بعد مرور أكثر من عامين على اعتزاله العمل السياسي، قرر زعيم التيار الوطني الشيعي السيد مقتدى الصدر، اليوم الثلاثاء، الاعتزال عن الناس.
وقال مهند الأسدي المقرب من الصدر، إن الأخير “قرر الاعتزال عن الناس بسبب حدث يوم أمس وأشباهه، وشعور سماحته بأن الناس لا تزال الى هذه اللحظة تنجر خلف مخططات الغرب والفاسدين بعيدةً عن ذوقه وتوجهاته وتعليماته…”.
وحذر زعيم التيار الوطني الشيعي أمس الاثنين، من محاولات لـ”نشر الفتنة زعزعة الأمن” في العراق، وأصدر توصيات إلى أنصاره من بينها نبذ العنف وعدم التحرك إلى بمراجعة “حوزتهم الدينية”.
وفي تفسير لقراره، قال الصدر، بحسب رسالة نقلها حساب “صالح العراقي” الكاشف عن مواقفه، “حافظوا على العراق ومقدساته وسمعته وارجعوا إلى الله وانبذوا كل عنف فهناك من يتربص بعراقنا السوء فلا تعينوه على ذلك لا بقول ولا بفعل ولا أي شيء على الإطلاق، ولا تقولوا قولاً وتفعلوا فعلاً إلا بعد مراجعة حوزتكم المباركة، وكل من يفعل ذلك فأنا منه براء بل وكل العراقيين منه براء”.
وكان القيادي في التيار، صفاء الاسدي، قد أعلن أمس الاثنين، عن “تسليم المعتدين على صورة الشهداء السيد حسن نصر الله والشهيدين أبو مهدي المهندس وقاسم سليماني الى الجهات المعنية”.
ويوم أمس، أقدم عدد من أتباع التيار بتمزيق صور وجداريات الذوات المذكورة في أحد أحياء العاصمة، بغداد.
يذكر أن الكتلة الصدرية انسحبت من البرلمان بتوجيه من زعيم التيار مقتدى الصدر، في حزيران يونيو 2022، بعد خلافات امتدت لأكثر من عام حول تشكيل الحكومة، حيث كان الصدر يطالب بحكومة أغلبية بعد فوزه بأكبر عدد من مقاعد البرلمان، فيما تمسك الإطار التنسيقي بالتوافق.
وبعد استقالة كتلة الصدر النيابية، أثيرت مسألة “أصحاب القضية”، وهم جماعة في التيار يؤمنون أن الصدر هو الإمام المهدي المنتظر، حسب الموروث الشيعي، وهذا الأمر دفع الصدر إلى إيقاف نشاط التيار السياسي والاجتماعي والأمني بالكامل، وأغلق المؤسسات الخاصة به، وقرر عدم خوض الانتخابات أيضا، ما اضطره لنشر تغريدة في 14 نيسان أبريل 2023، أعلن فيها: “لن أستمر في قيادة التيار الصدري وفيه (أهل القضية) وبعض من (الفاسدين) وفيه بعض الموبقات.. فهذا أمر جلل، فلذا أجد من المصلحة تجميد التيار أجمع ما عدا صلاة الجمعة وهيئة التراث و(براني) السيد الشهيد لمدة لا تقل عن سنة.. لأعلن براءة من كل ذلك أمام ربّي أولاً وأمام والدي ثانياً، كما ويغلق مرقد السيد الوالد إلى ما بعد عيد الفطر”.
يذكر أنه منذ العام 2013 أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عدة مرات اعتزال تياره العمل السياسي قبل أن يعود مجددا إلى المشهد العام في العراق.
وفي آب أغسطس 2013 بدأت إرهاصات أول إعلان اعتزال سياسي للتيار منذ آذار مارس 2013 حين لوّح زعيم التيار مقتدى الصدر بالانسحاب من الحكومة ومجلس النواب الذي وصفه حينها بـ”الهزيل”.
وبعد نحو شهر من ذلك عاد للمشهد السياسي منهيا المقاطعة ببيان قال فيه “رغم أني أميل حاليا للاعتزال والعزلة عن المجتمع، إلا أني لم أستطع أن أقف ساكتا أمام هذه الجموع الطيبة المؤمنة السائرة لأبيها الصدر”.
وفي شباط فبراير 2014 أعلن زعيم التيار الانسحاب مجددا من العمل السياسي وحل التيار وإغلاق مكاتبه السياسية، مستثنيا بعض المؤسسات التطوعية والإعلامية التابعة له.
ولم يدم الاعتزال طويلا، حتى شارك التيار الصدري في الانتخابات البرلمانية وفاز بنحو 34 مقعدا باسم “كتلة الأحرار”.
وفي نيسان أبريل 2016 قرّر الصدر تجميد كتلة “الأحرار” التابعة لتياره في البرلمان، محذرا من تحول مسار الاعتصامات التي ينفذها أنصاره إلى “وجه آخر” في حال منعها من القوات الأمنية، قبل أن ينهي المقاطعة في تشرين الأول أكتوبر من العام.
وفي تشرين الأول أكتوبر 2018 جدّد زعيم التيار الصدري عزمه على الانسحاب من الحياة السياسية والتزم بعدم تقديم تحالف “سائرون” الداعم له أي مرشح للحكومة العراقية.
فيما جاء الاعتزال السادس في كانون الأول ديسمبر 2019 عندما أعلن المكتب الخاص بمقتدى الصدر أنه “وجه بإغلاق كل المؤسسات التابعة للخط الصدري لمدة عام كامل” مستثنيا من ذلك مرقد والده وشقيقيه ومكتبه الخاص.
وتبع تلك الإجراءات إغلاق صفحتي محمد صالح العراقي المعروف بـ”وزير الصدر” على تويتر وفيسبوك.
وفي تموز يوليو 2021 أعلن الصدر للمرة السابعة انسحابه من العملية السياسية في العراق والامتناع عن ترشح تياره للانتخابات.
وقال في كلمة إنه “حفاظا على ما تبقى من الوطن الذي أحرقه الفاسدون وما زالوا يحرقونه، وإنقاذا له، نعلمكم بأنني لن أشترك في هذه الانتخابات.. فالوطن أهم من كل ذلك”.
وبعد 3 أشهر من إعلان الانسحاب، عاد تياره للترشح مجددا في الانتخابات البرلمانية محققا نتائج عالية.