التغيّر في سلوك حشرة القراد، تسبب بقرع جرس الإنذار في العراق، بعد أن أدى لانتشار الحمى النزفية، لاسيما أن الحالات سجلت في الشتاء وليس الصيف، وفقا لمسؤولين في وزارة الصحة، وفيما توقعوا ارتفاع الإصابات، أكدوا أن عوامل أخرى ساهمت برفع الإصابات مثل دفن المتوفين دون أخذ الاحتياطات، وسط دعواتهم للمواطنين، إلى الالتزام بالإجراءات الوقائية.
ويقول مدير قسم الصحة العامة في ذي قار الدكتور حسين رياض، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المحافظة تتصدر قائمة المصابين بالحمّى النزفية منذ عامين وليس الآن فحسب، وعلى الرغم من أن هذا المرض ينتشر صيفا، إلا أن ذي قار سجلت أول حالة في شهر كانون الثاني يناير من السنة الحالية، وهي حالة استثنائية، فتسجيل إصابة في فصل الشتاء يعتبر مشكلة”.
وعن كيفية انتشار المرض، يضيف رياض، أن “المرض ينتقل عبر الحيوانات، ووفقا للمعطيات الموجودة فإن هناك تغيّرا في سلوك حشرة القراد أو الكائن الحي الذي ينقل هذا المرض للحيوان والإنسان على حد سواء إذ أن هناك سرعة وزيادة في الإصابات، إذ تم تسجيل 29 حالة في ذي قار و6 حالات وفيات، ومن المتوقع أن تكون هنالك زيادة ملحوظة”، لافتاً إلى أن “الكثير من الإحصائيات تؤشر أن ربات البيوت تتصدر ضحايا الإصابة، على اعتبار أن النساء يتعاملن مع اللحوم الطازجة والدماء الطازجة التي من الممكن أن تنقل الفيروس بسرعة، ومن بعد ربات البيوت يأتي القصابون، ثم البقية”.
ويشير إلى أن “من أهم الأسباب التي تؤدي إلى زيادة أعداد الإصابات بهذا المرض هي عدم تغطية المناطق التي تسجل بها الحالات من قبل دائرة الزراعة بمكافحة الحشرات، لكون هذه الجهات مسؤولة عن رش المناطق التي تحتوي الحيوانات الناقلة للمرض، كما أنها المسؤولة عن رش الحظائر التي تتواجد بها هذه الحيوانات كما أن البلدية أو دوائر الحكومة المحلية الأخرى مسؤولة عن توفير مجازر صحيّة وسليمة وفق المعايير الطبية، وهذا غير متوفر في ذي قار”.
وفي الحديث عن الأسباب أيضاً، يؤشر رياض “عدم منع انتقال الحيوانات الموجودة في المناطق التي سجلت فيها حالات إصابات إلى المناطق الأخرى السليمة، وكذلك حالات الجزر العشوائي التي تحدث في المدن في الشوارع وعلى الأرصفة ومخلفات هذا الجزر، تنتقل إلى المجاري ثم إلى الأنهر التي تصبح مصدرا لمياه الشرب في ما بعد، علما أن المرض ينتقل من سوائل الحيوان إلى الإنسان مباشرة”.
وعن دور دوائر الصحة في ذي قار، يؤكد أن “الرصد الوبائي لصحة ذي قار يعمل بدقة عالية، بحيث تم الاشتباه بمجموعة حالات تبين أن جميعها حمى نزفية وهذا يدل على أن الأخصائيين يعملون بدقة وطاقة أكبر من بقية المحافظات، ونحن على ثقة بعمل الفرق الطبية، أما الإجراءات الوقائية المسؤولة عنها دائرة صحة ذي قار/ قسم الصحة العامة هي تغطية المنازل والمنازل المجاورة لحالة الإصابة المسجلة بالتعفير”، مؤشرا أن هناك “سوء تعامل مع الجثث التي توفاها الله بسبب هذا المرض، فالجثث يجب أن تؤخذ بحقيبة وتنقل بسيارات إسعاف وتدفن في المقابر بالطريقة التقليدية تحت إشراف طبي بحت، لكن ليس كل الإجراءات تتم بالشكل المطلوب”.
وكانت وزارة الصحة، أعلنت أمس الاثنين، وفاة 10 مواطنين بعد تسجيل 67 إصابة بمرض الحمى النزفية خلال العام الحالي، فيما بينت أن ذي قار تصدرت المحافظات بعدد الإصابات والوفيات تليها البصرة والمثنى والنجف.
يذكر أن وزارة الزراعة، في 30 نيسان أبريل الماضي، قررت تشكيل فرق بيطرية في المحافظات كافة عدا إقليم كردستان، لرش الأبقار والجاموس وتغطيس الأغنام والماعز، وتبليغ جميع المحافظات والجهات الأمنية والبلديات بمنع ظاهرة الجزر العشوائي وفق المادة 22 لسنة 1972 والمادة 105 لسنة 1989 الخاصتين بذبح الحيوانات.
وشهد البلد العام الماضي، ارتفاعا كبيرا بإصابات الحمى النزفية شملت أغلب المحافظات، وسجلت وزارة الصحة قرابة 300 إصابة في حينها.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن انتقال حمى القرم-الكونغو النزفية إلى البشر يحدث “إما عن طريق لدغات القراد أو بملامسة دم أو أنسجة الحيوانات المصابة خلال الذبح أو بعده مباشرة”.
من جانبها، توصي ربى فلاح، من إعلام وزارة الصحة خلال حديث لـ”العالم الجديد”، المواطنين بـ”الالتزام بالإجراءات الوقائية وخاصة في ما يتعلق بالقصابين أو ممن يتعاملون مع الحيوانات، لأنها قد تكون مصابة، وبالتالي سوف تنتقل العدوى من الحيوان إلى الإنسان ومنه إلى إنسان آخر، ولذلك من المهم جدا ارتداء القفازات خلال التعامل مع لحوم الحيوانات”.
وتؤكد فلاح أن “المؤسسات الصحية قادرة على استيعاب أعداد الإصابات أيا كانت، فضلا عن أن الفرق الصحية مازالت مستمرة في توعية المواطنين”، مشددة على أن “دور الإعلام مهم في الوقت الحالي من خلال نشر التوعية وطرق الوقاية من هذا المرض من خلال القنوات الفضائية وبقية الوسائل، ففي حالة التزام المواطن بهذه الإجراءات الوقائية فبالتأكيد سوف يقلل من أعداد الإصابات وبالتالي نتمكن من السيطرة على المرض ونمنع انتشاره”.
وكانت وزارة الداخلية أطلقت العام الماضي، حملات لإزالة حظائر تربية الحيوانات داخل الأحياء السكنية ببغداد، كونها تشكل خطرا بيئيا وصحيا في ظل وجود فيروس الحمى النزفية.
جدير بالذكر، أن ظاهرة الرعي العشوائي للأغنام والأبقار، تنتشر بشكل واسع في بغداد والمحافظات الجنوبية، وغالبا ما تكون في المناطق السكنية، كما أن عمليات الذبح غالبا ما تكون في الطرقات والمنازل، وليس في مجازر خاصة ووفق الشروط الصحية.
يذكر أن مسؤولا في محافظة بغداد كشف سابقا لـ”العالم الجديد” أن “المجازر المعروفة في العاصمة هي 3 في مناطق الدورة والشعلة والكرخ، وهي صغيرة جدا وتحتاج إلى إعادة تأهيل، وعمليا لا توجد مجزرة نظامية لغرض دفع الجزارين إليها ومنعهم من الجزر العشوائي”.