دخلت سجى إلى غرفة العمليات، كان بانتظارها زوجها وأمه ووالدتها وأخيها، بدا الجميع متوترا، إذ أن حالة سجى كانت صعبة جدا، حيث ولدت 3 أطفال بولادة قيصرية وطفلها الرابع سيتبع أخوته بالطريقة نفسها.
تعاني سجى من مرض الدوالي في بطنها، ومن الممكن أن تتعرض للموت إثر هذه العملية، لكن طبيبتها أكدت أنها ستكون بخير.
كانت سجى قبيل دخولها إلى غرفة العمليات توصي أهلها بأن يكونوا رحيمين مع أولادها الثلاث، وأوصت بأن تكون ابنتها الوحيدة معززة مكرمة بين الأطفال الآخرين.
دفع أحمد، زوج سجى، مليونا و600 ألف دينار لحصولها على غرفة وعملية جيدة، إلا أنه لم يحظ بالغرفة التي كان يريدها، فمستشفى راهبات الحياة وسط بغداد، وسمعتها جيدة جدا، كان لها أولوياتها بحسب الدكتورة التي ستولّد الحامل.
وضِعت سجى في الطابق الثاني الذي لم ينل أي عناية.
اعترضت والدة زوج سجى على نظافة الغرفة. لم تكن الغرفة ترقى إلى غرفة في فندقٍ رخيص. السرير الطبي كان قديما جدا، وسرير المُرافق عبارة عن خشبة لا تختلف عن سرير حارس في كراج سيارات، والتلفزيون كان ينقل بث القنوات بطريقة مشوشة، أما الحمام فماؤه كان يطفو بين وقت وآخر.
كانت سجى مسجاة في غرفة العمليات بينما مباضع الجراحة تتماشى في جسدها، في الوقت نفسه، كان أهلها يحوّطون المكان كله بانتظار أن تلد لهم ولدا مشتهى، وأن تقوم هي نفسها من دون أن تتعرَّض لأيِّ أذىً يذكر بسلامة, في الأثناء، كانت هناك سيدة تصرخ بصوت عالٍ \”راح أموت\” فيما الممرضات لم يبدن أي تعاون يذكر؛ سارعت مديرة الطابق إلى الحديث إليها وإلى زوجها للقيام بمعاملة روتينية مطوّلة من أجل حصولها على غرفة، كان الزوج يصرخ أيضا \”خذوا كل ما تريدون لتلد وترتاح\”.
سارعت مديرة الطابق الثاني إلى اتمام المعاملة, واصطف زوج المريضة إلى جانب طابور كبير من المنتظرين لعمليات ناجحة وأطفال أصحاء. جميعهم كان يتكلم عن غلاء العمليات القيصرية، وجميع من ينتظر كان لهم زوجات وأخوات في غرف العمليات.
في المستشفى نفسها، كانت الترميمات تجري على قدمٍ وساق، وطوابقها كانت تتأرجح بين حديثة فيها جميع مواصفات الغرف التي ترقى إلى مزاج المريض، وأخرى لا يشتهي أحد النظر إليها.
من توصل إلى واسطة، وإلى دكتورة مؤثرة في المستشفى، حصل على غرفة جيّدة جدا، فيها مكيف حديث، وتلفاز متطور، وحمام نظيف، بينما سيبقى الذي لا يحمل في جيبه الكثير من المال، والذي لا تملك دكتورته أي واسطة، في الغرف العفنة.
ولدت سجى طفلا جميلا في آخر الأمر، جميع الممرضات سارعن إلى والد الطفل وخاله من أجل الحصول على \”فرحة الطفل\”.. فحصلن على أكثر من 200 ألف دينار، وإثر موجة الكرم التي دفع بها والده، سارعت الممرضات إلى إيجاد غرفة في الطابق الثالث للمريضة، حيث الحمام الجديد، ومكيّف الهواء الذي لا يتوقف، فضلا عن تلفزيون يتيح للمريضة مشاهدة المسلسلات التركية، فيما بقي من هم أدنى من زوج سجى في الغرف العفنة، بانتظار أطفال أصحاء.