صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

كردستان «سئمت» من الإطار التنسيقي.. وبارزاني يطلب من طهران الضغط على بغداد

يبدو أن لغة التصعيد بين بغداد وأربيل، قد أخذت منحى آخر، لا سيما أن الملفات العالقة بين الطرفين قد وصلت إلى طريق مسدود، حيث ترى كل جهة، أن الجهة الأخرى هي المسؤولة عن ما يحدث من أزمات.

فبعد مهاجمة رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، الحكومة المركزية في بغداد، حول مسألة رواتب موظفي الإقليم، واصفا إياها بـ”اللعبة القذرة”، جاء رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، ليشكو، اليوم الأحد، تعامل الحكومة المركزية في بغداد مع الإقليم، خلال منتدى طهران للحوار، فيما كشفت مصادر مطلعة، الأسباب وراء ذلك.

وقالت المصادر لـ”العالم الجديد”، إن “أصحاب القرار في إقليم كردستان، يرون أن بعض القوى السياسية في بغداد، وتحديدا الإطار التنسيقي، هو من يقف وراء عدم تصفير الخلافات بين الإقليم والمركز”.

وأضافت، أن “حكومة كردستان قد سئمت من إرسال الوفود إلى بغداد، لحل الملفات العالقة، ولكن دون جدوى، ورأت أن اللجوء إلى طهران قد يساهم بالضغط على حكومة بغداد في التعامل مع الإقليم بشكل أفضل”.

وقال بارزاني في منتدى طهران للحوار، تابعته “العالم الجديد”، إن “العراق بلد مهم جدا وله القدرة على لعب دور محوري في المستقبل الإقليمي والدولي”.

وأضاف، أن “العلاقة بين بغداد وإقليم كردستان، تواجه تحديات”، مشيرا إلى أن “الحكومة المركزية لا تتعامل مع الإقليم، وفق إطار الدستور، وهو ما يستدعي معالجة عاجلة لمسألة الفيدرالية بين الطرفين”.

وشدد بارزاني على “ضرورة إيجاد حلول دستورية واضحة، تنظم العلاقة بين بغداد وأربيل، لضمان استقرار العراق، وتعزيز وحدته الوطنية، في ظل التطورات السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة”.

ووصف بارزاني، إبران بـ”بلدنا الثاني، وقد عشقت مدينة كرج جنوبي طهران”، مردفا “أننا لم نكن لاجئين فيها فقط، بل لدينا الكثير من المشتركات، وهذا البلد هو بلدنا”.

وعقد رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، اجتماعا، مع وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقچي، ناقش خلاله آخر تطورات المنطقة، وطبيعة العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان، وطهران.

وسبقه لقاء مع الرئيس الإيراني، مسعود بزيشكيان، حيث قال في منشور له على منصة (أكس): “سعدتُ كثيراً بلقائي اليوم في طهران مع مسعود بَزشكيان، رئيس جمهورية إيران الإسلامية”.

وأضاف المنشور، أن بارزاني أكد خلال اللقاء “على تعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع مجالات التعاون المشترك بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وكل من العراق وإقليم كردستان في جميع الميادين”.

وتابع المنشور نفسه، على لسان رئيس الإقليم “كما تبادلنا وجهات النظر بشأن آخر التطورات والأوضاع في المنطقة، وأكدنا على أهمية الحفاظ على الاستقرار والهدوء وتعزيز التعاون الشامل على أساس المصالح المشتركة”.

و ذكر بيان صادر عن رئاسة الإقليم، تلقته “العالم الجديد”، أن “الجانبين أعربا عن سعادتهما لمستوى العلاقات بين البلدين، وأكدا رغبتهما المتبادلة في توسيع التعاون خاصة في مجالات التجارة والاقتصاد”.

وكان رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، قد وصل مساء أمس السبت، إلى العاصمة الإيرانية طهران، لحضور “لقاء تشاوري” تنظمه وزارة الخارجية الإيرانية.

وجاءت زيارة بارزاني إلى طهران، بدعوة رسمية من وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، للمشاركة في المنتدى الذي يعقد يومي 18 و19 أيار الجاري، بمشاركة وفود من 53 دولة.

وكان رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، انتقد في 15 آيار مايو الجاري، طريقة تعامل بغداد مع موظفي الإقليم، معتبرا أنها “لم تعد مقبولة”، وفيما وصفها بـ”اللعبة القذرة مع شعب كردستان”، أكد أن لا شراكة بلا توازن.

وجاءت تصريحات بارزاني، عقب مرور يومين، على إيداع بغداد نحو ترليون دينار بحساب مالية إقليم كردستان، لتمويل رواتب الموظفين.

وتبلغ حصة كردستان من الموازنة الاتحادية 21 تريليون دينار، لكن مع توقف تصدير النفط، اقتصرت التحويلات من المركز على الرواتب فقط، إذ تقول الحكومة الاتحادية إنها موّلت الإقليم عام 2024، بينما تصر أربيل على أن ما وصل فعليا أقل من ذلك بكثير.

واتهم رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، في 11 آيار مايو الجاري، الحكومة الاتحادية في بغداد بتسييس ورقة الرواتب، مبينا أن حكومته أوفت بجميع التزاماتها تجاه الحكومة الاتحادية، معربا عن أمله في أن تبادر بغداد بالمثل.

ومنذ سنوات، لم يحل ملف الرواتب في إقليم كردستان، وبقي معلقا بين الشد والجذب مع الحكومة الاتحادية، وفي كل عام يتجدد هذا الجدل مع إقرار الموازنة الاتحادية، التي تضع شروطا على الإقليم، مقابل تسلمه حصته منها، وأبرزها تسليمه واردات النفط، لكن منذ عامين، بعد توقف تصدير الإقليم للنفط عبر ميناء جيهان التركي، حولت الحكومة الاتحادية رواتب الموظفين إلى “سلف” تقدم للإقليم.

وكان عضو اللجنة المالية السابق، أحمد الحاج رشيد، أكد في 20 كانون الثاني يناير الماضي، أنه لا يوجد أمل لحل أزمة رواتب كردستان بشكل جذري، متوقعا تكرارها كل شهر لعدم التزام حكومة الإقليم، بتسليم 50‎ بالمئة من الإيرادات الداخلية.

وعاش الموظفون في الإقليم، أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق، نتيجة تأخر صرف الرواتب، وتطبيق نظام الادخار الإجباري الذي مارسته حكومة إقليم كردستان لسنوات عدة، بعد اعتماد رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي سياسة “التقشف”، بالإضافة إلى الخلافات المالية بين بغداد وأربيل، مما أدى إلى أزمة خانقة وكبيرة.

إقرأ أيضا