صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

بعد «التسريبات الصوتية».. الخنجر أمام القضاء

مع اقتراب الانتخابات التشريعية في  العراق، تعود حرب التسريبات الصوتية إلى المشهد السياسي لتزيد من تعقيد المعادلة السياسية، في ظل التنافس والصراع بين القوى السياسية، وجهل بعضها بتقنيات التطور التكنولوجي.

وطالت التسريبات الصوتية هذه المرة، رئيس حزب السيادة خميس الخنجر، حيث انتشر خلال الساعات القليلة الماضية، تسريب صوتي نُسب إلى الخنجر وهو يتحدث فيه بلهجة “طائفية” عن مؤسسات الدولة والحكم في العراق بعد 2003.

وبالرغم من نفي حزب السيادة لصحة التسريبات الصوتية التي نُسبت الى الخنجر والتوجه الى رفع دعوى قضائية ضد القناة ومقدم البرنامج الذي قام بنشره بتهمة التشهير وتشويه سمعة رئيس التحالف، إلا أن النائب محمد الخفاجي، قام بتحريك شكوى ضد خميس الخنجر بشأن التسجيل المنسوب إليه.

وجاء بحسب الوثيقة الصادرة من النائب الخفاجي، وحصلت عليها “العالم الجديد”، فإن “التسجيل تضمن اساءات واضحة للشعب العراقي والتحريض ضده، كما ان تضمن ايضاً الإساءة لمؤسسات الدولة ومن بينها القضاء، فضلاً عن تصريحات خطيرة تضمنها التسجيل”.

وقال رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، بحسب التسريب الصوتي الذي انتشر، أمس السبت، إنه “منذ عام 2003 الحكم هو للميليشيات، وأنا لا أتحدث بصفة طائفية، وإنما أحكي عن موضوع سياسي، هي سيطرت على كل مفاصل الدولة (الميليشيات)، الأمن والاقتصاد والقضاء وحتى التعليم”، مضيفاً: “نحن مهمشون، ونحن كقوى سنية لسنا مطالبين بسلطة وإنما نطالب بتوازن، بدون توازن لن تكون هناك دولة ولن يستقر البلد، الحكم يجب أن يصير لنا، نحن أيضاً من هذا البلد ولنا جمهور ولنا حق، ولا أحد يزايد علينا”.

وأردف: “إن الحكم بعد عام 2003 لم يخلق دولة، بل خلق كيان طائفي مسيّس و(شروكي) يستخدم داخل المؤسسات لمصالحه، وهم يحكمون لمصالحهم باسمهم. البلد تعب، والمحاصصة التي يسمونها (توافق) والتي هي حكم (المشركة) هي سبب الخراب”، و”إذا لم يحدث تغير حقيقي وإعادة توزيع للقرار السياسي بين كل المكونات فنحن مقبلون على انهيار أكبر من ذاك الذي شهدناه، وإذا لم يعُد الحكم للسنة والمشركة تترك الحكم فالبلد سينقلب رأساً على عقب”.

إلى ذلك، أكد النائب مصطفى السند في تدوينة له عبر “فيسبوك”، أنه ” تم تقديم نسخة من التسريب الصوتي للتحقق من صحته”.

وصوت مجلس الوزراء، الشهر الحالي، على تحديد 11 تشرين الثاني نوفمبر المقبل موعدا لإجراء الانتخابات البرلمانية، وذلك بعد تحديث سجلات الناخبين، حيث يحق لنحو 30 مليون عراقي الإدلاء بأصواتهم.

يشار إلى أن في نهاية العام الماضي 2024، أصدر القضاء العراقي، أمراً بتوقيف يزن مشعان الجبوري، على خلفية تسجيل صوتي مُسرّب له كان يتحدث فيه عن “عمولات مالية وصفقات فساد”، لكن بعدها قرر القضاء إخلاء سبيل الأمين العام لحزب الوطن يزن الجبوري، نجل السياسي المعروف مشعان الجبوري، وإسقاط التهم الموجه ضده.

ويرى مراقبون أن العام الحالي والسابق من أكثر أكثر الأعوام التي اشتعلت فيها “حرب التسريبات” الصوتية، خاصة بعد أن بدأ بفضيحة “التنصت”، التي يديرها مسؤول كبير في مكتب رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، وشملت التنصت على معظم زعماء ورؤساء الكتل السياسية، لا سيما داخل قوى “الإطار التنسيقي”، وهو ما أحدث فجوة كبيرة في العلاقة بين السوداني وبعض قيادات الإطار، ما زالت قائمة بحسب مصادر مطلعة.

وكان الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي، أكد في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “ظاهرة التسريبات تعكس حالة الصراعات بين القوى السياسية في العراق مستفيدين من التطور التقني والتكنولوجي في مجال الإعلام والاتصالات وهي تعكس أيضا تطوراً في الصراعات السياسية بالعراق”، مشيرا إلى أن “الخلافات بين القوى السياسية وعجز المؤسسات الرقابية والتنفيذية في إنفاذ القانون هو ما تسبب في شيوع هذه الظواهر التي تعكس حجم هذه الصراعات مع التقدم في بيئة المعلومات والاتصالات، فضلا عن تفشي ظاهرة الفساد الإداري والمالي في المجتمع”.

وعزا التميمي انتشار هذه الظواهر بشكل كبير في البلاد، إلى “الجهل الكبير لدى أغلب المسؤولين الفاسدين الذين لم يتقنوا ويفهموا هذا التطور التقني، ويبدو أن طمع وجشع المسؤولين الفاسدين قد تسبب بهذه الظواهر أيضا”.

ويخلص إلى أن “تلك التسريبات لم تعد تقتصر على جوانب الفساد المالي والإداري، بل وصلت إلى الفضائح السياسية والجنسية لدرجة أن الكثير من أساتذة الجامعات الفاسدين وقعوا أيضا في فخ التسريبات الجنسية مع طالبات لأغراض الابتزاز والتشهير، علما أن الكثير من التسريبات تتم من خلال مؤسسات رسمية وبعضها كبيرة أقحمت نفسها في تلك الصراعات”.

ونشرت وسائل إعلام ومواقع تواصل اجتماعي سابقا مقاطع صوتية نسبت إلى مسؤولين كبار، بعضها كانت ملفقة وأخرى ثبتت صحتها، آخرها للمدير العام لهيئة الضرائب علي علاوي، وفيما وجه رئيس الوزراء بفتح تحقيق بالتسجيل والتأكد من صحته، أصدرت وزيرة المالية قرارا بإقالة علاوي من إدارة الهيئة العامة للضرائب.

وتم تداول تسريبات منسوبة لرئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، على نطاق واسع، في قصة مدوية خلال العام 2022، تحدث فيها عن مسائل حساسة، وشن خلالها هجوما لاذعا على زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، كما هدد بتسليح فصائل لحماية النجف من أي “هجوم” للصدر، ناهيك عن انتقاده فصائل من الحشد.

وأطاحت تسريبات خاصة برئيس هيئة النزاهة حيدر حنون، به من منصبه، بعد انتشار مقطع صوتي، كان عبارة عن اتصال هاتفي يتحدث فيه عن رشى وعن قطعة أرض بنى عليها بيته، وقد أعلن الادعاء العام طلب التحقيق بخصوص التسجيلات، ثم قرر القضاء اتخاذ الإجراءات القانونية بحق حنون بتهم عدة، بينها الإساءة إلى القضاء.

إقرأ أيضا