يسقط النظام في اللحظة التي تسقط هراوة على جسم مدني سلمي أعزل خرج مطالبا بحقوقه المنتهكة.
يسقط النظام في الوقت الذي يجعل من حماة الشعب معتدين عليه.
يسقط النظام حين يكون بمواجهة شعب منحه الشرعية.
وهذا ما حدث في تظاهرات الأمس.. أمس تحديدا سقط النظام الحاكم.
من خَبِرَ القوى الممسكة بالسلطة، قبل إمساكها بالسلطة، يعرف أنها لم تكن ديموقراطية يوما ولن تكون.. لذا لا يرتجى منها الإصلاح أو التغيير. كيف يُطلب الإصلاح من فسدة؟!
لذا فإن على القوى المدنية التي تأكدت من طغيان النظام الحاكم وفساده أن تعمل من الآن على لملمة صفوفها في جميع المحافظات وانتخاب قيادات موسومة بالنزاهة والكفاءة لتترشح إلى الانتخابات النيابية المقبلة وليصار إلى حشد جميع المدنيين لانتخاب تلك القيادات.
أعرف أن هذه العملية ليست سهلة ولكنها ليست مستحيلة أيضا.
هذه العملية تحتاج إلى خلايا عمل تواصل النهار بالليل.. وسط شبكات اجتماعية واقعية وافتراضية تجمع المدنيين من تحت الأرض رجالا ونساء ليسهموا في انتخاب قيادات التغيير.
ربما تواجه هذه العملية بإغراءات واستمالات الفاسدين. ربما يعمد القتلة والمليشياويون إلى إرعاب المدنيين وترهيبهم. ربما يعتدون عليهم بشتى الطرق.. هذا وارد، لكن المعروف أيضا أن درب التغيير مليء بالمخاطر وعلى سالكيه التحمل.
السرية هي ما يحتاجه المدنيون في المرحلة الأولى من عملية التغيير.
يمكن الإفادة من التجارب الحزبية وتنظيماتها الخيطية حتى مرحلة النضوج والإعلان.. وفي تلك المرحلة يشتغل الناشطون، والإعلاميون خصوصا، على دعم المرشحين المدنيين ودفع الناس باتجاه انتخابهم.
بماذا يتفوق الممسكون بالسلطة على القيادات المدنية المنتظرة؟!
بتاريخهم؟ مليء بالعمالة والخيانة والمواقف المخزية.
بشهاداتهم؟ كثير منهم بلا شهادات أو بشهادات مزورة، فيما الشهادات العليا تزين صفوف المدنيين.. ثم من قال إن الشهادات العليا مفاتيح للقيادة؟!
بتجارب حكمهم؟ أذاقوا الناس ويلات الحرب الأهلية والطائفية ودمروا الاقتصاد وسرقوا البلاد ولم يفلحوا في تشييد مشروع واحد.
بمنطقتهم الخضراء؟ بكتلهم الإسمنتية؟ اليباس يأكل الوطن.. والمخففات تحصد أبناءه.. وهم محصنون؟ أمثل هؤلاء المختبئين يعاد انتخابهم؟
بإمكاناتهم؟ كل ما فعلوه في السابق أنهم زاروا المحافظات وتحدثوا إلى الناس وغرروا بهم.. وعدوهم واخلفوا معهم.. كذبوا عليهم.. لملموا \”فايلات\” تعيين أبنائهم وبعثروها في الهواء من زجاج سياراتهم المصفحة على الطرق السريعة!.. أخطاؤهم هي نقاط الشروع للقيادات المدنية التي يمكنها أن تتواصل مع ناسها من أقرب جار إلى أبعد قرية، لاسيما وأن الإعلام الفضائي والالكتروني صار في متناول الأكف وعبر أجهزة الهواتف النقالة!
لا حل جذريا، أراه، غير ترشح القيادات المدنية للانتخابات النيابية المقبلة وحشد الناس لانتخابهم على أساس برامج وطنية واضحة واستنادا إلى حملات دعايات منظمة. وإلا فان بقاء المدنيين في صفوف المتظاهرين وإبقاء الهراوات تسقط على رؤوسهم وظهورهم بين مناسبة وأخرى فيما يواصل القتلة والطائفيون والفاسدون شغل المقاعد النيابية لسنين مقبلة لا يعدو أن يكون “حملا للأثقال إلى حيث تقف الحمير”!