ترى كاثلين كافانو (Kathleen Cavanaugh) المحاضرة بالقانون الدولي في كلية الحقوق بجامعة أكسفورد البريطانية العريقة، إن زعيم التيار الصدري مقتدى سيكون \”المنافس الأفضل\” لمواجهة رئيس الوزراء نوري المالكي في انتخابات العام 2014، بعد أن \”أعاد تنظيم ملفه الشخصي من زعيم عسكري إلى سياسي\”، ما يضع طموحات المالكي في وضع \”غير مؤمّن\”، لذا هو يفكر بـ\”إعداد ابنه لخلافته\”.
ونشرت كافانو جزءاً من كتاب ألفته بالمشاركة مع \”جوشوا كاستيللينو\” تحت عنوان \”حقوق الأقليات في الشرق الأوسط 2013\”، وجدت فيه أن في العراق \”بعد 10 أعوام من الغزو، مجتمعا ونظاما سياسيا منقسم ومصاب بالرضوض\”، وذكرت أن \”المالكي قوّض المؤسسات المستقلة التي تم إنشاؤها حديثا، وضمها تحت سيطرته المباشرة\”.
كافانو، وهي تعمل أيضا في المركز الأيرلندي لحقوق الإنسان (ICHR) التابع لجامعة ايرلندا الوطنية، انتقدت النظام القضائي في العراق \”السلطة القضائية العراقية، تتردد في قبول أي شيء آخر غير الأدلة المستندة إلى كرسي الاعتراف، وهذا يضمن أن ممارسة التعذيب وسوء المعاملة في الاحتجاز ستبقى راسخة الجذور\”.
واستلهمت التدريسية عنوان بحثها الذي ترجمته \”العالم الجديد\”، من عنوان قصيدة \”كنت مسرعة\” لدنيا ميخائيل الشاعرة العراقية المغتربة في أميركا، فوضعت الباحثة مطلع نص ميخائيل \”البارحة أضعت بلدا\” عنوانا لبحثها، كما تشير في المقدمة.
وتقول كافافي انه مما لا شك فيه ان \”الخوف من التعصب المذهبي، قد حدد شكل الحركات الاحتجاجية في العراق – وكذلك إقليميا في الواقع -، فتجذر الهوية السياسية للمنطقة وضعها في إطار جاهز ضمن هذه الانقسامات\”، منبهة الى ان \”الذكرى العاشرة لغزو العراق جذبت اهتماما دوليا قليلا نسبيا، بالرغم من ذلك فان بقاياه (الغزو) ما زالت منسوجة في جغرافيا العنف التي تخترق المجالات القانونية والسياسية والاجتماعية في البلاد\”.
وتجد أن \”المالكي سياسيا، استغل السنوات السبع الماضية لتوطيد قوته، في الفترة التي قضاها بالمنصب، وخدمته مهاراته الإستراتيجية في نشر موارد الدولة لتدعيم الولاء والالتفاف على المعارضة السياسية، وقوض المؤسسات المستقلة التي تم إنشاؤها حديثا وضمها تحت سيطرته المباشرة\”.
وتابعت أن \”المالكي على الرغم من أنه أعلن عدم ترشيح نفسه لفترة ولاية أخرى، كالزعيم الكردي مسعود بارزاني، لكنه يبدو أنه يعد ابنه للخلافة من بعده\”، منوهة بأن \”هناك تصدعات في قاعدة قوة المالكي، رغم الدعم الشعبي الكبير في استطلاعات الرأي، والتحديات السياسية لحكمه الاستبدادي المتزايد وسياسة حكم مركزي محوره بغداد، وسياساته آخذة في النمو\”.
وتفسر تلك التصدعات بأنه \”في الانتخابات المحلية (مجالس المحافظات) التي جرت في وقت سابق (نيسان الماضي)، حصلت قائمة المالكي، ائتلاف دولة القانون على 97 مقعدا فقط من أصل 378 مقعدا، بينما حصل اثنان من منافسيه الشيعة، المجلس الأعلى الإسلامي العراقي برئاسة عمار الحكيم، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر على 124 مقعدا\”.
وتبين أن \”المالكي لم يتمكن من تشكيل حكومات محلية رئيسة في المحافظات، فيما ذهب منافساه (الحكيم والصدر) إلى تشكيل حكومات ائتلافية محلية في بغداد وعدة محافظات جنوبية بعد التوصل إلى اتفاقات مع قوائم سنية وكتل يمثلون خليطا من العلمانيين والأقليات حصلت على ما تبقى من الـ(378 مقعدا)\”، مستدركة \”هذا التحول في السلطة على المستوى المحلي يشير إلى أن نظام نوري المالكي غير مؤمّن في الفترة التي تسبق الانتخابات العامة العام 2014\”.
وتلفت بما يخص السلطة القضائية وحقوق الانسان، الى انه \”على الرغم من مفاهيم المساواة والحقوق المضمنة في الدستور المكتوب العام 2005، وانضمام العراق إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب العام 2011، لا تزال هناك انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك اعتقال واحتجاز الأشخاص لفترات طويلة دون توجيه اتهامات، ودون الحصول على المشورة القانونية، [وكذلك] سوء المعاملة والتعذيب الذي يمارس ضد السجناء والمعتقلين\”.
وتفيد \”على الرغم من الاستثمارات الضخمة من الاتحاد الأوروبي و(الأمم المتحدة) لتدريب الشرطة بجمع الأدلة الجنائية، فان السلطة القضائية تتردد في قبول أي شيء آخر غير الأدلة المستندة إلى كرسي الاعتراف، وهذا يضمن أن ممارسة التعذيب وسوء المعاملة في الاحتجاز، ستبقى راسخة الجذور\”.
وتنبه إلى انه \”منذ انسحاب الولايات المتحدة العام 2011، والمجتمع المدني العراقي يعاني من أزمة تلو الأزمة، فالاقتصاد العراقي والبنى التحتية وخاصة في المناطق الريفية ضعيف\”، معقبة بأن \”احتمال تحقيق الازدهار الاقتصادي، عرضة لمخاطرة كبيرة، تنجم أساسا عن القيود على المؤسسات والقدرات، وتقلب أسعار النفط، والتأخير في تطوير البنية التحتية للصناعة البترولية، والوضع السياسي والأمني الهش للغاية\”.
وتلمح إلى أن \”العنف الطائفي الذي أعقب غزو العراق العام 2003 بدأ ينحسر في العام 2008، لكن الضغوط الداخلية (الموارد والأمن والتناحر السياسي) والخارجية (سوريا)، قد أدت ببعض المعلقين للتخوف علنا من العودة إلى النزاع الأهلي في العراق\”.
وتتساءل بالاستناد إلى \”هذه الأدلة: بعد عشر سنوات من غزو العراق، ماذا تبقى في البلد؟\” وتجيب \”هو ليس الافتقار للديمقراطية وحسب بل هنالك مجتمع ونظام سياسي منقسم ومصاب بالرضوض\”.
وتردف أن \”التغيير بات ضروريا لمنع صراعات أخرى وأعمق في العراق\”، وتعود إلى دائرة السؤال \”من القادر على إقامة مجتمع سياسي يسمو على الخريطة السياسية المقسمة عرقيا في العراق؟\”.
وفي إجابة عن سؤالها تبدي اعتقادها بأن \”الصدر يبدو المنافس الأفضل، بعد أن أعاد تشكيل ملفه الشخصي من زعيم عسكري إلى سياسي\”.
وتخلص إلى انه \”مهما كانت القيادة التي ستنبثق في 2014، فان إسقاط الآثار المتخلفة عن الماضي وتخيل مجتمع سياسي يقاوم ويبطل سياسات التعصب المذهبي والعرقي، في الممارسة والخطاب، لن تكون بالمهمة اليسيرة\”، موضحة انه \”حتى الآن هذا البلد (خسر) الطريق إلى الحرب، وهذه هي الخطوات الأولى الحاسمة على الطريق لإيجاد ما تسميه الشاعرة العراقية دنيا ميخائيل بـ(الوطن)\”.
المصدر: OUP blog)Oxford university press)