صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

بدون ترشيح

غمرت بالفرح عندما قرأت ترشيح مجلس الوزراء العراقي، للبصرة كعاصمة للثقافة العربية لعام 2018، مبادرة مشكورة نقدرها، نظراً للمكانة التي تحتلها البصرة كمنتجة للثقافة ومبدعة عبر التأريخ حتى يومنا هذا، وكمحافظة تمتلك الكثير من الأمتيازات البحرية والنهرية والحدودية والنفطية، ما يعني إنها منتجة وولود للكثير من اقتصاديات العراق والثقافة العراقية والعربية والإنسانية، مسجلة حضورها حتى هذه الساعة والمستقبل، وبتحدي لكل من يريد تحييدها أو توجيهها وفق هواه الشخصي والأيديولوجي، لثقافة البصرة وتنوعها وفق مسميات يدعي أنها للجميع من أهلها.

بعد دقائق من قراءة الخبر المفرح، شعرت بالأسى على حال البصرة في الجانب الثقافي والخدمي، كيف نضيف الوفود ليروا شناشيل ابنة الجلبي المتهالكة، وكيف سنمر بهم الى أبي الخصيب الذي فقط طعمه ورائحته، كأننا ندخل الى المنطقة الصناعية لا الزراعية والتي تحولت الكثير من أراضيها الزراعية إلى بيوت وما تبقى إلى أرض بور، غير المناطق الزراعية الكثيرة في البصرة التي قسمت وبنيت كأراض من زراعية الى سكنية، والطامة الكبرى تمد لها الخدمات؟.

كيف سنتجول بهم على نهر العشار الذي تحول الى ساقية لمياهٍ آسنة وعفنة، والشناشيل التي تتباكى على من ينجدها من السقوط والغياب، رغم الحفاظ على بعضها ونسيان الكثير منها في منطقة البصرة القديمة والعشار.

أو الشوارع التي هي بحاجة ماسة وحقيقية الى الترميم والتعديل وأسواقنا التي باتت تحت حكم أصحاب المحلات التجارية والبسطات، والتي لا تمنح للبصري وضيوفه وزوار المدينة، غير ما يقارب ثلاثة أمتار للمواطن و(غصباً علينه وعلى البلدية) وما يليهما.

حقيقة مرة أخرى، البصرة التي احتوت دور السينما في فترة الستينات، ما يفوق العاصمة بغداد (الشتوية والصيفية) منها، أما المسارح والقاعات الفنية، فلها دمعة كبيرة، بعد جرح كبير، مسرح التربية الذي بني في أواسط الثلآثينات من القرن الماضي، احتضن العديد من النشاطات الثقافية والفنية (مسرح وتشكيلي)، منذ ذلك التأريخ وحتى اليوم، لم تسعفعه الحكومة المحلية وإدارتها المحلية بتوفير التأثيث المناسب لمنظومات الإضاءة المسرحية والصوت والمؤثرات الفنية الأخرى، والذي لا يكلف أكثر من (60 – 70 مليون دينار) لا غير من ميزانية البصرة، تأخر التنفيذ بعد موافقة السيد رئيس المستشارين السابق وتسليمه الى الإدارة المحلية في ديوان المحافظة، ولم يحدث أي تغيير ملموس. البصرة احتضنت مهرجانين عراقيين لفرق التربية المسرحية، وكانوا يجلبون أجهزة الإضاءه والصوت والثالث قادم، لماذا؟. هل البصرة فقيرة الى هذا الحد، أم هناك من لا يريد ذلك؟ أفتونا.

بهو الإدارة المحلية سوي بالأرض، كمشروع استثماري، قاعة الموانىء قصفت في 1991 وتحولت الى (تجاوزات) قاعة مبرة البهجة الخاصة بالأيتام، تحولت إلى مشروع استثماري، ولم تتبق غير هذه القاعة.

تساؤلي الأخير للسادة المسؤولين وعلى مختلف مواقعهم وتوجهاتهم، كيف تكون البصرة بهذه الحال، مع غياب المسارح وقاعات عرض الأعمال التشكيلية وقاعات للاجتماعات واللقاءات لكي تستوعب نشاطات المدينة الثقافية على مدار العام؟.

كم وفرتم كصروح ثقافية تبقى للبصرة؟، لاستقبال نشاطات مقترحة، لم يتبق غير أعوام قليلة، ومن الممكن ولو بتوفير بعض الأمكنة، بعد اللقاء بالمختصين، وآخر الأخبار تشير الى إعتبار عام 2014 عام السياب من قبل أتحاد الأدباء العرب، ترى ما هي الاستعدادات لمثل هذه الدعوة لأبنها ومبدعها؟.

أي مدينة أو قرية، لا يبنيها لتباهي العالم غير أبنائها الحقيقيين و(بدون ترشيح).

* إعلامي عراقي

إقرأ أيضا