ما زال تنظيم داعش ينتهز فرص التوتر الأمني والسياسي للعبث بأمن محافظة كركوك والمناطق المحاذية، لكن بالمقابل ينفذ جهاز مكافحة الإرهاب عمليات استباقية عبر إنزالات يضرب بها تلك الخلايا، كان أحدها الاشتباك الذي جرى أمس الثلاثاء، وانتهى بقتل عناصر من داعش.
وأكد خبراء أمنيون أن اشتباك جهاز مكافحة الإرهاب مع عناصر لتنظيم داعش أمس، في كركوك، كان ضمن نشاطات استباقية يجريها الجهاز لكبح جماح التنظيم في المحافظة التي تحوي عددا من الخلايا والمضافات التي تنتظر فرصة أو ثغرة أمنية لانتهازها، وفيما أشاروا إلى أن الإنزال الذي نفذه منتسبو الجهاز ساهم بقتل عناصر بارزين من داعش، حددوا أهم المناطق التي ينشط فيها عناصر التنظيم شمالي البلاد.
ويقول الخبير في الشأن الأمني فاضل أبو رغيف، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “تنظيم داعش الإرهابي ينشط في ثلاث مناطق رئيسية، وهي المنطقة المحصورة ما بين كركوك وصلاح الدين، وهي عبارة عن وادي زغيتون ووادي أم الخناجر ووادي الشاي ومرتفعات مامة، كما ينشط أيضا في مرتفعات الشيخ يونس ومرتفعات بادوش في نينوى، وكذلك في مناطق جنوب شرق كركوك مثل الحويجة والرياض وغيرها، والتنظيم ما زال فاعلاً بمناطق كركوك بصورة عامة”.
ويضيف أبو رغيف، أن “تنظيم داعش الإرهابي ذو طبيعة انتهازية استغلالية، يستثمر ويستغل أي فرصة تجعله يستطيع تنفيذ عملياته الإرهابية من خلال العبوات الناسفة أو السيارات المفخخة أو من خلال شن بعض التعرضات بالأسلحة المختلفة”.
ويتابع الخبير في الشأن الأمني، أن “الجهد الاستخباراتي والمعلوماتي والفني، يعمل بجهد كبير جداً، والاشتباك الحاصل ما بين جهاز مكافحة الإرهاب وعناصر من تنظيم داعش الإرهابي، هو أمر معتاد، لكن جهاز مكافحة الإرهاب بدأ بضرب تلك المفاصل وفق معلومات استخباراتية، من أجل قتل عناصر التنظيم البارزين”.
وأكدت خلية الإعلام الأمني، أمس الثلاثاء، أن اشتباكات مستمرة لجهاز مكافحة الإرهاب مع تنظيم داعش أسفرت عن قتل 3 إرهابيين في محافظة كركوك، مشيرة إلى أن هذه الاشتباكات جرت بعد ورود معلومات استخبارية دقيقة عن تواجد عناصر داعش في قاطع حمرين، فيما لفتت إلى أن هذه المجموعة اشتركت في العديد من الأعمال الإجرامية ومنها الاعتداء على عناصر من الشرطة الاتحادية، وغيرها من العمليات التي أرهبت المواطنين في تلك المناطق.
وتنشط خلايا نائمة لداعش في كركوك وصلاح الدين، وفي آب أغسطس الماضي وقعت نخبة من القوات القتالية في العراق وفرنسا في مصيدة لداعش بمنطقة “العيث” شرقي صلاح الدين، إذ وصف مصدر عسكري بحسب تقرير لـ”العالم الجديد”، خطة الإنزال التي نفذتها تلك القوات بـ”المكشوفة”، مؤكدا أن هناك خسائر في صفوف القوات العراقية جرى التكتم عليها، في وقت عد خبير أمني ما حصل “انتكاسة” للعمل الاستخباري.
من جهته، يذكر الخبير في الشأن العسكري سرمد البياتي، خلال حديث “العالم الجديد”، أن “الاشتباك بين جهاز مكافحة الإرهاب وعناصر من تنظيم داعش الإرهابي، حصل بعد إجراء الجهاز عملية إنزال على مضافة للتنظيم الإرهابي”.
ويبين البياتي انه “خلال هذه العملية تم قتل ما يقارب ثلاثة من عناصر تنظيم داعش الإرهابي البارزين واحدهم فجر نفسه، وهذا العمل ضمن النشاطات المستمرة لجهاز مكافحة الإرهاب، والتي يقوم بها ضمن معلومات استخباراتية دقيقة جداً، وهذا النشاط مستمر من أجل القضاء على كل خلايا وجيوب الإرهاب في تلك المناطق”.
ويضيف: “من المؤكد أن تنظيم داعش الإرهابي، يستغل أي حدث أمني أو سياسي في العراق من أجل إيجاد أي ثغرة لتحرك خلاياه الإرهابية لشن بعض العمليات ضد القطعات العسكرية أو المدنيين، لذلك فإن القوات الأمنية في حالة تأهب واستعداد دائم لمواجهة أي طارئ بمختلف قواطع العمليات”.
وتشهد كركوك والمناطق الشمالية الأخرى توترات أمنية، إذ اندلعت، الأحد الماضي، اشتباكات مسلحة بين قوات البيشمركة والجيش العراقي في جبل قرجوغ في مخمور، الفاصل بين أربيل ونينوى، يعتقد أنها بسبب خلاف على مسك نقاط أمنية سبق وأن انسحب منها عناصر حزب العمال الكردستاني.
ولاحقا، شكل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لجنة عالية المستوى للتحقيق في ملابسات حادث قاطع مخمور، وبحسب الناطق باسم القائد العام اللواء يحيى رسول فإن الحادث أدى إلى وقوع 3 ضحايا وإصابة سبعة آخرين من الطرفين بالقرب من إحدى النقاط الأمنية، وبناء على ذلك وجه رئيس الوزراء بتشكيل اللجنة للتحقيق في ملابسات الحادث ومعرفة حيثياته، وما نتج عنه من تضحيات.
وتأججت الأوضاع الأمنية في كركوك بداية أيلول سبتمبر الماضي، وهو موعد تسليم مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي غادر المدينة منذ 2017 بعد إجراء الإقليم استفتاء الاستقلال، الذي أعقبه خلاف مع بغداد، أعيد على إثره نشر القوات الاتحادية في المحافظة المتنازع عليها، ليغادر الحزب الديمقراطي المدينة منذ ذلك الحين.
بالمقابل، يرى الباحث في الشأن السياسي والأمني أحمد الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تنظيم داعش الإرهابي يعمل على استغلال أي خلافات سياسية واي ثغرات أمنية من أجل تحريك خلاياه النائمة، والتي مازالت تتواجد في مناطق كثيرة في كركوك ومناطق الحدودية مع الإقليم”.
ويضيف الشريفي، أن “تنظيم داعش الإرهابي، مازال يشكل تهديدا لأمن واستقرار الكثير من القرى والمناطق، خصوصاً الشمالية ولهذا يجب الحذر من أي تراخٍ في القطعات الأمنية والعسكرية، بل يجب أن تكون كل تلك القطعات في حال الاستعداد لأي طارئ، لمنع أي ثغرات قد يستغلها الدواعش”.
ويعتقد أن “الوضع الأمني له علاقة وارتباط بالوضع السياسي، وأي حالة للاستقرار السياسي، ستكون عاملا إيجابيا في دعم الاستقرار الأمني، ولهذا أي خلافات سياسية أو خلافات ما بين بغداد وأربيل، قد تستغل من قبل الدواعش لشن أعمال إرهابية”.
وتعد كركوك أهم المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، وكانت القوات الاتحادية أعادت في 16 تشرين الأول أكتوبر عام 2017، الانتشار في المحافظة وباقي الأراضي المتنازع عليها التي كانت تحت سيطرة قوات البيشمركة إبان حكومة حيدر العبادي، ليغادر الحزب الديمقراطي مقراته الـ33 بشكلٍ نهائي، لكنه يسعى الآن للعودة بناء على اتفاق سياسي، على الرغم من أنه يواجه رفضا حادا من المكونات الأخرى في المحافظة.