بالصور.. المتظاهرون العراقيون… أبطال خارقون بعيون الفتيات

هرقل، البطل الإغريقي الخارق، إمبراطور الإمبراطورية البيزنطية الذي قادها بعد ثورة شعبية ناجحة، يعاود نفسه…

هرقل، البطل الإغريقي الخارق، إمبراطور الإمبراطورية البيزنطية الذي قادها بعد ثورة شعبية ناجحة، يعاود نفسه في العراق، بعدد مؤلف من الشباب، والرجال، والفتيات، ثائرين، لاستعادة وطنهم، بمواجهة الموت الأشد فضاعه، حسب وصف المنظمات الدولية منها “منظمة العفو”.

وظهر هرقل بعين معصوبة بعد اختراقها بقنبلة غاز مسيل للدموع، ويد مفتولة العضلات تحمل جرح الوطن، في جدارية ملونة بالأمل، جسدتها الفتيات الرسامات، لواقع حال المتظاهرين في العاصمة بغداد، ومحافظات الوسط، والجنوب العراقي.

أبطال خارقون آخرون أشرقت وجوههم تعبيرا لصمود المتظاهرين العراقيين، لأخذ كامل حقوقهم، في نفق ساحة التحرير، وسط العاصمة بغداد، بعد هرقل، وسبايدر مان، من مارفل إلى غرندايز حامي كوكب الأرض، بطل مغامرات الفضاء، في سلسلة كارتون ياباني يعود إلى سبعينيات القرن الماضي شهده ما عليهم “جيل الطيبين” في العراق.

وثقت ندى محمد (25 عاما)، بذات يدها التي أسعفت الجرحى إثر الرصاص الحي، والأثار المميتة من قنابل الغاز التي أزهقت الكثير من أرواح المتظاهرين العراقيين، أحداث الثورة الشعبية وتصديها لكل أعمال القمع، بلوحة جدارية مستوحاة من أبطال مارفل الخارقون.

وتتسابق ندى وهي صيدلانية تعمل في إحدى مستشفيات العاصمة بغداد، مع الوقت يوميا لتسترق منه ما يتيح لها الذهاب إلى ساحة التحرير، وسط العاصمة بغداد، للعمل مع إحدى المفارز الطبية الطوعية التي تداوي المتظاهرين الجرحى، وتنقذ حياتهم، والرسم على جداران نفق كئيب، تحول إلى كرنفال من الفن والألوان الثائرة.

 وتحدثت ندى في تصريح لسبوتنيك، قائلة, “ما نمر به اليوم هو حدث لم يسبق، وأن سجل في التاريخ، لا أعرف كيف سينتهي الأمر أو من سيأتي بعدها ليحكم العراق، لكنني أذهب إلى التظاهرات في ساحة التحرير، بإستمرار، لأني وجدت وطناً لم أجده طوال ٢٥ سنة”.

وتضيف، كلما شعرت بالتعب، وأفكر بأخذ إستراحة، يتبادر بذهني عبارة وحدة فقط “إذا لم أقدم أقصى ما لدي الآن، متى إذن؟”.

وتروي ندى، بداية رحلتها، في ساحة التحرير، يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول، إذ توجهت على إنها متبرعة – متظاهرة، وقبل التاريخ لم تستطع الذهاب منذ انطلاق الثورة في 25 تشرين الأول/أكتوبر، بسبب عملها صيدلانية في طوارئ مستشفى بجانب الرصافة من بغداد، على مدار اليوم.

وقتها كانت المستشفى التي تعمل فيها ندى، مكتظة بالمتظاهرين الضحايا الذين كانوا يصابون ويقتلون بالرصاص الحي، وقنابل الغاز المسيل المخترقة للجماجم والعيون، تحديداً.

وتشير ندى وهي من مواليد شهر أبريل/نيسان عام 1995، إلى أن عملها كان ضمن إعلان المستشفى حالة الإنذار القصوى بسبب العدد الكبير من الجرحى، والضحايا في التظاهرات، برصاص، وقنابل قوات مكافحة الشغب، في الأيام الأولى للثورة الشعبية، في تشرين الأول / أكتوبر الماضي.

وتكمل ندى، بعد يومين أو ثلاثة من ذهابي للتحرير بدأت بالعمل في إحدى المفارز الطبية هناك لحاجتهم لكادر طبي في بعض الأماكن، بعد إستقرار المفرزة التي أعمل بها قررت أن أساعد بتزيين نفق التحرير، باللوحات.

وطرأت لندى مع صديقتها، فكرة عمل جميع الأحداث التي شهدتها ساحة التحرير، كقصة مصورة مثل قصص مارفل، وغيرها من الكومكس، معللتان “لأن شبابنا المتظاهرين اليوم، هم بالفعل أبطال حقيقيون”.

بدأنا بتنفيذ الفكرة، يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، واللوحة الآن اكتملت، بالإضافة إلى لوحتين جديدتين قيد التنفيذ.

وتسعى ندى الحاصلة على شهادة البكالوريوس في الصيدلية عام 2018، في الوقت الحالي، الموازنة بين عملها الصباحي في المستشفى، وفي الصيدلية، عصراً، حتى الساعة 11 ليلا، وعملها في التحرير لإسعاف الجرحى، والرسم بثورة فنية لم تشهدها البلاد من قبل.

ولا تجد ندى مثل العديد من الفتيات، والشباب، المتظاهرين، في بعض الأيام من الوقت إلا دقائق تفصل بين عملها الصباحي، والمسائي، لكنها تذهب إلى ساحة التحرير، ولو دقائق معدودة، للاطمئنان على أصدقائها هناك، والاستمتاع بمناظر الرسم في الهواء الطلق، والعزف، والأهازيج، فرحا بمستقبل أفضل، وحزنا على الضحايا الذين يتم تشييعهم في الساحة بعدما قتلوا فيها برصاص، وقنابل الأمن.

وتكشف ندى، قبل أيام عند ذهابها لسيارتها التي ركنتها في إحدى مرآب السيارات القريبة من ساحة التحرير، مع أصدقائها الرسامين للعودة إلى المنزل كان هنالك من يتتبعهم، وينتظرها بالقرب من سيارتي، ويقوم بتصويرهم، مع أرقام لوحة السيارة، مما دفعها إلى أخذ المزيد من الحيطة، والحذر، بسبب عمليات الاختطافات المستمرة التي تلاحق المتظاهرين، والمتظاهرات، متداركة, لكن ذلك لم يوقفنا، أو يمنعنا من الذهاب إلى التحرير، والاستمرار بعملنا”.

وتواظب ندى، على المشاركة في التظاهرات، يوميا، وتأخذ إجازات من عملها، كما تستغل أيام عطلة نهاية الأسبوع للذهاب إلى ساحة التحرير، يوميا.

استخدمت ندى، مع صديقتها “مرسلين”، أصباغ “بنتلايت” مائية، خاصة بطلاء الجدران، في تنفيذ الرسمية الجدارية في نفق التحرير، والتي أشترك فيها الكثير من المتظاهرين، منهم من حمل فرشاة ولون شخصا، وأخر وضع خطا، لتتكون بينهم صداقة جميلة.

وشارك الكثير من الفنانين، والهواة، من العاصمة بغداد، وعموم محافظات البلاد، في تنفيذ لوحات جدارية على جانب نفق التحرير، ومبنى المطعم التركي الذي أطلق عليه “جبل أحد” لملازمة المتظاهرين فيه دون انسحاب منذ بدء الثورة يوم الجمعة 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وحتى الآن، مع تلوين الأرصفة، مستعرضين مواهبهم في تغيير ملامح بلادهم التي استعادوها، من البؤس والإهمال، إلى السعادة، والجمال.

وتنوعت الرسومات في نفق التحرير، بعدد هائل من الجداريات، ما بين المخلدة لصور الضحايا، والمازجة بين التاريخ القديم، والحاضر بمستقبل يتوقع له المجد على يد الجيل الحالي المسمى “جيل البوبجي”، أو جيل الألفين الذي أبهر الجميع في تمرده على الفساد، والبطالة، والأحلام المحطمة منذ ولادتهم في سنوات ما بعد تغيير نظام صدام حسين.

ويواصل المتظاهرون في بغداد، ومحافظات وسط وجنوب العراق، مع انضمام المعتصمين، في المدن الشمالية، والغربية، احتجاجاتهم للشهر الثالث على التوالي تحت المطر، وموجة البرد، ورغم استقالة رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، مطالبين بحل البرلمان، ومحاكمة المتورطين بقتل المتظاهرين، وإجراء انتخابات مبكرة.

Image

Image

Image

إقرأ أيضا