مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية، وإجراء قرعة أرقام المرشحين والكيانات المشاركة فيها، سرعان ما بدأت حملات التسقيط لبعض المرشحين والكتل، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأبرز المحافظات التي بدأت فيها هذه العملية بشكل مبكر هي ذي قار، نظرا لتنافس الأحزاب التقليدية مع المرشحين المستقلين أو ما يعرف بـ”قوى تشرين”.
ما يجري من حملات، لعلها تدخل في باب المنافسة الانتخابية ومحاولة التأثير على رأي الناخب وقناعته بأي طريقة، لكن ما يجري، وفقا لمراقبين ومرشحين، بات مكشوفا للناخب، وخاصة المستقل، ولم يعد يتأثر بهذه الحملات، لأنه كوّن قناعة تامة بسبب التجارب الكثيرة التي مر بها.
يقول الناشط المدني في ذي قار، ناطق الخفاجي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “صفحات الفيسبوك في ذي قار، بدأت مبكرا بحملات التسقيط والمنافسة بين الشخصيات المرشحة للانتخابات، فهناك جهات متصدية للعمل في الحكومة المحلية، ومنهم من خارج هذه الدائرة الحكومية، والجميع يعمل على مدح التابعين لهم وذم المنافسين”.
ويوضح الخفاجي، أن “هذه الصفحات باتت تستخدم عناوين جاذبة ومثيرة، لكسب الجمهور، مثلا انتظروا السيرة الذاتية للمرشح، أو خفايا المرشح وغيرها من العناوين، وكل هذا لتحقيق هدفها، سواء الترويج أو التسقيط”.
ومن المفترض أن تجرى انتخابات مجالس المحافظات في 18 كانون الأول ديسمبر المقبل، وفقا للموعد الذي حدده رئيس الحكومة محمد شياع السوداني.
وقبل أيام، أجرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، القرعة الخاصة بأرقام المرشحين الفرديين والكيانات السياسية المشاركة بالانتخابات، وحصل كل مشارك على رقمه الخاص، وسرعان ما بدأت حملات الترويج بعد معرفة الارقام.
ومحافظة ذي قار، التي تتجاوز نفوسها المليونين و225 ألف نسمة يمثلها في مجلس المحافظة 31 عضوا وتضم أكثر من 20 وحدة إدارية، كما أنها لم تشهد في الانتخابات البرلمانية لعام 2021 أي دعاية انتخابية، سواء على صعيد الصور في الشوارع أو إقامة مؤتمرات بعد تهديدات المحتجين للأحزاب، وفي حينها لجأ المرشحون إلى مواقع التواصل الاجتماعي لشرح برامجهم الانتخابية واللقاء الإلكتروني مع بعض الناخبين.
وفي كل انتخابات، تحدث عمليات تسقيط كبيرة وواسعة، ولعل أبرزها انتخابات عام 2018، وفيها تم نشر فيديوهات مخلة للآداب لمرشحات عدة، فضلا عن تسريبات صوتية ووثائق ضد بعض المرشحين، ما أدى إلى الإطاحة بالمرشحين الذين استهدفوا.
إلى ذلك، يبين أحد مرشحي الانتخابات المحلية في ذي قار، أحمد الخفاجي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “لغة التسقيط أصبحت من الأعراف السائدة في المواسم الانتخابية، سواء بين الأحزاب أو الافراد، وهي عادة سيئة ترسخت بثقافة السياسة العراقية”.
ويضيف الخفاجي، أن “الاستهدافات بدأت مبكرا هذه المرة، عبر صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أغلبها صفحات وهمية، وهذا أمر متوقع لكل من يخوض السباق الانتخابي”، مبينا أن “أهم وسيلة لصد هذه الاستهدافات هي أن يكون المرشح صاحب سيرة ذاتية جيدة ومقبولة اجتماعية، لكي لا يفسح المجال لهذه الصفحات الوهمية بالتصيد بالماء العكر”.
ويؤكد المرشح، وهو منضوٍ في تحالف انتخابي، أن “تحالفنا سيخوض الانتخابات بـ36 مرشحا، وعمدنا إلى اختيار المرشحين بدقة عالية، حتى لا يكونوا عرضة للتصيد من قبل الجهات الأخرى”.
يشار إلى أن الدعاية الانتخابية في العراق، تنضوي على العديد من الفعاليات، منها وعود بالتعيين وتعبيد الطرق وإيصال الكهرباء للمناطق النائية، فضلا عن توجه بعض المرشحين للاستعانة بعشائرهم لضمان تصويت أفراد عشيرته له.
كما يجري استغلال موارد الدولة، بالنسبة للمسؤولين الذين يترشحون في أي انتخابات، وهذا الأمر لم تتمكن مفوضية الانتخابات من حله، وأكدت في تصريح سابق لـ”العالم الجديد”، أنها طالبت بمنح المسؤول المرشح لأي انتخابات إجازة أمدها 3 أشهر حتى لا يستغل موارد دائرته في دعايته الانتخابية لكن طلبها لم يتحقق.
من جانبه، يبين المحلل السياسي صلاح الموسوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الذباب الإلكتروني موجود في جميع المواسم الانتخابية، ويزداد مع اقتراب كل انتخابات، أما الوقت الراهن فلا يعتبر ذروة عمله”.
ويوضح أن “إجراء الانتخابات ما زال غير محسوما، فهناك حديث عن تأجيلها رغم إعلان ارقام المرشحين، خاصة مع عدم حسم محافظة كركوك، كما هناك أزمات سياسية مفتعلة، بالإضافة إلى تشظي الإطار التنسيقي ودخوله بأكثر من قائمة انتخابية، لذلك احتمالية التأجيل ما زالت موجودة”.
ويتابع أن “مستوى تأثر المواطن بعمليات التسقيط حاليا ضعيف جدا، نتيجة لمعرفته المسبقة بأنها عملية تصفية حسابات بين الخصوم، فضلا عن أن قرار مشاركة الناخبين في الانتخابات ضعيف، نظرا لعدم وجود أي تحسن خدمي وواقع سياسي مرتبك”.
يشار إلى أن “العالم الجديد”، كشفت في تقرير سابق، أن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات المحلية، ربما تكون الأقل في كل الانتخابات العراقية، بسبب عدم قناعة الناخب بالقوى السياسية، فضلا عن اعتماد الانتخابات لنظام “سانت ليغو”، وهو المرفوض شعبيا.
جدير بالذكر، أن تظاهرات كبيرة انطلقت في ذي قار، عندما صوت البرلمان على اعتماد نظام “سانت ليغو”، وأقدموا على حرق المباني الحكومية وغلق الطرقات.
وكانت مجالس المحافظات، حلت بقرار من مجلس النواب في تشرين الثاني نوفمبر 2019، وكلف أعضاء البرلمان بمهمة مراقبة عمل المحافظ ونائبيه في كل محافظة على حدة، وذلك استجابة للتظاهرات التي كانت منطلقة آنذاك.
وبعد تسنم رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، منصبه بدأ بخطوات إعادة مجالس المحافظات عبر الانتخابات، وذلك استجابة لقرار المحكمة الاتحادية التي أشرت أن الغاءها يتطلب تعديل الدستور، لذا يجب أن تجرى انتخاباتها، لاسيما وأن آخر انتخابات لمجالس المحافظات جرت في عام 2019.