صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

المرشحون ومواقع التواصل.. «العالم الجديد» تكشف خفايا شراء الصفحات وتأجير وكالات الأنباء

نشطت مؤخرا في وسائل التواصل الاجتماعي بالعراق حركة ملحوظة لتغيير أسماء صفحات واستخدام أخرى لـ”الترويج” و”التسقيط” من قبل المرشحين للانتخابات ممن بدأوا حملاتهم الدعائية باستخدام تلك المنصات، لكن المثير في الأمر، هو خضوع تلك الصفحات الى بورصة البيع والشراء والاستئجار، ما جعل البعض يطلق على مرحلة الدعاية الانتخابية بـ”أم الخبزة”، إذ تكشف “العالم الجديد” عن أسعار بيع الصحفات وتأجير وكالات الأنباء، فضلا عن قضايا تقنية تخص هذه العملية.

ويقول الخبير التقني حسين أحمد في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “بعض صفحات الفيسبوك، أنشئت لغرض المتاجرة بها، إذ يمكن تأجيرها خلال فترة الانتخابات مع بقاء مسؤوليها انفسهم، حيث يتقاضون رواتب مقابل عملهم تدفع من الشخص المستأجر، وهذه الصفحات هي ربحية، حيث تروج لمنتج معين مرة ومرة أخرى لشركة او لشخصية سياسية”.

ويضيف أحمد، أن “هذه الصفحات تقاد من قبل شخصيات معدودة ولديها سماسرة للبيع والشراء، والدليل عند الدخول إلى شفافية هذه الصفحات سنجد أنه تم تغيير اسمها لأكثر من 5 مرات، وفي الوقت الحالي نحن في مرحلة انتخابية تسمى أم الخبزة (مصطلح شعبي يقصد به مصدرا ماليا معينا) بالنسبة لهؤلاء”.

ويردف أن “الفيسبوك ووسائل التواصل بشكل عام، اخترقت الطريقة الرصينة لعمل مواقع الويب سايت، والتي كانت تتم عبر معلومات حقيقة وصحيحة غير محرفة، وبالتالي اصبح بامكان اي شخص شراء صفحة لاختصار طريق الترويج على نفسه بوقت قصير خصوصا بالانتخابات”، مبينا ان “بعض المرشحين والجهات المتنفذة قامت بشراء حتى وكالات اخبارية، او تأجيرها بمبالغ وصلت إلى 50 مليون دينار (34 ألف دولار) وليس صفحات فقط”. 

وحول أسعار صفحات الفيسبوك، يوضح أحمد، أن “الصفحات التي تضم 250– 300 الف متابع، تبدأ اسعارها الآن من 4– 5 الاف دولار، فيما تصل الصفحات التي تضم ملايين المتابعين الى 10 آلاف دولار وأكثر”، مضيفا أن “بعض السياسيين يشترون صفحات كبيرة لغرض التسقيط فقط وليس الترويج، وهو ما حصل بين تحالفين مؤخرا”.   

يشار الى أن “العالم الجديد”، تناولت الشهر الماضي، في تقرير لها، توجه المرشحين الى مواقع التواصل الاجتماعي، في دعايتهم الانتخابية، وابتعادهم عن الدعاية المعتادة، وهي وضع الملصقات واليافطات في الطرق العامة، وذلك لما توفره مواقع التواصل من مساحة لطرح ما يريدون إيصاله، وبحسب احد النواب حيث اكد في التقرير، ان الانتخابات الحالية ستشهد دعاية الكترونية كبيرة، في حين سنشهد دعاية مطبوعة قليلة، حيث ان غالبية الصفحات على مواقع التواصل هي مجانية، باستثناء عمليات التمويل، لكن الاعلانات المطبوعة تحتاج الى نقل ونصب مواد حديدية، ناهيك عن الاعلانات التي يتم تمزيقها.

وعند التصفح قليلا في موقع الفيسبوك، يشاهد المواطن، العديد من الصفحات التي كان يتابعها، سواء كانت تجارية او ساخرة، قد تغير محتواها الى سياسي ويخص مرشح محدد، وهذه الظاهرة امتدت حتى لصفحات كبيرة وقديمة، وخاصة تلك التي تحمل محافظات عراقية او غيرها، والتي غالبا ما تضم اغلب ابناء المدينة وكانت تهتم بنشر الاحداث التي تجري فيها.  

وظهرت في مواقع التواصل، العديد من الخلافات بين السياسيين، وأحدثها كانت الرسائل المتبادلة بين زعيم تحالف تقدم رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وزعيم تحالف عزم خميس الخنجر، التي تبادلا فيها الكلام الحاد و”الشتائم”.

وكانت مفوضية الانتخابات، أعلنت في 7 تموز يوليو الحالي، عن المصادقة على قرعة مرشحي الانتخابات، وانطلاق الحملة الدعائية لهم، من تاريخ المصادقة على القرعة ونشر اسماء المرشحين في الصحف الرسمية.

ويعد انطلاق الدعاية الانتخابية للمرشحين في هذا التوقيت، سابقة هي الأولى في الانتخابات التشريعية النيابية التي شهدها العراق سابقا، وغالبا ما تنحصر بمدة شهر واحد فقط، وهذا ما جرى في أغلب الانتخابات.

الى ذلك، يبين المبرمج محمد كريم في حديث لـ”العالم الجديد”، ان “بيع الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مرتبط بشكل اساسي بعدد المتابعين ولا علاقة له بنوعية ما يتم نشره فيها من محتوى، لانه سيحذف بشكل تام ويتم ولادة هذه الصفحة من جديد وفقا لسياسة المشتري”.

ويتابع “تكلفة عمل الصفحة الواحدة ولكي تصل إلى رقم معين كأن يكون 300 الف متابع فهي تتطلب مبلغا يصل إلى 1500 دولار مع اعتماد توزيعها ونشرها في مجموعات الفيسبوك الخاصة بالدعم وباقي المواقع، اضافة الى ان بعض مشتركي هذه الكروبات يمتلكون ما يقارب 200 صفحة شخصية، وعليه فهم يقومون بتوزيع صفحتهم الرئيسية لحصد اكبر عدد ممكن من المتابعين”.

وحول إمكانية تغيير اسم الصفحة دون اشعار المتابع، بحسب ما روجت بعض الصفحات، يكشف كريم، أنه “لا يمكن تغيير اسم الصفحة من دون اشعار المتابعين، ولا يوجد حل لذلك حتى وان قمت بحذف اسم العراق من الصفحة، كون هذه الأمور متعلقة بسياسة الفيسبوك تحت مسمى نزاهة البيج، وهو اصبح شرطا من شروط الصفحات اي تبقى السيرة الذاتية الخاصة بالصفحة موجودة كما هي”.

وفي الاسبوع الماضي، أعلن مركز الاعلام الرقمي في العراق أن شركة فيسبوك قررت تقييد المعلنين السياسيين على المنصة في العراق، وعدم الموافقة على أي إعلان سياسي إلا بعد حصول المعلن على ترخيص من الشركة لغرض الإعلانات السياسية، وسيدخل القرار حيّز التنفيذ في شهر أيلول المقبل، وعندها لن يسمح للإعلانات السياسية إلا إذا كان مصدرها من داخل البلاد لمنع التأثيرات الخارجية في نزاهة الانتخابات في البلاد، كما سيتعين على المعلنين تأكيد هويتهم الرسمية الصادرة من الحكومة العراقية كي يتم قبول الإعلان.

وبحسب الضوابط الجديدة، اضاف المركز في بيانه، أن الإعلانات السياسية والمبالغ التي تمّ إنفاقها ستوثق في مكتبة الإعلانات في فيسبوك كما حصل في باقي الدول التي أُجريت فيها الانتخابات، حيث سيتمكن المواطنون من الاطلاع على كل الأموال المنفقة من كل مرشح وحزب على إعلاناته في منصات فيسبوك، وتفاصيل وصول الإعلان والشريحة المستهدفة وستظهر، حتى لو نشرت من صفحات غير الصفحة الرسمية للمرشح او الحزب، فيما اشار البيان ايضا الى ان الصفحات التي تديرها الجيوش الإلكترونية التي مهمتها تشويه الخصوم السياسيين ستتوقف عن العمل، ولن تتمكن من النشر حتى لا تُفضح عائديتها والجهات التي تديرها وتمولها.

يشار الى ان مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، تضج بمئات الصفحات والقنوات الوهمية، التي عادة ما تكشف ملفات فساد او تتجه الى حملات “تسقيط” ممنهجة ضد بعض الشخصيات، وبحسب الرصد الاعلامي المستمر لهذه الصفحات فانها عادة ما تكون مرتبطة بشخصيات سياسية او مسؤولين تنفيذيين، هدفها الرد على خصومهم وكشف ملفاتهم.

ولم تقتصر هذه الطريقة في نشر الملفات على العراق فقط، بل ان السعودية، وتحديدا ولي العهد محمد بن سلمان، يملك اكبر ما يسمى بـ”جيش الذباب الالكتروني” بحسب وكالة فرنس برس، حيث كشفت قبل سنوات.

ومن المفترض أن تجري الانتخابات في 10 تشرين الاول اكتوبر المقبل، بحسب قرار مجلس الوزراء، الصادر بناء على مقترح من المفوضية التي أكدت انها غير قادرة على إجراء الانتخابات في الموعد الذي حدده المجلس، وهو حزيران يونيو الماضي.

وتعد هذه الانتخابات، إحدى مطالب التظاهرات التي انطلقت في تشرين الاول اكتوبر 2019، وأجبرت رئيس الحكومة عادل عبد المهدي على تقديم استقالته، ومن ثم المجيء بحكومة مصطفى الكاظمي، التي كان هدفها الاول هو الاعداد لانتخابات مبكرة، وتكون “حرة ونزيهة”.

إقرأ أيضا