أسدل الستار يوم أمس السبت، على التصويت الخاص في انتخابات مجالس المحافظات، بنسبة مشاركة مرتفعة نسبيا حسب الإعلان الأولي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ما اعتبرها مراقبون نسبة غير معبرة عن النسبة الحقيقية التي ستكون عليها يوم غد في الاقتراع العام، وعزوا المشاركة الكبيرة لمنتسبي الأجهزة الأمنية إلى الضغوط التي مورست عليهم من قبل آمريهم ومسؤوليهم، متوقعين عدم تجاوز نسبة المشاركة العامة في المتوسط 20 بالمئة، نظرا للمقاطعة التي تشهدها الانتخابات من جهات وشرائح مختلفة.
ويقول المحلل السياسي محمد علي الحكيم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “نسبة المشاركة في الاقتراع الخاص لا يمكن مقارنتها مع الاقتراع العام، فالاقتراع الخاص عادة ما تصاحبه ضغوط على المنتسبين من أجل المشاركة في الانتخابات، والنسب دائما تكون مختلفة تماما عن الاقتراع العام”.
ويضيف الحكيم، أن “نسبة المشاركة في الاقتراع العام، نتوقع أن تكون متدنية جداً، بسبب المقاطعة الشعبية الكبيرة، خصوصا من قبل التيار الصدري، فهذه المقاطعة سيكون لها أثر كبير على الكثير من مناطق بغداد ومدن الوسط والجنوب، لذا ستكون النسبة منخفضة عن جميع الانتخابات السابقة وربما تتراوح بين 18– 20 بالمئة”.
وأغلقت يوم أمس السبت، في الساعة السادسة مساء صناديق الاقتراع التصويت الخاص، الذي يشارك فيه القوات الأمنية والنازحين والنزلاء في السجون.
وقد أعلنت مفوضية الانتخابات، مساء أمس السبت، أن عدد المصوتين بلغ أكثر من 706 آلاف ناخب، ونسبة المشاركة بالاقتراع الخاص بلغت أكثر من 67 بالمئة، مبينة أن نتائج التصويت الخاص ستعلن مع التصويت العام.
كما نفت المفوضية، حدوث أي عطل باجهزة الاقتراع، وأكدت أن الفرق الفنية متنشرة في عموم المحافظات وجاهزة لحل أي مشكلة، وذلك بعد أن وردت أنباء عن توقف أحد مراكز الاقتراع في محافظة الأنبار لفترة وجيزة بسبب خلل فني.
يشار إلى أن القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وجه رسالة إلى القوات الأمنية، أكد فيها على حريتهم في الاختيار خلال مشاركتهم بالاقتراع الخاص في انتخابات مجالس المحافظات.
من جهته، يبين الباحث في الشأن الأمني أحمد الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “نسبة المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات، ستكون هي الأقل في تاريخ العراق، بسبب وجود مقاطعة سياسية وشعبية كبيرة من مختلف المكونات والتوجهات”.
ويلفت الشريفي، إلى أن “النسب العالية في الاقتراع الخاص أمر طبيعي، فهناك إجبار للمنتسبين للمشاركة بهذه الانتخابات، وأكيد هذا الأمر لا يخلو من الأجندة السياسية بهدف رفع نسبة المشاركة والتصويت لجهات محددة، بحسب التوجهات السياسية لبعض القيادات الأمنية والعسكرية”.
ويؤكد أنه “مهما كانت نسبة المشاركة متدينة في الانتخابات بشكل عام، فالانتخابات ستكون بنتائجها ملزمة وهذا ما أكد عليه الدستور العراقي، ونتوقع أن نسبة المشاركة الكلية في انتخابات مجالس المحافظات، لن تتعدى الـ15 بالمئة، بسبب المقاطعة الكبيرة لها”.
يذكر أن رئيس اللجنة الأمنية العليا للانتخابات الفريق أول ركن قيس المحمداوي، أكد خلال التصويت الخاص يوم أمس، أن الخطة الأمنية مرنة وأدلت القوات الأمنية بأصواتها بأريحية، وأن القائد العام للقوات المسلحة أكد على أن يدلي قواتنا الأمنية من دون إملاءات.
وكانت الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي جرت في 2021، كانت نسبة المشاركة فيها 41 بالمئة، بحسب المعلن من قبل مفوضية الانتخابات في حينها، فيما ذكرت منظمات مستقلة معنية بالانتخابات أن النسبة أدنى من المعلن.
يشار إلى أن نسبة المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت في 2013، بلغت 50 بالمئة، وعدت في حينها مرتفعة، في ظل الأحداث الأمنية التي كانت تشهدها البلاد آنذاك، لاسيما وأنها جرت في ظل فرض حظر تجوال وغلق للطرق وانتشار حواجز التفتيش.
يذكر أن هيئة الإعلام والاتصالات، كشفت يوم أمس، عن تسجيلها 17 مخالفة ارتكبتها القنوات الفضائية خلال فترة الصمت الانتخابي، من أصل 124 قناة فضائية مهتمة بالشأن العراقي، مؤكدة أن هذه المخالفات أقل مما تم تسجيله في العام 2021 بمعدل 20 بالمئة.
في المقابل، يرى المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي علي فضل الله، خلال لـ”العالم الجديد”، أن “نسبة المشاركة في الاقتراع الخاص، كانت عالية وجيدة وهذا يؤكد وجود رغبة شعبية حقيقية في دعم العمل الديمقراطي، ونتوقع أن نسبة المشاركة في الاقتراع العام ستكون عالية وأعلى من السنوات الماضية”.
ويستطرد فضل الله، أن “الاقتراع الخاص، جرى دون أي ضغوط من أي جهة، وكانت هناك رقابة على هذا الموضوع من قبل الوزراء الأمنيين ورئيس الوزراء واللجان الرقابية المختصة، وكل مواطن حر في المشاركة أو المقاطعة”.
وستكون هذه أول انتخابات لمجالس المحافظات تجري في العراق منذ العام 2013، حيث تصدّرت حينها القوائم التابعة لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي النتائج.
وبحسب الدستور العراقي، تتولى مجالس المحافظات المنتخبة مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين، ولها صلاحيات الإقالة والتعيين وإقرار خطة المشاريع بحسب الموازنة المالية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية في بغداد.