يخشى مواطنو البصرة، إعادة إنتاج الحرب الطائفية التي احتدمت في الأعوام 2006 و2007 في عدة مدن عراقية.
الحرب الطائفية التي اندلعت في العام 2006 عقب تفجير مرقد الإمامين العسكريين، كانت بدايتها بمنشورات حملت تهديدات متقابلة في مناطق مختلطة كانت الغلبة فيها لمن يمثل الأكثرية في هذه المنطقة أو تلك.
وفي هذه الأيام يصحو مواطنون في مناطق ذات اختلاط طائفي على أخبار تفيد بانتشار أوراق تهديد هنا أو هناك تخيّر المتلقين للتهديدات بين الموت أو ترك منازلهم ومغادرة مناطقهم، في ظل وضع أمني مرتبك واستهدافات لعدة مدن بسيارات مفخخة.
يقول أبو أحمد المواطن البصري إن \”الحال اصبح لا يطاق في البصرة، فإضافة إلى نقص الخدمات، عادت عمليات الاغتيال بشكل مخيف\”.
ويلفت في حديثه لـ\”العالم الجديد\” أمس الاحد، إلى أن \”هناك جهات مستفيدة من تردي الوضع الأمني في البصرة، تريد من خلال ذلك أن تثبت للبصريين أن المحافظة تشهد تدهورا أمنيا لأنها خرجت من يد جهة سياسية معينة\”، إلا أن أبو احمد الذي لم يفصح عن اسم الجهة التي قصدها، مكتفيا بوصفها بـ\”المتنفذة\” في المحافظة.
بيد أن جواد البزوني النائب عن محافظة البصرة، يرى أن \”ما يحدث في البصرة مرتبط بشكل وبآخر بتنظيم القاعدة الإرهابي، حيث يسعى لتهجير افراد العشائر السنية للاستفادة منهم في ضمهم للتنظيم للقيام بعمليات إرهابية في البصرة ومناطق أخرى من العراق\”.
وشهدت محافظة البصرة الاسبوع الماضي إلقاء عدد من المنشورات صادرة من جماعة تطلق على نفسها اسم لواء انصار المهدي، تهدد أهل السنة باستهدافهم على خلفية الاعتداءات التي يتعرض لها الشبك في محافظة نينوى فضلا عن عمليات التهجير التي تمارس بحقهم.
وقال مدير ديوان الوقف السني في المنطقة الجنوبية الشيخ عبد الكريم الخزرجي لراديو المربد المحلي إن \”الهدف من ذلك المنشور هو زعزعة الأمن والاستقرار في المحافظة وزرع الفتنه بين أبناء البلد الواحد\”، مشيرا إلى أن \”نسخا من ذلك المنشور قد وصلت إلى جميع مساجد أهل السنة في البصرة\”.
وكانت مديرية الوقف السني في المنطقة الجنوبية، استنكرت الاربعاء الماضي (4 أيلول 2013)، حوادث الاغتيالات التي تعرض لها أبناء الطائفة السنية مؤخرا في محافظة البصرة، فيما اعتبر الوقف الشيعي في البصرة ان تلك الحوادث تهدف لإشعال الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب العراقي.
ويوضح البزوني في حديث مع \”العالم الجديد\” أمس، أن \”الحكومة المحلية اتجهت بعد تسلمها مهامها إلى الشركات العالمية لتنفيذ مشاريع مهمة في المحافظة، الأمر الذي اغضب الشركات الصغيرة والتي ترتبط ببقايا فساد وعلاقات مشبوهة بتنظيم القاعدة، ولها المصلحة في أن يتدهور الوضع الأمني لتمنع الشركات الكبيرة من التواجد في البصرة\”.
ويكشف النائب عن \”تواجد محافظ البصرة في بغداد، حيث التقى بالقائد العام للقوات المسلحة والوكيل الأقدم لوزارة الداخلية ونقل إليهم ضرورة تغيير القيادات الأمنية في المحافظة\”، لافتا إلى أن \”هناك تغييرات أمنية كبيرة ستحدث في البصرة على مستوى القيادات\”.
وتعيش البصرة تراجعا امنيا حادا خلال الايام الماضية، تمثلت بإلقاء منشورات، على الوقف السني في البصرة، فضلا عن اغتيال عضو سابق في مجلس المحافظة من المكون السني واغتيال عدد من ائمة الجوامع السنية، وقتل عدد من المواطنين السنة. واحتوت المنشورات عبارات تهديد وتحميل السنة مسؤولية قتل الشيعة في محافظات نينوى وصلاح الدين وأطراف بغداد الجنوبية، وهذه الأمور مجتمعة أدت إلى إقالة قائد الشرطة في المحافظة اللواء فيصل العبادي.
ويقر جبار الساعدي، رئيس اللجنة الأمنية في محافظة البصرة بـوجود حالات استهداف طائفي للمكون السني في البصرة، ترتبط باحداث استهداف للمكون الشيعي تجري في الموصل وأطراف بغداد في اللطيفية واليوسفية.
ويؤكد الساعدي في حديثه لـ\”العالم الجديد\” أمس، أن \”الأجهزة الأمنية تسعى لإلقاء القبض على مرتكبي عمليات القتل الطائفي أو من يقوم بإلقاء المنشورات التي تدعو للتهجير الطائفي\”، مستدركا بالقول إن \”هناك تحركات لتنظيم القاعدة ايضا لاستهداف المكون السني لغايات خاصة بهم كخلق بيئة مناسبة لتدخل التنظيم وكسب عناصر جديدة لصفوفة بحجة حماية المكون السني المستهدف\”.
في حين، يؤكد منذر رياض، عضو مجلس محافظة البصرة أن \”الوضع في البصرة اذا استمر على هذه الحالة من تهديد وقتل وتهجير لمكون معين، فالجميع سيكون تحت طائلة التهديد\”.
ويلفت رياض في تصريحات تابعتها \”العالم الجديد\”، إلى أنه \”لا يوجد أي دور رقابي أو استخباري صحيح في المحافظة\”، في إشارة إلى تهجير أهل السنة من مناطقهم في المحافظة.
وأضاف أن \”سبب ما يحصل هو الجهد الاستخباري الضعيف الذي يعتمد في اساسه على المخبر السري الذي لا ينقل الحقائق\”، معربا عن أمله بأن \”تأخذ الأجهزة الأمنية دورها بشكل صحيح لعموم البصرة، للحفاظ على أمن الشعب البصري بشكل عام وليس فقط لمكون معين\”.
وبين رياض ان \”تهديد الأهالي اصبح أمرا تقليديا، ويعبر عن جبن وخبث بعض النفوس، وهذا الأمر مستمر\”، لافتا إلى أنه \”منذ فترة ألقيت أوراق فيها تهديد للمساجد وتم اطلاع الأجهزة الأمنية على هذه المنشورات والمراجع الدينية التي أكدت رفضها لهكذا أعمال\”.
وأضاف عضو مجلس محافظة البصرة، ان \”ما يحصل في البصرة تقف خلفه أيادٍ طائفية والأستهداف فقط على شخصيات ووجهاء ومصلي المساجد\”، مبينا أن \”عدد القتلى يصل إلى ما يقارب 12 شخصا في اليوم الواحد تقريباً، لأن الميلشيات تتنقل بين المناطق وتقتل الأهالي بدمٍ بارد وجميع الذين قتلوا كانوا في اثناء خروجهم من الصلاة\”.