عمت حالة من “الإرباك” داخل الأوساط السياسية والاقتصادية، بعد القبض على رجل الأعمال والسياسي البارز جمال الكربولي، وذلك ضمن حملة اعتقال طالت رجال أعمال ومسؤولين تنفيذيين. مصادر مطلعة أشارت الى ضغط سياسي على رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي لإنهاء عمل رئيس لجنة مكافحة الفساد، وأكدت مغادرة رجال أعمال وأصحاب شركات صيرفة، العاصمة بغداد الى “أماكن مجهولة”، كاشفة عن توجيه واحد من أكبر التحالفات السياسية لنوابه بـ”عدم التصريح” حول الامر.
ويقول مصدر سياسي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العشرات من اصحاب مكاتب الصيرفة ورجال الاعمال، غادروا العاصمة بغداد الى اماكن مجهولة، بعد اعتقال رجل الاعمال المعروف ورئيس حزب الحل جمال الكربولي”.
ويضيف المصدر، ان “ضغوطا سياسية تمارس من قبل زعماء وقادة سياسيين، على رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي لتحييد رئيس لجنة مكافحة الفساد احمد ابو رغيف، وعزله نهائيا عن الاعمال الحالية التي ينفذها”.
ويبين مصدر آخ في حديث لـ”العالم الجديد”، ان “حالة إرباك شديدة تشهدها الطبقة السياسية، حيث ظهر تصور بان الايام المقبلة يمكن ان تشهد عمليات اعتقال على مستوى اعلى، وذلك بعد القبض على الكربولي”.
وفجر يوم امس الاحد، اعتقلت قوة امنية كبيرة، رئيس حزب الحل جمال الكربولي، بالاضافة الى ياسر ولؤي الكربولي، بتهم فساد مالي وعقود مشاريع وهمية، بمئات ملايين الدولارات.
ويعد اعتقال الكربولي، تطورا كبيرا في عمل لجنة مكافحة الفساد التي شكلها رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، مطلع تشرين الاول اكتوبر 2020، ووجه بمنحها صلاحيات استثنائية، وكلف الفريق الحقوقي أحمد ابو رغيف برئاسة لجنة التحقيقات الخاصة، ويسانده مسؤول كبير في جهاز المخابرات، على أن يتولى جهاز مكافحة الإرهاب مهمة تنفيذ أوامر الاعتقال القضائية ضد المطلوبين، حال صدورها.
وبحسب بيانات متعددة صدرت من لجان نيابية، فانه يبلغ عدد المحتجزين من قبل لجنة مكافحة الفساد نحو 30 مسؤولاً سابقاً وحالياً قيد التحقيق بدرجات رئيس هيئة ووكيل وزير ومحافظ ومدير عام ورئيس قسم، فضلاً عن رؤساء بنوك وشركات مالية.
وحول هذا الامر، كشف مصدر في تحالف الفتح في حديث لـ”العالم الجديد” ان “توجيها صدر من تحالف الفتح، ووجه لنواب التحالف يقضي بعدم التصريح لوسائل الاعلام حول هذا الامر”.
وقد حاولت “العالم الجديد” التواصل مع نواب التحالف، لكن الردود اغلبها جاءت بالاعتذار عن التصريح، واكد بعض النواب وجود ذلك التوجيه من دون الافصاح عن الاسماء او التفاصيل.
ويأتي هذا المنع، بعد الانباء التي تحدثت عن تدخل زعيم التحالف هادي العامري لاطلاق سراح الكربولي، وهو ما نفاه مكتبه الاعلامي عبر بيان صحفي.
وفيما تواصلت “العالم الجديد” مع العديد من النواب من مختلف الكتل السياسية للتعليق حول قضية اعتقال الكربولي، لكن من دون جدوى بسبب رفضهم أي تصريح، فيما اشاروا الى وجود “تدخل دولي بعمليات الاعتقال التي تجري حاليا”.
وبحسب نائب رفض الكشف عن اسمه، فانه أكد أن “هناك تدخلا دوليا في عمليات الاعتقال، وان السيناريو السعودي قد يتكرر في العراق”، مبينا ان “العراق قد يشهد عمليات اعتقال لسياسيين كبار”، لافتا الى “تهيئة أحد القصور الرئاسية في المنطقة الخضراء، كموقع لتنفيذ هذا النوع من الاعتقالات”.، من دون أن يتسنى لـ”العالم الجديد” التأكد من صحة الأمر.
وفي حالة تبدو شبيهة، أطلق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في تشرين الثاني نوفمبر 2017، حملة واسعة النطاق لـ”مكافحة الفساد”، جرى خلالها احتجاز الكثير من الشخصيات الاقتصادية والسياسية البارزة وعدد من الأمراء النافذين في فندق ريتز كارلتون، بينهم الأمير الملياردير الوليد بن طلال، والأمير متعب بن عبد الله ووزير الخارجية إبراهيم العساف وغيرهم، حيث تحول الفندق الفخم في الرياض على مدى ثلاثة أشهر إلى “سجن ذهبي” لهم، وبعد التوصل الى “تسويات” مالية مع المحتجزين أفرج عنهم.