الختان هو قطع (البظر) أو جزء منه من الجهاز التناسلي للمرأة، وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى قطع جزء من الشفرتين. وقد رفض الطب عملية الختان، لأنه يحرم المرأة من اللذة الجنسية ويؤدي في بعض الحالات إلى نزيف حاد أو احتقان في البول وصعوبات وآلام بالغة في الولادة.
لكن هذا لم يمنع من استمرار عملية الختان في أجزاء من العراق. ففي إقليم كردستان يطلق الأهالي على عملية الختان \”سُنّتْ\” والتي تعني السنة في الدين الإسلامي، إلا أن معتنقي الديانات الأخرى في الإقليم كانوا يقومون أيضا بهذه العملية، كمعتنقي الديانة الأيزيدية ولكنهم، حسب المصادر، قد تركوا هذه العادة منذ ما يقارب نصف قرن. أما معتنقي الديانة المندائية أي الصابئة، فهم لا يقومون بعمليات الختان لبناتهم.
منظمة اليونيسيف وفي تقرير جديد لها أعلنت عنه أمس الثلاثاء، كشفت عن تعرض 8 بالمائة من نساء العراق في الفئة العمرية من 15 – 49 سنة، إلى شكل من أشكال تشويه وبتر الأعضاء التناسلية الأنثوية عندما كنّ فتيات صغيرات، منبهة إلى أن النساء اللاتي تعرضن للختان يقطن في الغالب في محافظات إقليم كردستان.
بيد أن التقرير اعترف أن الفتيات في الوقت الحاضر أقل عرضة مما كان عليه الوضع قبل 30 عاما.
وجاء في التقرير الذي أطلعت عليه \”العالم الجديد\” أمس \”وفقاً لبيانات حديثة للأمم المتحدة، تقطن الغالبية العظمى من النساء اللواتي تعرضن إلى بتر أو تشويه أعضائهن التناسلية، في محافظات أربيل والسليمانية وكركوك\”.
ووفقاً لتقرير اليونيسيف الجديد، فإن \”أغلب الأشخاص الذين يعيشون في معظم البلدان التي يتركز فيها ختان الإناث اليوم يعارضون هذه الممارسة الضارة. وعلى الرغم من هذه المعارضة، تعيش اليوم أكثر من 125 مليون فتاة وامرأة تعرضن للختان وهناك 30 مليون فتاة ما زلن معرضات لخطر الختان في العقد المقبل\”.
وأضاف البيان \”تبين مسوح أجريت في 29 بلداً في أفريقيا والشرق الأوسط حيث ما زال ختان الإناث مستمراً أن الفتيات الآن أقل عرضة للختان مما كان عليه الوضع قبل نحو 30 عاماً وأن دعم هذه الممارسة آخذ في الانخفاض، حتى في البلدان التي لا يزال الختان منتشراً فيها بشكل تام تقريباً، مثل مصر والسودان\”.
وأشار التقرير الذي حمل عنوان \”ختان الإناث تشويه أو بتر الأعضاء التناسلية الأنثوية\” إلى انه \”لا تزال ملايين الفتيات معرضات لمخاطر كبيرة\”.
وكانت اليونيسيف ذكرت في مسح مشابه لها العام الماضي، أن \”النساء اللاتي أعمارهن ما بين 15 – 49 سنة في إقليم كردستان يرضين بالختان بنسبة 11% وان انتشار الختان بين النساء في الإقليم للأعمار 15– 49 سنة هي بنسبة 43% وفي باقي مناطق العراق تصل النسبة إلى 1%\”.
ويلفت التقرير إلى \”الفجوة بين وجهات النظر الشخصية للأشخاص حول ختان الإناث والإحساس الراسخ بالالتزام الاجتماعي الذي يذكي استمراره، والذي يتفاقم بسبب عدم وجود نقاش صريح حول هذه القضية الحساسة والخاصة\”.
ويعدّ تقرير ختان الإناث هو أشمل تحليل للبيانات بشأن هذه القضية حتى الآن، على المستوى العالمي.
ويبلغ عدد الدول التي تناولها التقرير 29 دولة ضمنها 5 دول عربية \”العراق، مصر، والصومال، السودان، اليمن\”.
من جهتها، قالت راو غوبتا، نائب المدير التنفيذي لليونيسيف، بحسب التقرير، إن\”ختان الإناث هو انتهاك لحقوق الفتيات في الصحة والرفاء وتقرير المصير\”.
ويتضح من هذا التقرير هو أن \”التشريعات وحدها لا تكفي، حيث يتمثل التحدي الآن في السماح للفتيات والنساء والفتيان والرجال بالتحدث بشكل علني وبصراحة ووضوح وإعلان أنهم يريدون التخلي عن هذه الممارسة الضارة\”.
ومن خلال نتائج المسوح، يخلص تقرير اليونيسيف إلى \”أن معارضة هذه الممارسة لا تقتصر على أغلبية الفتيات والنساء فحسب، بل إن عدداً كبيراً من الرجال والفتيان يعارضون ختان الإناث أيضاً\”.
وفي ثلاثة بلدان هي تشاد وغينيا وسيراليون، هناك رجال أكثر من النساء يرغبون في القضاء على هذه الممارسة. ومن حيث الاتجاهات، ينبه التقرير إلى أنه \”في أكثر من نصف الدول البالغ عددها 29 بلداً والتي يتركز فيها ختان الإناث، تعتبر الفتيات اليوم أقل عرضة للختان من أمهاتهن. وتقل احتمالات تعرض الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و19 عاماً للختان بـ3 مرات عن النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 45 و49 عاماً في كينيا وجمهورية تنزانيا المتحدة. وقد انخفض معدل انتشار الممارسة بما يقرب من النصف بين الفتيات المراهقات في بنين وجمهورية أفريقيا الوسطى والعراق وليبيريا ونيجيريا\”.
ومضى تقرير المنظمة الدولية إلى القول \”في حين أن ختان الإناث قد تم التخلي عنه تقريباً في جماعات وبلدان معينة، فإنه لا يزال راسخاً في جماعات وبلدان عديدة أخرى، على الرغم من المخاطر الصحية التي يمثلها الختان بالنسبة للفتيات وحتى عندما يكون هناك تشريع ضده وجهود تبذلها الحكومات والمنظمات غير الحكومية لإقناع المجتمعات المحلية بوقفه\”.
غير ان التقرير استدرك قائلا \”في الصومال وغينيا وجيبوتي ومصر، يظل ختان الإناث منتشراً بشكل كامل تقريباً، حيث أن أكثر من 9 من أصل 10 نساء وفتيات تتراوح أعمارهن بين 15 – 49 عاماً قد تعرضن للختان، كما لم يحدث أي انخفاض ملحوظ في انتشار الختان في بلدان مثل تشاد أو غامبيا أو مالي أو السنغال أو السودان أو اليمن\”.
وكانت منظمة وادي الألمانية، الناشطة في إقليم كردستان، والتي تهتم بحقوق الإنسان والأسرة، ذكرت في حديث مع إذاعة هولندا العالمية العام الماضي، \”نعمل منذ 18 سنة في كردستان العراق ولدينا العديد من الفرق التي قامت بزيارة 335 قرية والتقت فيها بـ10608 أنثى. ومن مجموع تلك القرى وجدنا أن نساء منطقة كرميان في ديالى، منطقة رانية على الحدود الإيرانية- العراقية واربيل والسليمانية هن الأكثر تعرضا لعملية الختان. فقد أشارت نتائج البحث الذي قمنا به إلى أن نسبة 67% من إناث هذه القرى تعرضن لعملية الختان، أي ما يعادل 8171 أنثى. كما تتعرض الإناث في المدن أيضا لهذه العملية وليس في القرى وحدها.\”
وأوصى التقرير بـ\”عرض الممارسة لمزيد من النقاش العام، لكشف التصور الخاطئ بأن الجميع يوافق على هذه الممارسة\”.
كما نبه التقرير إلى \”الدور الذي يمكن أن يلعبه التعليم في تحقيق المزيد من التغييرات الاجتماعية، وإلى أن رفع مستويات التعليم بين الأمهات سيقابله انخفاض في مخاطر ختان بناتهن وأنه أثناء وجود الفتيات في المدرسة، فإنهن قد يقمن علاقات مع آخرين يعارضون ختان الإناث\”.
وعزا مراد خان منسق مشاريع المنظمة الألمانية، هذه الظاهرة إلى أسباب دينية من جهة والى التقاليد المتوارثة في المجتمع من جهة أخرى. وفقا للبحث الذي أجرته المنظمة فان \”معظم من يخضع بناته لعملية الختان يعتقد أن الدين الإسلامي ألزم المرأة بالختان.\”.
وأشارت بعض المستشفيات في الإقليم إلى تلقي حالات مماثلة ولإناث صغيرات في السن بين7 و8 من العمر يعانين من تلك الحالات. إضافة إلى الضغط النفسي الذي قد تتعرض له المرأة جراء الختان.
وأفادت مصادر إلى رغبة بعض الإناث في الختان وهم في عمر الـ18 عشر عاما لأسباب اجتماعية تتعلق بنبذ الزوج لهن أو المجتمع لعدم تعرضهن لعملية الختان. ففي بعض القرى من كردستان العراق، يتم \”رفض الأكل والشرب من أيدي امرأة غير مختونة.\”
كما ذكرت تقارير سابقة، أن الآلاف من العراقيين عربا وأكرادا يقصدون العراق سنويا لختان بناتهم، لأن الدول الأوروبية لا تسمح بذلك.
وتنص المادة 412 من قانون العقوبات العراقي لسنة 1969على أن \”من اعتدى عمداً على احد بالجرح أو الضرب أو العنف أو بإعطاء مادة ضارة أو ارتكاب أي فعل آخر مخالف للقانون قاصداً إحداث عاهة مستديمة به، يعاقب مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة .وتتوفر العاهة المستديمة به إذا نشأ عن الفعل انفصال عضو من أعضاء الجسم أو بتر جزء منه وفقد منفعته أو نقصه أو جنون أو عاهة أو تعطيل الحواس تعطيلاً كلياً أو جزئياً بصورة دائمة أو تشويه جسم لا يرجى زواله فتكون العقوبة بالسجن لمدة لا تزيد عن سبع سنوات.\”
وحسب قول فلاح مراد خان، منسق المشاريع لمنظمة وادي الألمانية في العراق، إن \”تطبيق هذه المادة لن يكون له تأثير كبير لأن اغلب الناس عينات البحث يعتبرون الختان واجب ديني\”.