صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

«الموازنة» وقانون «تقاعد الحشد» على طاولة البرلمان قريباً

مر أكثر من شهر ونصف على تمرير تعديل موازنة 2025، إلا أن جداولها لم تصل الى البرلمان حتى الآن، في ظل التعطيل المستمر لجلسات البرلمان بسبب الخلافات السياسية بين الكتل حول بعض القوانين وتحديدا قانون الخدمة والتقاعد لمنتسبي الحشد الشعبي.

وفي هذا الإطار، توقعت عضو مجلس النواب العراقي، ابتسام الهلالي، اليوم الثلاثاء، التصويت على جداول الموازنة الاتحادية خلال الأيام المقبلة، فور إرسالها من قبل الحكومة إلى البرلمان، مشيرة إلى وجود معلومات عن عودة قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي من رئاسة الوزراء وإدراجه على جدول أعمال جلسة البرلمان المقبلة المتوقعة خلال الأسبوع المقبل.

ومنذ منتصف شباط فبراير الماضي، يعجز مجلس النواب عن عقد جلساته بسبب الخلافات المحتدمة حول قانون تقاعد الحشد الشعبي، فقد تحول القانون إلى نقطة اشتباك بين القوى السياسية، ما أدى إلى تعطيل تشريعات أخرى وتأجيج الانقسامات داخل الإطار التنسيقي، باعتبار أن أطرافًا تطالب بإبعاد رئيس هيئة الحشد الحالي فالح الفياض.

وقالت الهلالي في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “مجلس النواب صوت على موازنة لثلاث سنوات لتجنب تصويت البرلمان في كل عام على جداول الموازنة، وإنما تمضي الوزارات بالموازنة التي لديها، لكن ما حصل هو طلب تصويت البرلمان على الجداول في كل سنة”.

وطمأنت الهلالي،، بحسب وكالة “شفق نيوز”، أن “الجداول حالياً عند الحكومة، ومن المتوقع الانتهاء منها وإرسالها إلى البرلمان خلال الأيام المقبلة، وسيصوت عليها مجلس النواب فور تسلمها لتجنب تأخر الوزارات والأمور المتعلقة بالموازنة، لذلك لا توجد مخاوف بهذا الخصوص”.

وكشفت عن لقاء جرى مؤخراً مع وزير المالية، طيف سامي، مبينة أن “الوزير كان عليها ضغط شديد بسبب جداول الموازنة، وهي أكدت بدورها تسليم جداول الموازنة كلها إلى رئيس الوزراء، وبينت سامي، أن في حال تأخر الموازنة فيمكن المضي بصرف الوزارات والدوائر التشغيلية والاستثمارية على 1/12 لحين الإتيان بالجداول من الحكومة”.

وعن تضمين الموازنة عقود أو درجات وظيفية خاصة مع اقتراب الانتخابات التي قد يلجأ البعض إلى إطلاق وعود لناخبيهم بالتوظيف، أوضحت الهلالي، أن “الموازنة التي سوف تأتي هي مقرورة والعقود الـ150 ألف درجة بالنسبة للمحافظات مضت، لذلك يجب عدم الانخداع بالدعايات الانتخابية لأن موازنة 2025 خالية من التعيين والأجور والعقود”.

وبشأن قانون الحشد، بينت الهلالي، أن “هناك معلومة بأن قانون الحشد سوف يعود من رئاسة الوزراء الذي سحبته الأسبوع الماضي، وسيتم إدراجه على جدول أعمال جلسة البرلمان المقبلة، ومن المتوقع أن يعقد البرلمان جلسة أو جلستين خلال الأسبوع المقبل”.

وحول مطالبة بعض النواب بحلّ البرلمان بسبب التعطيل المستمر لجلساته، ذكرت الهلالي، أن “البرلمان لا يمكن أن يحلّ نفسه نهائياً، وهو سوف يحلّ في 10 كانون الثاني يناير 2026 عند انتهاء الدورة البرلمانية الحالية”.

ومن المفترض أن تُرسل وزارة المالية جداول الموازنة إلى مجلس الوزراء في تشرين الأول أكتوبر 2024، تمهيداً لإقرارها قبل بداية العام الجديد، وفقًا لقانون الإدارة المالية، إلا أن ذلك لم يحدث حتى اليوم.

وكشف المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، في 13 آذار مارس الجاري، تفاصيل جداول موازنة 2025، مبينا أن ثلثاها للمواطنين وبعجز افتراضي قدره 64 تريليوناً.

يذكر أن إيرادات موازنة 2024، بلغت “144 تريليون و336 مليار دينار، في حين بلغت النفقات 210 تريليونات و936 مليار دينار، حيث بلغ  العجز 63 تريليوناً و599 مليار دينار.

وكان مجلس النواب، صوت في 2 شباط فبراير الماضي، على تعديل المادة 12 من قانون الموازنة، الخاصة بكلف استخراج نفط إقليم كردستان،جاء ذلك وسط مقاطعة 50 نائبا من نواب الوسط والجنوب أغلبهم من المستقلين.

وتتضمن مسودة تعديل المادة 12 من قانون الموازنة فقرتين، الأولى تتعلق بكلف إنتاج ونقل نفط إقليم كردستان بعد تحديد الكلف التخمينية الحقيقية عبر الهيئة الاستشارية، أما الفقرة الثانية، فتنص على أنه في حال عدم اتفاق الحكومتين الاتحادية والإقليم على كلف الإنتاج والنقل، فإن وزارة النفط تتولى اختيار جهة لتحديد تلك الكلف وعلى إثر ذلك يتم احتساب كلفة استخراج النفط من الحقول النفطية في الإقليم.

يشار إلى أن تعديلات الموازنة الاتحادية أثارت استياء نواب الوسط والجنوب، خاصة بعد منح امتيازات كبيرة لمحافظات إقليم كردستان، ورفع سعر برميل النفط المخصص للإقليم، وهو ما اعتُبر استنزافاً لميزانية الحكومة الاتحادية على حساب بقية المحافظات.

ونص تعديل الموازنة على إلغاء نص الفقرة (ج) من البند (ثانياً) من المادة (12) من قانون الموازنة الحالية، واستبداله بنص جديد يتضمن تخصيص تعويضات مالية لحكومة إقليم كردستان عن كلف الإنتاج والنقل المتعلقة بالنفط المنتج في الإقليم.

ويتم احتساب هذه الكلف من قبل جهة استشارية فنية دولية متخصصة، يتم تحديدها بالتعاون بين وزارة النفط الاتحادية ووزارة الثروات الطبيعية في الإقليم. وتدفع وزارة المالية الاتحادية تعويضات تقدر بمعدل 16 دولارا للبرميل الواحد كسلف، مع تسويتها لاحقا بناءً على الكلفة الحقيقية المقررة من الجهة الاستشارية.


أما فيما يتعلق بقانون الحشد، فأن رئيس حركة بابليون ريان الكلداني، أكد في 17 آذار مارس الجاري، أن الخلاف بين زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض حول قانون تقاعد الحشد الشعبي، قد انتهى.

وسحب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في 11 آذار مارس الجاري، قانون الخدمة والتقاعد لمنتسبي الحشد الشعبي من البرلمان بشكل رسمي، مما أشعل موجة من الجدل على المواقع التواصل الإجتماعي حول استخفاف وتهاون الحكومة بتضحيات المقاتلين.

وكانت مصادر مطلعة أفادت لـ”العالم الجديد”، إن “قرار سحب قانون تقاعد الحشد جاء بطلب من قادة الإطار لتعديل فقرة ، تضمن بقاء القادة الحالية في الهيئة، وتحديدا رئيسها فالح الفياض، وذلك في خطوة لتدارك التعطيل المستمر لجلسات البرلمان.

ومن المقرر أن يعقد الإطار التنسيقي، خلال اليومين المقبلين، اجتماعا هاما يناقش فيه مع السوداني التعديلات التي سوف تجريها الحكومة حول قانون الخدمة والتقاعد لمنتسبي الحشد الشعبي، بحسب مصادر مطلعة.

الجدير بالذكر أن المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، أكد في 8 آذار مارس الجاري، أن الحكومة لم تبلغ رسميا بحل الحشد الشعبي او أي مؤسسة امنية أخرى، فيما أشار الى عدم وجود اية ضغوطات حول الفصائل أو الدولار أو شركة النفط “سومو”، الأمر الذي يكشف حجم الضغوط والصراعات داخل البلاد.

جاء ذلك بعد تصريحات السياسي عزت الشابندر في 6 آذار مارس الجاري، التي أكد فيها أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وجه أوامر للعراق وليست نصائح كما يروج لها”، مبينا أن “ذلك جاء عن طريق إتصال هاتفي لوزير خارجيته بالسوداني، حيث تركزت الأوامر على قطع الغاز الإيراني، ونزع سـلاح الفصائل، وحل الحشد الشعبي عبر دمجه بالمؤسسات الرسمية، بحيث يتم توزيع أفراده على قطاعات مختلفة مثل المرور، الإطفاء، أو حتى كـ”نواطير”، حسب تعبيره.

وأضاف أن “الحديث جاء بالنص :”هذه أوامرنا ويجب أن تنفذوها”، مستطردا بالقول: “إذا لم نستجب لأوامر ترامب فإننا سوف نعاني، لذا يجب على الحكام العراقيين أن يصارحوا شعبهم بهذه الحقيقة لكي يقفوا معهم”.

ويُعدّ قانون “الخدمة والتقاعد لمنتسبي الحشد الشعبي”، من القوانين المثيرة للجدل، إذ يمثل خلافاً داخل البرلمان ومع الحكومة أيضاً، وقد أخفق البرلمان أخيراً في التوصل إلى صيغة توافقية بشأن فقراته، خاصة أنه يشمل إحالة نحو 4 آلاف، بينهم قادة في الخط الأول بالحشد، على التقاعد لبلوغهم السن القانونية.

وينقسم الإطار التنسيقي بشأن قانون الحشد، إلى معسكرين متباينين، الأول، يقوده ائتلاف دولة القانون وعصائب أهل الحق، والذي يتمسك بتمرير القانون دون النظر إلى تبعاته، حتى لو أدى إلى استبعاد رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض وعدد من القيادات، طالما أنه يضمن حقوق مئات الآلاف من المقاتلين ويحافظ على استقرار المؤسسة الأمنية.

والثاني منظمة بدر ومعها بقية قوى الإطار، حيث يتمسكون ببقاء الفياض في منصبه، خشية أن يؤدي تعيين بديل “متشدد” إلى إحراج الحكومة أمام الأطراف الدولية، وهو ما يلقى دعم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

إقرأ أيضا