تدخل تظاهرات الاحتجاج في مدينة الناصرية يومها العاشر، وإذ تحييّ الناصرية شقيقتها البصرة في هدر الكبرياء والكرامة وتلتحم معها في بركان سيحرق الفاسدين والطغاة الجدد، فقد راح البعض المنافق يفرغ غلوائه ويتهم أبناء البصرة بانعدام الكفاءة والتخلف، ويوصف أحرار الناصرية بالغوغاء والميليشيات!.. الناصرية شرف الأرض التي كرمت قبل آلاف السنين بولادة سيدنا إبراهيم الخليل، وهي منبع النور وأبجدية الحضارة والموسيقى والعلوم وثقافات التحرر على مر العصور، دونت أول حكمة على لسان جلجامش، ورددت أول الترانيم بأصوات نساء أور في إنشاد لربيع البشرية. سلاما بصرتنا العظيمة، يا مرفأ الأحلام والأغاني وقمة الهرم المعرفي لتأريخ أهل وادي الرافدين، مدينة تطعم القمر وتغازل النجوم منذ أن توسد أنين أرضها صاحب الزنج، ليوصل رسالتها إلى السياب نقلا عن الحسن البصري والجاحظ ورهط من زرعوا أشجار الضوء والحرية في هامات الزمان. الناصرية كما البصرة تتحديان فساد وفشل أحزاب الإسلام السياسي، التي لم تأت لمدينتهما سوى البؤس والخراب والأزمات والفقر وانعدام الحياة والخدمات والأمن والجمال، مدن تتوسط الإهمال والأتربة وتحرم من الكهرباء والماء الصالح للبشر والخدمات البلدية المناسبة، مدن عريقة بكفاءات أصبحت سلطاتها تلوذ بعدد من ذوي العاهات المرضية والمتخلفين والمعتوهين، مدن ترزح تحت الممنوع و ثقافة النفاق وشراء الذمم والصمت والأكاذيب، وما أشبه اليوم بالبارحة!.. الحرية والفقر واسترداد الحقوق محركات أساسية لأبناء الناصرية والبصرة في تظاهراتهم، يكفي صمتا وصبرا لعشر سنين مضت خدعوا بها أبناء المدن الفقيرة وهي تغط بين طيات العوز، وتنكشف تحت أمواج الأمراض والأوبئة وهي تنتج النفط والثروات. البصرة والناصرية مرجل ثورة التغيير الذي لابد أن يأتي بنهار جديد يمحو هذا الظلام الذي هيمن عليهما منذ نصف قرن . أما الحمقى الذين يتهكمون ويشتمون أحرار هذه المدن الباسلة، نقول لهم ما قاله الشاعر محمد صالح بحر العلوم؛ صه يا رقيع فمن شفيعك في غد… فلقد خسئت وبان معدنك الرديّ. تحية تقدير لأحرار مدن الجنوب وكل أبناء العراق وهم يحملون مفاتيح الغد الأجمل.
Falah.almashal@yahoo.com