على وقع العنف الدائر في منطقة الساحل السوري بين القوات الحكومية والأهالي “العلويين”، أكدت مخرجات اجتماع التحالف الرباعي بمشاركة العراق، مساء اليوم الأحد، على الدعم الكامل لاستقرار سوريا الجديدة، فيما دعا وزير الخارجية فؤاد حسين إلى فتح “حوار سوري” يشمل جميع مكونات الشعب.
وانطلق في العاصمة الأردنية عمان، في وقت سابق من اليوم الأحد، اجتماع دول الجوار السوري، بمشاركة العراق، والهادف إلى مناقشة التحديات الأمنية المشتركة، حيث شارك من العراق في الاجتماع، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين، ووزير الدفاع ثابت العباسي، ورئيس جهاز المخابرات الوطني حميد الشطري.
فيما شارك من الجانب التركي، وزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير الدفاع يشار غولر، ورئيس وكالة الاستخبارات الوطنية إبراهيم قالن، ومن سوريا، وزير الخارجية أسعد الشيباني، وزير الدفاع مرهف أبو قصرة، ورئيس جهاز الاستخبارات أنس خطاب، ومن لبنان، وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى، ومدير المخابرات العميد أنطوان قهوجي.
وقال وزير خارجية العراق فؤاد حسين في الإجتماع “من المهم فتح حوار سوري يشمل جميع مكونات الشعب لتحقيق الاستقرار”، مردفاً: “محارية داعش يتطلب دعما إقليميا ودوليا، واستقرار العراق ينبع من استقرار سوريا”.
بدوره، ذكر وزير خارجية الأردن، أيمن الصفدي، أن “أمن سوريا واستقرارها جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة”، مستدركاً بالقول: “الاجتماع أكد الموقف الموحد لمحاربة الإرهاب ومكافحة داعش، ندعم سوريا بما يحقق أمنها واستقرارها”.
وفي السياق، قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن “بلاده تدين سياسات إسرائيل التوسعية في سوريا، مضيفاً: “ندعم كل الخطوات لحفظ أرواح كل السوريين، يجب أن يبقى جميع مكونات الشعب السوري بعيدا عن إذكاء النعرات”.
في المقابل، قال وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني: “مستعدون للاستمرار في العمل المشترك من أجل مستقبل أفضل للمنطقة”، مؤكداً: “نحمي كل مكونات الشعب السوري ولا نميز بينها ولن نسمح بتكرار مآسي الشعب السوري”.
وأضاف الشيباني: “الحكومة السورية الجديدة هي الضامن للسلم الأهلي، لن نسمح لأي جهة أن تأخذ دور الدولة وكل من تورط في الانتهاكات سيحال للقضاء”.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس السبت، بأن أكثر من 530 “مدنيا علويا” قتلوا منذ الخميس على يد قوات الأمن السورية ومجموعات رديفة لها، وذلك خلال عمليات تمشيط واشتباكات مع موالين للرئيس السوري السابق بشار الأسد في غرب البلاد.
وبدأ التوتر الخميس الماضي في قرية ذات غالبية علوية في ريف اللاذقية على خلفية توقيف قوات الأمن لمطلوب، وما لبث أن تحول إلى اشتباكات بعد إطلاق نار من مسلحين علويين، فيما أثارت هذه الأحداث تفاعلا عراقيا كبيرا على منصات التواصل الاجتماعي.
وتعد الاشتباكات التي اندلعت الخميس الماضي، الأعنف منذ إطاحة الأسد في الثامن من كانون الأول ديسمبر، وتشكّل مؤشرا على حجم التحديات التي تواجه الرئيس الانتقالي أحمد الشرع لناحية بسط الأمن في سوريا، مع وجود فصائل ومجموعات مسلحة ذات مرجعيات مختلفة بعد 13 عاما من نزاع مدمر.
وأعربت وزارة الخارجية العراقية، عن قلقها البالغ إزاء التطورات الأمنية الجارية في غرب سوريا، وأكدت موقف العراق الثابت والداعي إلى ضرورة حماية المدنيين، وفيما أكدت “رفضها المطلق لاستهداف المدنيين الأبرياء”، حذرت من أن “استمرار العنف سيؤدي إلى تفاقم الأزمة وتعميق حالة عدم الاستقرار في المنطقة مما يعيق جهود استعادة الأمن والسلام”.
ودائماً ما تلقي التطورات في سوريا بثقلها بشكل مباشر على العراق، الذي يتشارك حدوداً طويلة معها، إذ يؤثر الوضع المرتبك فيها على الداخل العراقي الذي يحاول الحفاظ على توازن في علاقاته الإقليمية.
وكان المحلل السياسي علاء الخطيب أكد في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “ما يحدث في سوريا لا بد أن تكون له أصداء في العراق، وهو أمر لا مفر منه فهناك حدود مشتركة وعمق سياسي وديني وعقائدي بين البلدين، خاصة أن من تسلموا الحكم في سوريا رفعوا مؤخرا شعارات دينية أو ذات مساس بالمجتمع العراقي كـ(جئناك يا كربلاء) أو (يا خميني شوف شوف)، وهذه الشعارات لا تجعل من المجتمع مستقرا”، مشيرا إلى أن “العراق مر بهذه التجربة ودفع الكثير من شبابه ضحايا وتعرقل استقراره وتأخرت عملية التنمية لسنوات عديدة ولا يريد لأي إنسان أن يرث هذه التجربة”.
الجدير بالذكر أن زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر، وجه رسالة إلى الطائفة العلوية في سوريا، بعد أعمال العنف والقتل التي شهدتها مناطق غرب البلاد، وقال الصدر في بيان نشره على منصة إكس “نهيب بالأخوة العلويين التصرف بحكمة وحذر حفاظا على وحدة الصف السوري، وتضييع الفرصة على المتشددين والمتربصين”، كما دعا الحكومة السورية الجديدة إلى “الابتعاد عن العنف والطائفية، وذلك لأجل ألا يتم اتهامهم بأنهم دواعش وإرهابيون”.
وفي بداية كانون الثاني يناير الماضي وقع الأردن مع سوريا اتفاقية تنص على تأسيس لجنة مشتركة لضمان أمن الحدود، وذلك خلال زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لعمان، التي بحث فيها مع نظيره الأردني أيمن الصفدي قضايا تهريب السلاح والمخدرات واللاجئين السوريين والتعاون الاقتصادي.
وأكد عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية عباس الجبوري، في 6 شباط فبراير الماضي، أن مجلس النواب “متريث” حتى الآن بشأن الانفتاح على الوضع السوري الجديد برئاسة أحمد الشرع، فيما حدد توفير نظام ديمقراطي وتعددي وانساني بعيداً عن التهميش والإضرار بمصالح مفردات الشعب السوري شرطا مقابل الانفتاح العراقي للنظام السوري الجديد.
ولم يتفاعل العراق رسمياً حتى اللحظة مع إعلان الإدارة السورية الجديدة، في 29 كانون الثاني يناير الماضي، تعيين الشرع رئيساً للبلاد في المرحلة الانتقالية.
وتجنب العراق بشكل عام التعامل بشكل مباشر مع الإدارة السورية الجديدة بإدارة الشرع، كما أن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني أكد من جهته موقف العراق الرسمي بالحرص على وحدة الأراضي السورية والاستعداد لدعم عملية سياسية شاملة في سوريا دون التدخل بشؤونها.
واكتفت بغداد إلى الآن بإيفاد وفد رسمي برئاسة رئيس جهاز الاستخبارات العراقي حميد الشطري في 26 ديسمبر كانون الأول 2024، إلى سوريا، حيث التقى الشرع في قصر الشعب بالعاصمة دمشق، وبحث معه جملة ملفات مشتركة.
ومع استمرار الغموض في المشهد السوري، يبقى العراق أمام عدة خيارات في كيفية التعامل مع القيادة الجديدة في دمشق، فمن جهة، قد يقرر إعادة فتح سفارته في سوريا لتعزيز الحوار الدبلوماسي وتأمين مصالحه، لكنه قد يتجنب اتخاذ موقف رسمي من الشرع في انتظار وضوح التوجهات السياسية لدمشق، كما أن بغداد قد تسعى إلى تكثيف التنسيق الأمني مع سوريا لمواجهة أي تهديدات مشتركة، خاصة في ملفي الحدود والتنظيمات الإرهابية، بحسب مختصين.