدر لـ”إنهاء العنف ضد المثليين” في تموز يوليو 2016 مفاجأة من العيار الثقيل بالنسبة لمجتمع محافظ اعتاد تجريم السلوكيات الشاذة، فقد لاقت هذه الدعوة أصداء دولية مرحبة، فقد وصفتها منظمة “هيومن رايتس ووتش” بـ”الخطوة المهمّة”، في بادرة، عُدّت الأولى من نوعها من خلال تصدي رجل دين للدفاع عن هذه الشريحة التي تعرضت الى كل أشكال العنف منذ سنوات.
بعد هذه الدعوة بعام تقريبا، قتلَ مجهولون الشابَّ المعروف بوسامته وقصة شعره الأشقر “كرار” بشبهة الانحراف الجنسي غير الثابتة، في مؤشر على عدم تأثير تلك الدعوة على تقليل حجم العنف تجاه أفراد هذه الفئة، بل إنها لم تقلل حتى من حساسية الحديث حول الظاهرة، إذ ما إن قررنا الخوض في جذور وسلوكيات الظاهرة، حتى وُوجهنا بردود أفعال سلبية وتساؤلات عنيفة، أبرزها «هل انتهت كل مشاكل العراق، حتى تسلّطوا الضوء على هذه الشريحة؟»، بل إن بعض الباحثين الاجتماعيين والنفسانيين الذين التقيناهم لمعرفة أسباب الظاهرة وطرق علاجها، أحجموا عن الحديث، في مؤشر واضح على تسالم الجميع في اعتباره “تابو”.
وتعد (المثليّة) في العراق من الظواهر المتفشّية والمسكوت عنها، لكن في المدّة الأخيرة، أصبح (المثليون) يعرّفون عن أنفسهم علانيّة في بعض الصفحات المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد سنوات من القتل والتنكيل العلني بهم، فقد ذكرت صحيفة الاوبزيرفر البريطانية، في 2009، إحصائية مفادها أن 680 مثلياً قتلوا في العراق بين عامي (2004 و2009).
تعود جذور الانحراف الجنسي كما أوضحها عالم الاجتماع الراحل على الوردي الى العصر العباسي، حيث جرهم الترف في الشهوة الجنسية إلى البحث وراء متعة جديدة صعبة المنال، فوجدوها في اللواط بالغلمان، إذ كانت ظاهرة “الغلمان” واضحة في البلاط وقصور الامراء، وراجت قصص وحكايات عن “الحب المثلي”، حتى ان بعض المؤرخين رصدوا بعض خلفاء بني العباس المثليين، حيث يؤكد البعض أن الخلافة حين أفضت الى الأمين، قدَّم الخصيان وآثرهم فشاعت قالة السوء فيه”، وانتشر شعراء يمدحون “المثليّة” صراحة مثل “والبة بن الحباب، وأبي نوَّاس”، ورغم حملات رجال الدين ضد الظاهرة، إلا انها لم تصل الى اصدار فتاوى بقتلهم “لاسيما وأن قصور الخلفاء والوزراء كانت تحميهم”.
وذلك، ليس بعيدا عن ما قاله “اليوت”، حول أسباب الظاهرة، التي عزاها الى “العقدة الرومانتيكية والحل الايروتيكي”، وهي “عقدة الحب والغرام”، والتي ظهرت في السنوات الأخيرة أكثر من أي وقت مضى بسبب تحريم الحب قبل الزواج، وانحسار ثقافة الغرام من القاموس الاجتماعي.
معاناة لا متناهية!
“في سن الـ«12» عاماً، كل شيء بدأ من هنا، وبالضبط في بداية مراهقتي، إذ تحول ابتعادي عن أقران جنسي إلى انجذاب غير طبيعي نحوهم، حتى صرت أشعر أني مضطرب الهوية الجنسية، واكتشفت (مثليتي)”، كما يقول ليث كرار الشاب العشريني “منذ ذاك، ابتدت مأساتي وحتى الحين، صرت أقاوم ذلك الشعور، جلدت نفسي لمجرد الإعجاب بالمماثل، واعتبرت حالي مذنباً غير مرّة بسبب ذلك الشعور، حتى أمسيت أتضرع الى الله في صلاتي وصيامي، وأقرأ القرآن، ناهيك عن غض بصري”.
ويردف “تصوّر أن تعيش في واقع كلّه شباب، ولا يمكنك الاختلاط بهم، هذا الأمر أخذ مني الكثير؛ ولكن دون جدوى، إذ دائما ما كنت اشعر بنفسي خجولاً، ولا أختلط بأقراني”.
وبالعودة لفترة طفولته يشير “كنت أميل الى اللعب مع الجنس الآخر فطريا، وكنت دائما ما أتعرض إلى السخرية من كبار أقاربي وأولاد عمومتي، ولكن رغم كل ذلك وكل تلك المرحلة العصيبة، إلا أنني كنت أثبت لهم العكس في تفوقي الدراسي منقطع النظير؛ حتى أمسوا يروني أسبق كل أقراني دراسيا”ً.
ويُضيف كرار، أن “الموضوع يكبر معي كلما ازددت عمراً ورغبتي كذلك، ولكن فيما بعد ازداد وعيي وأدركت أن الموضوع أكبر من كونه قضية ذنب الى كونه تغيرا جينيا وفسيولوجيا، وبرغم ذلك، لازلت أبحث عن حل هو مفقود حتى اللحظة”، لافتاً الى، أن “المجتمع ينظر الينا كمنحرفين يجب قتلنا، وأنا تعرضت لحالات تهديد عديدة، حتى صار قتل أفراد هذه الشريحة على أيدي أشخاص يدعون انتماءهم الى جماعات مناهضة للشذوذ، لكنهم مارسوه قبل ذلك مع ضحاياهم”.
ويواصل “نحن لا ذنب لنا سوى اننا وجدنا انفسنا هكذا، كثيراً ما تمنيت أن أعرف المسبب الذي قضيت عشر سنين من عمري ابحث عنه؛ لكي أقتص منه، وأُبلغه بحجم الدمار الذي سببه لي، ولكن يا لحسرتي أجهل السبب كما العلاج”.
ويختتم حديثه بهذه الكلمات “رسالتي لك أيها الإنسان.. لا تحكم بالقتل على نظيرك لكونه مثليا فقط، اعرف السبب، وحاول أن تساعده في العلاج، عسى أن يضحى سليما، فكمْ وددت وما زلت أود تفهم قضيتنا ومساندتنا، كوننا بشرا نتمنى العيش مثلكم. ساعدونا؛ فالإسلام دين الانسانية قبل أن يكون دين القصاص والقتل”.
التساؤلات لا تتوقف!
الأمر لا يقتصر على «ليث كرار» وحده، فـ«سعد محمد» ابن الـ«25 ربيعاً» هو الآخر يعاني، ولكن من منظور آخر، حيث يقول “لطالما أحسست بمشاعر مختلفة عن أقراني، فلم أشعر بغريزة تجاه الإناث من حولي”.
ويتابع محمد، “عندما أخلد إلى النوم، دائماً ما يراودني هذا السؤال: متى ينتهي هذا الكابوس من حياتي، وأعود إلى الحياة الطبيعية؟؛ كون المجتمع الذي أقطنه هو مجتمع يرفض هذه الأمور أو بالأحرى اغلب المجتمعات العربية تقرف ممن يمارسون هذا الفعل بغض النظر عن الأسباب”، “ولكن لا أعرف متى وكيف سينتهي هذا الأمر.. حقاً لا أعرف”.
السرية، الرحيل أو الدين
في السياق، يقول الباحث الاجتماعي «مهدي جبار»، إن “المثليين اشخاص تتجه ميولهم الجنسية الى نفس جنسهم، أما فيما يخص الجانب الفسيولوجي، فقد اتفق الأطباء على انهم يعانون من خلل فسيولوجي، وهو اختلال انزيم التيسترون في الدماغ، ولكنهم اختلفوا فيما إذا كان هذا الاختلال هو من يولد الاتجاه نحو الصنف المشابه، ام ان المجتمع هو من يحفزه”.
ويذكُر، “شخصيا أؤمن بأن هذا الصنف من البشر لا عيش لهم في المجتمعات المحافظة كالمجتمعات العربية؛ فهم ما بين السرية أو الهجرة؛ لأن ممارساتهم تخالف الفطرة والتقاليد والدين، ويتساوى في ذلك الاسلام والمسيحية واليهودية وغيرها، بل حتى الأنظمة والمجتمعات العلمانية التي تظهر تقبلا لهذه الفئة، فالكثير من أفرادها يشمئزون منهم وينبذونهم اجتماعيا”.
ويضيف، “بصورة عامة، المجتمع العراقي هو مجتمع محافظ، وتقاليده وثقافته ترفض الشذوذ الجنسي بشدة وتواجهه بصرامة، في حين اذا ثبت علميا ان المثلية مرض ولا دخل للفرد بها”، لافتا الى أن “الطريق الوحيد الذي يحد من العنف تجاههم هو تفهم رجال الدين لهذا الخلل الذي يعانون منه، وإصدار مواقف توضيحية إنسانية تهتم بمعالجتهم ومنحهم الفرصة للعودة الى طبيعتهم البشرية”.
تفضيل أم إضطراب؟
وبشأن الوضع النفسي؛ تبين أستاذة علم النفس في جامعة بغداد، الدكتورة اسماء عبد الحسين، أن “المثليين من المنظور النفسي هم فئة من المجتمع لهم ميول جنسية مختلفة عن الاخرين، ويحملون رغبة تجاه نفس الجنس، ويسمى عرفا ميل الذكر للذكر بـ«اللواط» والأناث بـ«السحاق»”، عازية ذلك الى “أسباب بايولوجية، بيئية، فضلا عن انها الفئة التي تتعرض للانتقاد والرفض الأكبر في المجتمعات العربية بالخصوص؛ لأنها تخالف المعتقد والعادات وطبيعة الفرد والمجتمع”.
وتلفت عبدالحسين “في الوقت الحاضر اعتبر تصنيف “DSM_4” المثليين فئة خاصة تعاني اضطرابات معينة، أما في التصنيف الحديث “DSM_5” فقد اعتبرهم أناسا عاديين، يشعرون بتفضيل جنسي من نفس النوع، ولا يعتبرون منحرفين او مضطربين، ويمكن دمجهم ضمن المجتمع، وهذا ما يمكن ملاحظته في المجتمعات الغربية”، مضيفةً أن “الدراسات الحديثة أكدت ان هذا النوع من الشذوذ موجود حتى لدى الحيوانات التي تفضل ممارسة الجنس من نفس النوع، وهذا ما يثبت بأنه تفضيل جنسي، وليس اضطرابا نفسيا بالحقيقة”.
وتشير الباحثة النفسية الى أنه “يمكن معالجة هذه الفئة ودمجها بطبيعة المجتمع عن طريق مساعدتهم، وهذا ما يسمى بـ«العلاج الإصلاحي»، ولكنه صعب جدا؛ لأنه يتعلق بالمشاعر، ومن المتعارف عليه علميا صعوبة التعامل مع المشاعر النفسية التي تسيطر على شخص ما، ولهذا فإن العلاج السلوكي المعرفي يحتاج الى جهود جبارة”، مؤكدة أن “من الممكن تغيير توجهات ومشاعر هؤلاء الأشخاص نحو الأفضل”.
الموقف الديني
“إنهم المتزاوجون من الجنس الواحد، كما لو تزوج الرجل برجل او امرأة بامرأة”، هكذا يستهل رجل الدين «الشيخ ذو الفقار كريم» حديثه.
ويضيف “لا يوجد نص صريح في القرأن الكريم يُجيز إعدام المثليين، ففي القرأن توجد نصوص عامة، كسورة «الاعراف» “وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ، بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ (81)، وكذلك في الآية (29) من سورة «العنكبوت»: “أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ”، وهناك الكثير من الآيات التي تنص على نبذ وتجريم هذه الرذيلة، كون القرأن الكريم يعتبر المصدر الرئيس للتشريع، لكنه لم يذكر قتلهم”.
ويتابع كريم “لعلّ أحكام الشريعة الاسلامية تؤكد على مثل هذه القضايا لسبب ما، وهو «أن المتبع لقضايا القرأن والدين الإسلامي عند معرفته بعقوبة هذه الفواحش والمنكرات سيمتنع عنها ذاتيا، حتى لا يقدم على هذا الفعل”، مبيناً أن “قضية (مثيلي الجنس) هو فعل يأباه العقل، ويتنفر منه العرف العام، وبالتالي فإن العرف العام يحكم على هؤلاء بالإعدام، لأنهم يعدّون أُناسا فاسدين، ولذلك فالقضايا الشرعية تأتي في اغلب الأحيان موافقة للعرف السائد في المجتمع او ما يسمى بالعرف العقلي «المقبول»، وبذلك فإن ما يتنفر منه العرف والطبيعة البشرية، شددت عليه الشريعة الإسلامية ومن ضمنها مسألة الشذوذ”.
ويوضح “بما أنه لم يوجد حكم صريح في القرأن، فان الفقهاء يأخذون الأحكام من السنة النبوية ومن روايات اهل البيت عليهم السلام”، مشيرا الى أن “معظم الأحكام التي طبقت بحق أفراد هذه الفئة غير متطابقة مع الشريعة، إذ أن معظمها تم على أساس الشبهات والظنون ولم يحدث أن تمت بشهادة أربعة شهود عدول وأن الفعل وقع حقا كما حدّدته الشريعة الاسلامية، من خلال رؤيته كالميل في المكحلة”.
ويتابع “هذه العقوبات التي وضعتها الشريعة ليست للعقوبة فقط، وإنما للردع وإقامة الحدود الشرعية، إذ لا يمكن تنفيذ الحكم دون الشروط التي وضعت” لافتا الى انه “لابد من وجود محكمة شرعية لا تستمد قوانينها من الأحكام الوضعية، إنما محكمة تستمد قوانينها من القرأن الكريم والسنة النبوية، وان يكون الحاكم عادلاً لتنفيذ الحكم إذا ثبت الفعل”.
في ختام حديثه، يشير إلى، ان “هذه الفئة من المجتمع مرضى، وليسوا بفاحشين، ويمكن علاج حتى من توغل في مثل هذا الفعل المحرم، كما يقول الله تعالى في سورة “النحل” اية (125): (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، فإذا جادلناهم بالموعظة والقضايا التي تحاكي الروح والعقل والطبع الإنساني؛ فمن الممكن تغيير مسار توجههم، لذلك انه مرض يحتاج الى طبيب حاذق وعلاج فاعل، كالذي رسمه القرأن الكريم والسنة النبوية”.
(تعميم) دون (تخصيص)!
ومن جهة قانونية تقول المختصة «بشرى العبيدي» إن “القانون يحمي الحياة الخاصة للإنسان، والدستور العراقي في البند الأول من المادة 17، كما العديد من المواد المشابهة في الدساتير العالمية، أعطى الحق بصيانة الحرية الشخصية للإنسان وحمايتها من الأذى، لكن هذا الحق مقيد، فالقانون العراقي، شأنه شأن القوانين الإسلامية، يحمي العلاقات الشرعية؛ كالعلاقة الأبوية والأموية والزوجية، لكنه لا يحمي العلاقات المخالفة للشرع الإسلامي الذي يمثّل أحد أهم مصادره”.
وتلفت العبيدي “فعلياً لم تجد هذه الشريحة أية حماية لها في ظل النظام العراقي (السابق والحالي)، كما وان قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 «وللأسف» لم يميز وفق احكام المادة 393 الخاصة بجريمة (الاغتصاب واللواط) بين من هم «مثليون» وبين من هم «معتدون»، وتعامل مع هذا الفعل بعمومية، فيجرم ويعاقب كل من يرتكب فعل اللواط”.
“كما وليس لهم من حماية قانونية؛ إلاّ السلطة التقديرية للقاضي عندما يثبت المتهم بارتكاب اللواط أنه لم يقم بهذا الفعل من باب الشذوذ الجنسي، (تضيف العبيدي)، وإنما من باب الوضع الخَلقي له بموجب تقارير طبية تثبت وضعه التكويني، عندها قد يستخدم القاضي سلطته التقديرية وربما شيء من الذكاء القانوني والإنساني، ولا يحاكمهم على أساس انتفاء ركن من أركان الجريمة، وهو نية الاعتداء الجنسي، بالإضافة إلى توافر رضا الطرفين إذا كانا قد أتما سن الـ18”.
فيما تستدرك “ولكن هذا لا يعد حماية قانونية لهم؛ لأنه يعتمد معيارا غير ثابت، وغير منصوص عليه قانونا، لذلك لا طريق لحمايتهم سوى تعديل قانون العقوبات (بإضافة مادة او تشريع قانون)، وأظن انه في ظل نظام كنظامنا الحالي «المتدين والإسلامي»، فإنه يستحيل تشريع قانون يحميهم، كما يستحيل السماح لهم بشيء من ذلك”.
سعي وأغلبية!
بدورها، تقول النائب عن لجنة حقوق الإنسان البرلمانية «شيرين رضا»، إن “هذه الفئة مضطهدة فعلاً، وللأسف لا أحد ينظر اليهم”، مردفةً “ليست من الحكومة فقط؛ بل من المجتمع كذلك؛ فمجتمعنا لا يتقبل هذه الفئة ويرفضها رفضاً قاطعاً؛ لأنه (مجتمع شرقي عشائري منغلق غير متفتّح)”، “أشعر بالحسرة عندما أرى دولة مجاورة تحتضنهم وتوفّر لهم شيئا من حقوقهم وأقصد «لبنان» بحديثي؛ فلبنان برغم أنها جارة وضمن بقعة الشرق الأوسط، إلا أنها أكثر انفتاحاً منّا”.
“أتذكر جيداً أنني شاهدت جثثهم غير مرّة معلّقة على الجسور في الفلّوجة، لمجرد الشيهة، وكان يحزّ في نفسي أن أقف جامدةً هامدةً دون حمايتهم من كم العنف الممنهج بحقّهم”، تقول شيرين، وتبيّن، “لأجل ذلك سعيت أنا وزملائي في اللجنة «النائبة أشواق الجاف، ورئيس اللجنة النائب عبد الرحيم الشمّري» ثلاث مرات، لِتشريع قانون لهم؛ لأنني أؤمن بأنهم وُجدوا ووُلدوا هكذا، (مثلما أنا ولدت أنثى وأنت ذكر، هم كذلك وُلِدوا هكذا)، ولكن للأسف كلّما وصلنا إلى التشريع يتم إبعاده ورفضه من قبل «التحالف الوطني (الشيعي)».
وتتابع رضا، “العنف لم يقف عند هذا الحد، بل تجاوزه حتى على صعيد العمل؛ إذ لا يسمح لأي (مثلي) بشغل وظيفة في العراق، مشيرةً “لا بوادر مستقبليّة لتشريع قانون يحميهم (طالما يرفض التحالف الوطني ذلك)”، “ومن أجل أن تكون هنالك بوادر لحلول لهم، فنحن بحاجة لشخصيات دينيّة منفتحة وتدعو لعدم قمعهم كمقتدى الصدر مثلاً، لو كان منه شخصيات أخرى منفتحة، حينها يمكن أن تكون ثمة حلول وبوادر أمل. تُضيف.