في ظل الحديث عن تقارب سوري تركي عراقي لمكافحة الإرهاب في ظل متغيرات المنطقة، وتضرر إيران من هذا التقارب لاسيما وان العراق منذ سنوات وهو يقبع تحت عباءتها، توجه رئيس مجلس النواب العراقي، محمود المشهداني، اليوم الأحد، إلى العاصمة الإيرانية طهران، في زيارة رسمية، بجعبته ملفين مهمين.
وذكرت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب في بيان تلقته “العالم الجديد”، إن “رئيس مجلس النواب، محمود المشهداني، غادر بغداد على رأس وفد نيابي متوجهاً إلى طهران في زيارة رسمية”.
وأضافت أن “ذلك جاء بناءً على دعوة رسمية تلقاها من رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف”.
وكان السفير الإيراني في بغداد محمد كاظم آل صادق، قد دعا يوم 17 تشرين الثاني نوفمبر 2024،، سلم رئيس مجلس النواب محمود المشهداني دعوة من رئيس المجلس الشورى الإسلامي الإيراني محمد باقر قاليباف لزيارة إيران، فيما وعد الأخير بتلبية الدعوة.
إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة، اليوم الأحد، أبرز الملفات التي سيبحثها المشهداني خلال زيارته لطهران.
وذكرت المصادر لـ”العالم الجديد”، أن “رئيس البرلمان سيجري زيارة سريعة لطهران تلبية لدعوة رسمية، حيث سيتم تناول عدد من الملفات المشتركة بين البلدين”.
وأضاف أن “المشهداني سيركز على ملفين مهمين خلال زيارته لطهران، هما ملف الفصائل والتقارب السوري التركي مع العراق”.
وبعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، تراجع خطاب الفصائل العراقية المطالب بإخراج القوات الأمريكية من البلاد، وبدأت بإعادة النظر في مطالبها، وفقا لمسؤولين عراقيين وأمريكيين تحدثوا لوكالة “أسوشيتد برس”.
وقالت الوكالة، مطلع شباط فبراير الجاري، إن سقوط الأسد، الحليف لإيران، أدى إلى إضعاف نفوذ طهران في المنطقة، مما جعل الجماعات المتحالفة معها في العراق تشعر بالضعف.
وأضافت أن الكثيرين في العراق يخشون أيضا من أن تنظيم داعش قد يستغل الفراغ الأمني للعودة من جديد، في وقت لا تزال فيه القيادة الجديدة في سوريا تعمل على ترسيخ سيطرتها على البلاد وتشكيل جيش وطني.
وكانت صحيفة “ديلي صباح” التركية، أفادت أمس السبت، بأن هناك تحالف عراقي سوري تركي لمكافحة الإرهاب، يسلط الضوء على متغيرات عدة في المنطقة، لا سيما في مجال العلاقات الاستراتيجية والأمن الإقليمي، لكن لهذا الأمر له قراءات عدة، منها محاولة “سحب” العراق من العباءة الإيرانية.
ونشرت شبكة بلومبيرغ في 27 كانون الثاني يناير الماضي، تقريرا تناول مستقبل العراق في ظل تصاعد الحديث عن انسحاب القوات الأمريكية المتوقع العام المقبل، مشيرة إلى أن المخاوف من وقوع العراق تحت النفوذ الإيراني بشكل كامل لا تستند إلى أسس تاريخية أو واقعية.
ويتزامن تقرير بلومبيرغ مع تصاعد النقاش في الولايات المتحدة حول مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في العراق، ففي حين يرى بعض المحللين أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى البقاء عسكريا لفترة غير محددة، يرى آخرون أن توجهات الرئيس الأمريكي قد تنتهي بسحب كامل للقوات.
وتشهد الساحة السياسية في العراق جدلا واسعا حول مساعي الحكومة لإقناع الفصائل المسلحة في البلاد بتسليم السلاح أو الانضمام للقوات الأمنية، لا سيما بعد النكسات التي تعرض لها “محور المقاومة”، وتولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سدة الحكم.
وجاء ذلك في الوقت الذي تدرس فيه حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إرسال وزير الخارجية فؤاد حسين في زيارة رسمية إلى سوريا، في خطوة مكملة لسياسة الانفتاح على الدول الإقليمية، لاسيما بعد تولي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع الرئاسة في سوريا.
وترأس قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، في 29 كانون الثاني يناير الماضي، بقصر الشعب في دمشق اجتماعا موسعا للفصائل العسكرية والثورية، تقرر فيه أن يتولى الشرع رئاسة سوريا في المرحلة الانتقالية وإلغاء العمل بدستور سنة 2012، فضلا عن حل حزب البعث العربي الاشتراكي ومجلس الشعب والجيش والأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد.
وأجرى وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في 26 كانون الثاني يناير الماضي، زيارة سريعة إلى العاصمة بغداد، هي الثانية له إلى البلاد منذ توليه منصبه في حزيران يونيو 2023، حيث تركزت على الأحداث في سوريا.
وشكلت الأوضاع والتطورات التي تشهدها سوريا واستمرار مكافحة تنظيم داعش، أبرز الملفات التي بحثها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال لقائه في بغداد، في 26 كانون الثاني يناير الماضي، مع كل من وزير الخارجية التركي هاكان فيدان وقائد قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق وسوريا الجنرال كيفن ليهي.
ولعل إيران المتضرر الأكبر مما حدث، فقد تقطعت أوصال “الهلال الشيعي” الذي عملت على مدى 44 عاما على صناعته، فمنذ العام 1980 استطاعت إيران أن تبني علاقات استراتيجية مع نظام حافظ الأسد الذي وقف معها بقوة في حرب الثماني سنوات مع العراق، وصل الأمر إلى حرمان سوريا نفسها من واردات مرور النفط العراقي من أنبوب كركوك ـ بانياس لنقل النفط عام 1982، الأمر الذي أفقد العراق، يومها، نصف قدرته التصديرية، ولم يبق له سوى تصدير النفط عبر خط كركوك ـ جيهان المار عبر تركيا، بعد تعذر تصدير النفط عبر الخليج العربي بسبب الحرب.
وتسبب وجود عناصر حزب العمال الكردستاني، الذي تصنّفه أنقرة “منظمة إرهابية”، في الأراضي العراقية بالعديد من الأزمات السياسية بين البلدين، وتكمن صعوبة إجراء تفاهمات كاملة بين حكومة العراق والحكومة التركية بشأن إنهاء وجود مسلحي الحزب في العراق في عدة عوامل ميدانية عسكرية، أبرزها وجود الحزب في مناطق يصعب وصول القوات العراقية إليها، ضمن المثلث العراقي الإيراني التركي الواقع تحت إدارة إقليم كردستان، إلى جانب الدعم الذي يتلقاه مسلحو الحزب من فصائل مسلحة توصف عادة بأنها حليفة لإيران، خصوصاً في مناطق سنجار، غرب نينوى.