صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

«المناصب» و«النفوذ» يهيمنان على مفاوضات بارزاني وطالباني بشأن حكومة كردستان

تتعدد السيناريوهات المطروحة لتشكيل الحكومة المقبلة في إقليم كردستان عقب الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 20 تشرين الثاني نوفمبر الماضي، في ظل صراع النفوذ والسلطة بين الحزبين الحاكمين في الإقليم.

فبعد الاجتماع الثالث بين نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسرور بارزاني، ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، في قضاء دوكان بمحافظة السليمانية، بحضور اللجنة العليا المشرفة على تشكيل حكومة الإقليم، كشف عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفا محمد كريم، اليوم الاثنين، عن أبرز ما دار من مفاوضات بشأن المناصب الذي جمع رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، ورئيس الاتحاد الوطني بافل طالباني.

وقال كريم في حديث تابعته “العالم الجديد”، إن “الاتحاد الوطني طالب بالحصول على رئاستين من أصل أربع رئاسات في الإقليم، بينما حسم الحزب الديمقراطي موضوع رئاستي الإقليم والحكومة لصالحه”.

وأضاف أن “الاتحاد الوطني يطالب أيضاً بالحصول على رئاسة البرلمان، إلى جانب ترشيح رئيس المجلس الأعلى للقضاء في كردستان”، مشيرا إلى أن “منصب مجلس أمن إقليم كردستان محسوم مع وزارة الداخلية لصالح الحزب الديمقراطي، فيما سيُخصص للاتحاد الوطني منصب وكيل مجلس الأمن، والذي سيكون مسؤولاً عن المؤسسات الأمنية في السليمانية وحلبجة”.

وأكد كريم أنه “بانتظار البيان الختامي للاجتماع”، مشيراً إلى أن “هناك جزئيات عديدة لن يتم الإعلان عنها حالياً، وستُترك لجولات مفاوضات لاحقة بين الطرفين”.

وعقد صباح اليوم الاثنين، الاجتماع الثالث للقمة بين نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسرور بارزاني، ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، في قضاء دوكان بمحافظة السليمانية، بحضور اللجنة العليا المشرفة على تشكيل حكومة الإقليم.

وضم وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني ضم مسرور بارزاني وهوشيار زيباري وبشتوان صادق، فيما ترأس وفد الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، وضم كلاً من قوباد طالباني، دەرباز كوسرت، ريواز فائق، وآمانج رحيم.

ويهدف الاجتماع إلى وضع اللمسات الأخيرة على البرنامج الحكومي المقبل، ومناقشة توزيع المناصب بين الأحزاب الفائزة في الانتخابات، بالإضافة إلى مناقشة مجموعة من القضايا السياسية والإدارية ذات الصلة بتشكيل الحكومة الجديدة في إقليم كردستان.

وكانت وسائل إعلام قد نقلت عن مصادر مطلعة، مؤخرا، أن الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني توصلا إلى توافق حول المناصب الرئيسية، بينما حال خلاف حول وزارتي الداخلية والمالية دون حسم المباحثات، حيث تمسك الاتحاد الكردستاني بالحصول على الحقيبتين وهو ما رفضه الديمقراطي الكردستاني، معتبرا أن الوزارتين من حقه باعتباره صاحب الأغلبية في البرلمان بعد تصدره نتائج انتخابات تشرين الأول أكتوبر 2024 وحصوله على 39 مقعدا، من أصل 100 بينما تحصل الاتحاد على 23 مقعدا.

وجدد رئيس حراك الجيل الجديد شاسوار عبد الواحد، في 22 نيسان أبريل الجاري، تهديده بحل برلمان إقليم كردستان، في حال عدم عقد الجلسة خلال الأسبوعين المقبلين.

كانت مصادر مطلعة، كشفت في 25 آذار مارس الماضي، لـ”العالم الجديد”، أن “اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، برئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق تشكيل الحكومة”، مبينة أن “بارزاني اشترط خلال اللقاء إعادة إحياء التحالف الكردستاني في الانتخابات البرلمانية الاتحادية، وأن يعمل الكرد معا في بغداد، لحل الملفات العالقة مع الحكومة الاتحادية”، فيما أشارت إلى أن “جميع الشروط تم الاتفاق عليها، وبقيت اللمسات الأخيرة التي سيتم حسمها خلال الاجتماعات بين اللجنة التفاوضية المشكلة من الحزبين، ليتم حسم تسمية المناصب”.

وكشفت المصادر عن “اتفاق يفضي إلى توحيد البيشمركة بين الحزبين، وإنهاء الإدارتين، وحسم المناصب، بحيث يكون للديمقراطي منصبا رئاسة الإقليم والحكومة، وللاتحاد رئاسة البرلمان، ونائب رئيس الحكومة، ونائب رئيس الإقليم و8 وزارات، بينها وزارة البيشمركة، ووزارة المالية”.

وكان عضو حركة تفكري ازادي الكردية لقمان حسن كشف في 17 آذار مارس الماضي، عن احتمالية تأجيل تشكيل الحكومة في كردستان لما بعد إجراء الانتخابات البرلمانية في البلاد، وذلك لاعتبارات سياسية.

وخلال الشهرين الماضيين، عقد الحزبان عدة جولات من المفاوضات انتهت بتشكيل لجنة مشتركة، هدفها صياغة مسودة يجري الاتفاق عليها للبرنامج الحكومي المقبل، وآلية توزيع المناصب التنفيذية لحكومة الإقليم، لكن الاتفاق لم يفض إلى أي نتائج تدفع نحو الإسراع بحسم ملف تشكيل الحكومة.

ويشهد إقليم كردستان أزمة سياسية مستمرة منذ الانتخابات الأخيرة، حيث تعثرت مفاوضات تشكيل الحكومة بين الحزبين الرئيسيين.

وتعود جذور الخلافات إلى تباين الرؤى حول تقاسم السلطة، وصلاحيات المناصب الرئيسية مثل رئاسة الإقليم والحكومة والبرلمان.

برغم عقد عدة اجتماعات بين اللجان التفاوضية للحزبين، إلا أن التقدم لا يزال محدودا، مما يزيد من حالة الجمود السياسي في الإقليم، وسط ترقب داخلي وضغوط خارجية لحلحلة الأزمة.

وطبقاً للنظام الداخلي لبرلمان الإقليم، يتعين على رئيس الإقليم دعوة البرلمان المنتخب إلى عقد جلسته الأولى خلال 10 أيام من المصادقة على نتائج الانتخابات، وإذا لم يدعُ الرئيس إلى عقد الجلسة الأولى يحق للبرلمانيين عقدها في اليوم الحادي عشر للمصادقة على النتائج، فيما يترأس العضو الأكبر سناً جلسات البرلمان قبل انتخاب الرئيس الدائم بعد تأدية القسم الدستوري.

وشهد البرلمان بدورته السادسة انعقاد جلسته الأولى في مطلع كانون الأول ديسمبر 2024، والتي تضمنت تأدية اليمين القانونية لأعضائه، وإبقاء الجلسة مفتوحة بسبب عدم حسم المناصب الرئيسة في الإقليم.

وبحسب سياسيين، فإن واقع هذا الصراع بين الحزبين التقليديين “الديمقراطي” بزعامة مسعود بارزاني و”الاتحاد الوطني” بزعامة بافل طالباني يفتح الباب أمام تساؤلات حول الخيارات المتاحة في تجاوز سقف الشروط المتبادلة، واستقطاب قوى من ساحة المعارضة التي يفرض بعضها شروطاً تعجيزية، وآخر اتخذ قراراً قطعياً بعدم المشاركة في أية حكومة يشكلها الحزبان في ظل عقبات قانونية تفرض سقوفاً زمنية في حال إبقاء جلسة البرلمان مفتوحة لحين إبرام اتفاق سياسي.

ويقف سقف المطالب المرتفع لدى كل منهما عائقاً في طريق تشكيل حكومة شراكة، فكلاهما يخوض سباقاً لاستقطاب باقي القوى الفائزة وفي مقدمهما حراك “الجيل الجديد” ويحوز 15 مقعداً، يليه “الاتحاد الإسلامي” بسبعة مقاعد ثم حزب “الموقف الوطني” بأربعة مقاعد، و”جماعة العدل” بثلاثة مقاعد، ومقعدان لحزب “جبهة الشعب”، ومقعد لكل من حركة “التغيير” و”الحزب الاشتراكي”.

ويشترط حزب بارزاني في تشكيل الحكومة الجديدة أن تكون وفق معيار “الاستحقاق الانتخابي” مع أهمية أن تكون “مؤسسات الإقليم موحدة”، في إشارة إلى الفجوة القائمة بين ادارته في أربيل مع نظيرتها في السليمانية بقيادة حزب طالباني، في حين يرفع الأخير شعار “تصحيح مسار الحكم” بهدف ما يعتبره إنهاء حال احتكار القرار من قبل الديمقراطي.

وسيطر الحزب الديمقراطي الكردستاني على منصبي رئاسة الإقليم والحكومة، حيث ترأس نيجيرفان بارزاني رئاسة إقليم كردستان، وابن عمه وصهره مسرور بارزاني، منصب رئاسة حكومة الإقليم، فيما حصل الاتحاد الوطني في الدورة الأخيرة على منصب رئاسة البرلمان.

إقرأ أيضا