صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

المحكمة الاتحادية تصدر أمراً ولائياً بايقاف تنفيذ قوانين الأحوال الشخصية والعفو العام والعقارات

بعد مرور اسبوعين على تمرير قانون العفو العام مع توأميه قانون الأحوال الشخصية وعقارات كركوك، في جلسة عرفت بـ”مقايضة الطوائف” وفق مبدأ السلة الواحدة، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا، اليوم الثلاثاء، أمرًا ولائيًا بإيقاف تنفيذ قوانين العفو العام والأحوال الشخصية وإعادة العقارات.

وجاء في وثيقة حصلت عليها “العالم الجديد”، أن “وقف تنفيذ القانون هو سلطة جوازية وهو إجراء وقائي مؤقت إلى حين الفصل في مدى دستورية القوانين موضوع الدعاوى ومطابقتها للدستور من عدمه”.

وأضافت أن “الآثار التي تترتب على تنفيذ القوانين لا يمكن تلافيها عند صدور حكم يقضي بعدم دستوريتها لا سيما أن صفة الاستعجال تقوم على أساس فكرة الحماية العاجلة المؤقتة التي لا تهدر حقًا ولا تكسبه”.

وتابعت، “قررت المحكمة الاتحادية العليا إيقاف تنفيذ القوانين التي تم إقرارها في جلسة مجلس النواب المرقمة (3) المنعقدة في يوم الثلاثاء الموافق 21 / كانون الثاني / 2025 ، المتضمنة القوانين الثلاث: قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 وقانون التعديل الثاني لقانون العفو العام رقم (27) لسنة 2016 وقانون إعادة العقارات إلى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، إلى حين حسم الدعاوى (17 / اتحادية / 2025) و (18 / اتحادية / 2025) و (19 / اتحادية / 2025) و ( 21 / اتحادية / 2025) و (23 / اتحادية / 2025)، وصدر القرار بالأكثرية استنادًا لأحكام المادة (94) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 ، والمادة (5) ثانيًا) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005 المعدل بالقانون رقم (25) لسنة 2021 باتًا وملزمًا وحرر في الجلسة المؤرخة 5 / شعبان / 1446 هجرية الموافق 4/2/2025 ميلادية”.

ووفقًا لنص الأمر الولائي تقدم 10 نواب بدعاوى طلبوا فيها إصدار أمر ولائي بإيقاف تنفيذ القوانين بدعوى عدم سلامة إجراءات التصويت خلال جلسة مجلس النواب التي شهدت التصويت على القوانين الثلاثة بتاريخ 21/ 1/ 2025.

وكان زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي أكد، في 1 شباط فبراير الجاري، أن العفو عن الإرهابيين ليعودوا مرة أخرى ليقتلوا ويذبحوا لن يحدث مطلقا”، مشيرا إلى أن قانون العفو كان تشريعه ناقصا وأحيل الى المحكمة الاتحادية ولن يقر”، لافتا الى انه “لا يمكن القبول بإخراج القتلة والمجرمين من السجون”.

كما انتقدت البطريركية الكلدانية في العراق، في 22 كانون الثاني يناير الماضي، تمرير البرلمان تعديل قانون الأحوال الشخصية، واصفة إياه استهداف للحرية الفردية وخطوةٌ الى الوراء، فيما دعت إلى تفعيل الكوتا المسيحية.

وصوت مجلس النواب بجلسته الثالثة من فصله التشريعي الأول، السنة التشريعية الرابعة للدورة الانتخابية الخامسة، المصادف 21 كانون الثاني يناير الماضي، برئاسة محمود المشهداني رئيس المجلس على ثلاثة قوانين.

وبحسب بيان للدائرة الإعلامية للبرلمان، صوت المجلس بالمجمل على مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المقدم من اللجنتين القانونية والمرأة والأسرة والطفولة والذي جاء انسجاماً مع ما أقرَّته المادة (2) من الدستور بأنه لا يجوز سَن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام وما أقرته المادة (41) من ضمان حرية الأفراد في الالتزام بأحوالهم الشخصية وحسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم، أو اختيارهم، ولوضع تلك المادة موضع التنفيذ وتنظيم تلك الحرية في إطار القانون بالشكل الذي يحافظ معه على المحاكم كجهة قضائية موحدة بتطبيق أحكام قانون الأحوال الشخصية وفقاً للقانون، وبالنظر إلى طلب مواطني المكون الشيعي في مجلس النواب تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 بما يتيح للعراقيين المسلمين من أتباع المذهب الشيعي تطبيق أحكام المذهب الجعفري الشيعي عليهم، وعدم موافقة المكون السني في مجلس النواب بعدم سريان هذا التعديل على العراقيين المسلمين من أتباع المذهب السُني.

وصوت المجلس بالمجمل على مشروع قانون إعادة العقارات الى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل) المقدم من اللجنة القانونية، لصدور العديد من قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل) باستملاك الأراضي العائدة للمواطنين ولأجل إعادة الحقوق الى أصحابها وإزالة الآثار الناجمة عنها.

كما صوت المجلس بالمجمل على مشروع قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام رقم (27) لسنة 2016 المقدم من اللجان القانونية، والأمن والدفاع، وحقوق الإنسان، والذي يهدف إلى عدم إتاحة الفرصة لمرتكبي الجرائم الإرهابية والجرائم المنظمة لخطف الأشخاص لما تمثله من سلوك إجرامي خطير وما خلَّفته من آثار سلبية على المجني عليهم أو ذويهم وخطورتها على المجتمع وإعادة دمج ممن يشمل بقانون العفو بالمجتمع بعد إعادة تأهيله بدوائر الإصلاح ومنحهم الفرصة للعيش الكريم.
وشهدت الجلسة فوضى ومشادات بين عدداً من أعضاء مجلس النواب احتجوا على آلية التصويت على القوانين الثلاثة الجدلية، فيما لجأ البعض إلى الصعود فوق منصة المجلس، ما دفع النائب الثاني لرئيس المجلس شاخوان عبد الله إلى رفع الجلسة، وذلك بعد مغادرة المشهداني القاعة عقب إعلانه تمرير القوانين.

وعقب الجلسة، جمع العديد من النواب، تواقيع لإقالة المشهداني، بسبب اعتراضهم على آلية التصويت على القوانين.

وكان النائب هادي السلامي، أعلن في 22 كانون الثاني يناير الماضي، تقديم طعن لدى المحكمة الاتحادية، في دستورية جلسة مجلس النواب، رفقة عدد من النواب.

يشار إلى أن موضوع تمرير القوانين الجدلية والخلافية بنظام ما يعرف بـ “السلة الواحدة” ليس جديدا على البرلمان العراقي، وهو إجراء يتم اللجوء إليه في حال وصول الخلافات بشأن قانون معين الى طريق مسدود، وبشكل يعزز مصلحة الكتل السياسية واستقطاباتها الطائفية والفئوية والجهوية.

وجاء التصويت على هذه القوانين بعد أشهر من الخلافات بين الكتل السياسية، والاعتراضات من قبل المتخصصين والمنظمات المدنية، دفعت لإلغاء العديد من الجلسات نتيجة المشاجرات والسجالات حولها.

ويواجه تعديل قانون الأحوال الشخصية اعتراضات كبيرة، إذ حذر خبراء قانونيون وناشطون مدنيون، في تقرير سابق لـ”العالم الجديد” من التعديلات التي ينوي البرلمان وضعها على القانون، وفيما أكدوا أنها يمكن أن تنسف أحد أهم التشريعات العراقية، لفتوا إلى أن التعديلات تضع سلطة المذاهب ورجال الدين في مكانة أعلى من سلطة القضاء والقانون.

كما يواجه تعديل قانون العفو العام، اعتراضات ومخاوف من شموله المدانين بتهم الإرهاب والانتماء إلى تنظيم “داعش”، ويعد هذا التعديل من المطالب الرئيسية لمعظم القوى السنيّة، وكان من بين أبرز الشروط التي وضعتها في مفاوضات تشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قبل التصويت عليها داخل البرلمان في تشرين الأول أكتوبر 2022.

أما بشأن إعادة العقارات لأصحابها، فقد أعلنت الكتل الكردية الخمس في مجلس النواب، في أيلول سبتمبر الماضي، توحيد موقفها لدعم مشروع قانون يهدف إلى إلغاء قرارات حزب البعث المتعلقة بالأراضي الزراعية في المناطق المشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي.

ويقول نواب ومسؤولون كرد إن مشروع القانون يخص الاملاك التي تعاد إلى أصحابها الأصليين من الكرد والتركمان، وتمت مصادرتها بموجب 8 قرارات صادرة عن مجلس قيادة الثورة المنحل خلال الأعوام من 1975 ولغاية 1979، وكان الهدف منها إجراء عمليات تغيير ديموغرافي في المناطق المتنازع عليها.

إقرأ أيضا