طريف أن أبدأ مع العالم الجديد بمقال عن \”الواوية\” وهي جماعة وجودها صار أكثر من معروف في الوسط السياسي، وأطراف العملية السياسية الراعية لنشاطات الواوية. ولم يقتصر وجود هذه الجماعة في الشارع السياسي، بل أضحى وجودها في الشارع الثقافي حقيقة لا يمكن تجاهلها، وتتضح اكثر في ممارسة الاستحواذ والادعاء واللصوصية، وقد تكون مرجعيتهم واحدة، كأن يكون الواوي السياسي على صلة لا تنقطع مع الثقافة السياسية للنظام المقبور فيشاطره شقيقه الواوي الثقافي بهذه الصلة غير المقطوعة، فنرى المنتج التلفزيوني في اعلام النظام المقبور يتواصل في الإنتاج التلفزيوني في العهد الجديد، محتفظا بقدرته على الاستحواذ على جهود العاملين، موسعا حقل انتاجه إلى الكتب والصحف، ولا عجب في ان يرتدي هذا الواوي في صباح يوم ما العمامة لينشر علينا فقه الواوية الديني. كل شيء جائز ومسموح به في وطن تتعطل فيه الإشارات الحمراء عند مرور الواوية.
وتؤشر حركة الواوية اتساع نشاطهم خارج الحدود، فتجدهم في عمان يعملون وبلا تردد مع خصوم العملية السياسية، وفي دبي تتعدد نشاطاتهم وتتنوع من التجارة السياسية إلى تجارة النساء، والنوع الأخير من التجارة تذهب ضحيته النساء اللواتي يعملن سكرتيرات في مكاتب الواوية، ولا يعلمن باستراتيجياتهم إلا بعد فوات الأوان.
الجيل القديم من واوية الثقافة كان يختصر نشاطه على إعادة انتاج ما يقرأ، او بمعنى آخر يقوم بشرعنة الانتحال، أما التطور الذي وصلت إليه الواوية الآن، فيكمن في تسويق وصناعة الأسماء والموضات والنزعات الأخلاقية، وقد لوحظ في الآونة الأخيرة، ان الواوية صار كل اثنين منهم يحرصان على ارتداء ازياء موحدة، وهي تقليعة تمارسها جماعات \”الهوما سكشل في اوروبا\” أو الشاذين جنسياً باللغة العربية، ويدافع الواوية عن بعضهم بطريقة الـ\”ما أدري\”، وهي طريقة تؤدي إلى الحياد المؤقت، فحين ينكشف أمر احدهم يردد افراد الجماعة الـ\”ما أدري\”. وفي الحقيقة هم شركاء في العمل الذي انكشفت تفاصيله، كإغلاق جريدة، وتسريح محرريها من غير وجه حق وبحجة واهية يُطلق عليها الإفلاس المادي، والحقيقة تقول انه الإفلاس الأخلاقي، فبعض الواوية لا يتوانون عن تقديم المشورة لأحد الممونين الرئيسيين لعمليات الاعتصام وغموض مطالبها، وآخر لا يتردد من جعل آل سعود عقل الأمة وقادة تفكيرها الصحيح، ولا يتردد بعضهم من السعي لتشكيل تكتل ثقافي مائدته ديمقراطية وكرسيه مصنوع من توجهات بعثية بدهن ماركسي يقف على تشغيله واوي لم يزل قيد التصنيف.
جماعة الواوية قد يواجهون محاكمة قانونية فقد سدروا في غيهم غير آبهين بصرخات سوف تنزع عن وجوههم الأقنعة.